حرب غزّة: دجاجة الإعلام تبيض ذهباً
في العديد من مدننا وقرانا، تخلو الشوارع والأسواق التجارية من الناس، وكأنّ السلطة أمرت مواطنيها بعدم التجوّل.
معظم الناس يمضون ساعات الليل أمام الشاشات. قلّة قليلة من المشاهدين يستعينون على السهر بالمكسّرات.
نجوم الحرب الراهنة كثيرون، وسأكتب عنهم بعد أن تضع الحرب أوزارها، ويظهر الخيط الأبيض من الأسود، وفي جعبتي الكثير والشائق للحديث عنهم. وأسأل الله أن تكون نهاية الحرب نصراً
الحروب بالنسبة للفضائيات هي دجاجة تبيض ذهباً، فذائعة الصيت منها توسّع مساحة مشاهديها أضعاف أضعاف ما لديها من مشاهدين في زمن اللاحرب، وأمّا المتواضعة فتحظى بمشاهدين جدد يوفّرهم الريموت كونترول الذي ينتقل به الفضوليون من قناة إلى أخرى، ويمكن تسميتهم بمشاهدي الصدفة. وحين تبثّ الفضائيات تغطيتها عبر الأقمار الصناعية التي تغطّي الكرة الأرضية فالصغير كالكبير يحظى بمشاهدين أكثر.
في زمن اللاحرب، توظّف شخصاً أو عدّة أشخاص بوظيفة مفكّر ممّن يجيدون تسويق أجندات المنفق على القناة بلغة احترافية تنطلي على المشاهدين الكرام أو بعض منهم.
أنتجت الفضائيات لكلّ حرب نجماً أو عدّة نجوم، تسطع أثناء العمليات الحربية، إلا أنّها تذوي وتختفي حين تضع الحرب أوزارها، وخصوصاً لو أسفرت عن هزيمة أو عن نصر ملتبس.
قبل زمن الفضائيات، كان نجم النجوم المعلّق الذي كانت كلماته أقوى وأسرع من الرصاص، وهو مدير صوت العرب أحمد سعيد، الذي انطفأ يوم إعلان "النكسة" بنفخة من القيادة السياسية، التي ارتأت إزالته في سياق إزالة آثار العدوان.
في زمن الفضائيات سطع نجم المراسل العالمي بيتر آرنت الذي كان المصدر الوحيد لتطوّرات حرب الخليج والذي تعزّزت مكانته ونجوميّته، حين تمكّن من إجراء مقابلة مع صدام حسين في عزّ الحرب، لم يستطع غيره الحصول عليها.
في الزمن ذاته سطع نجم وزير الإعلام العراقي محمد سعيد الصحّاف الذي كان الجمهور العربي، والجمهور الأجنبي الذي يقرأ تصريحاته مترجمة، ينتظرانه بفارغ الصبر، فهو المقاول النشط لإنجازات العراق في تلك الحرب، وصاحب المفردات الجاذبة للجمهور، ومنها وصفه لقوات التحالف "بالعلوج".
اختفى الصحّاف مع انتهاء الحرب تلك، وكان المسؤول العراقي الوحيد الذي لم يُعتقل، وحين سُئل عن بلاغاته المنتصرة قال:
نجوم الحرب الراهنة كثيرون، وسأكتب عنهم بعد أن تضع الحرب أوزارها، ويظهر الخيط الأبيض من الأسود، وفي جعبتي الكثير والشائق للحديث عنهم. وأسأل الله أن تكون نهاية الحرب نصراً.