حتى يتجنب الأردن مفاجآت الإقليم

{title}
أخبار الأردن -

ماهر أبو طير

يبدو السؤال مهما اليوم حول الذي سيفعله الأردن إذا تدهورت أوضاع الإقليم بشكل أكبر، خصوصا، مع المهدد الإسرائيلي الذي لا يمكن تلطيفه حاليا، ولا على المدى الإستراتيجي.

سياسات الدولة تدير المشهد بشكل يمكن الجدل حول قوته أو ضعفه، لكن المؤكد أن الإدارة الداخلية يجب أن تفرض تحولات مبكرة، منذ الآن، خصوصا، أن إدامة السياسات ذاتها، والإدارات ذاتها، يعني أن مبدأ الإدامة يعكس تقييماً يقول إن لا شيء مستعجلا، وأن الأمور مستقرة، وأن ردود الفعل المتوترة غير مطلوبة، وهذه الصورة المستقرة، من حيث ثبات السياسات والإدارات، قد لا توصل الرسالة هنا، بل قد تعبر عن عدم تقييم عميق لكلفة المشهد في الإقليم.

الأردن أمام حرب في فلسطين، تركت أثرا خلال الأشهر الثلاثة الماضية على الداخل الأردني من ناحية سياسية واقتصادية، وإذا تواصلت الحرب سوف تشتد التأثيرات على الأردن، خصوصا، إذا تمددت كما هو معروف نحو القدس والضفة الغربية، والأخطار هنا متنوعة، عسكرية، وأمنية، وسياسية، ولها علاقة حتى بطبيعة موازنة الدولة، وتغطية أي ثغرات قد تستجد، إضافة إلى حالة الانجماد الاقتصادي الداخلية التي ترتد على تحصيلات الخزينة، ومع كل هذا تموضع الأردن أمام المشروع الإسرائيلي ذاته ومدى سلامته من مخططات إسرائيل التي قد تمر بقصص التهجير الكلي أو الجزئي، أو حتى محاولة فرض سيناريوهات لإعادة رسم الخريطة الأردنية الحالية، والاستيلاء على مساحات منه، وصولا إلى كل تفاصيل هذا المهدد.
ما لا ينكره أحد أيضا أن الأردن محاط بالحرائق من كل مكان، حلفاء إيران في سورية ولبنان، والمشروع الإيراني في المنطقة، وصولا إلى أخطار اليمن التي تشمل إطلاق الصواريخ قرب العقبة والمهددات هنا تشمل العقبة كمنطقة اقتصادية خاصة، وميناء وهي القريبة جدا من مدن فلسطين المحتلة، وأيضا ما يرتبط بالعراق، وجواره ووجود إيران فيه، وأي عمليات عسكرية قد تستجد من هذه المساحات، أو محاولات القصف وتهريب السلاح، وقد يبدو الكلام وكأن الأردن عالق وسط دول تستهدف إسرائيل وبالتالي من الطبيعي أن تصلنا الحرائق، ان لم تكن النيران ذاتها، لكن القصد هنا يقول شيئا ثانيا، أي أننا وسط إقليم تتداعى أركانه فعليا، ولا يجوز أن تدار شؤوننا على أساس شراء الوقت للسلامة، أو تدبر الأمور، وفقا لما هو متاح، خصوصا، ان المعادلات تتغير يوميا، ولا يمكن الركون هنا إلى أي ضمانات أميركية أو غربية، بل ان هذه الضمانات قد تصبح في لحظة ما، سببا لترسيم مواقعنا في معسكرات لا نريدها اصلا.
والأمن الإقليمي هنا لا يستثني مصر ومكانتها وجوارها الجغرافي معنا، وما يمكن ان تتعرض له، وسط اصرار من جانب دول كثيرة على محاولات العبث باستقرار مصر، وتعريضها لاخطار كبيرة، تتجاوز المراحل السياسية التي تحكمها، والأمر ذاته يمتد الى كل دول الاقليم، خصوصا، ان قراءات الحرب في غزة، تؤشر على أن المواجهة الأكبر في المنطقة ستبدأ أصلا بعد وقف حرب غزة، من باب تصفية الحسابات الإسرائيلية والأميركية، مع كل المساحات السياسية التي حاولت الاقتراب من أمن إسرائيل، بما في ذلك الدول الراعية، والحاضنة، وهذا يعني بشكل مباشر، ان حرب غزة، ليست فلسطينية وحسب، بل تمثل مشهدا اقليميا ودوليا، من حيث الواقع الحالي، والنتائج الإستراتيجية، أيا كانت نتائج هذه الحرب ضد الفلسطينيين.
الخلاصة تقول ان تعزيز الاستقرار داخل الأردن لا يكون بإدامة السياسات والإدارات ذاتها، تعبيرا عن الصلابة والقوة، بل بتشكيل انعطافة عميقة في كل شيء بما في ذلك السياسات والإدارات، تستبق القادم على الطريق، حتى لا نجلس في حالة مباغتة، وكأننا نكتشف موقعنا الجيوسياسي المكلف لاول مرة، هذا على الرغم من كل المؤشرات التي تتنزل علينا.
نحن لسنا دولة عظمى في الإقليم والعالم، ولدينا مشاكلنا وأزماتنا الكثيرة، لكننا بحاجة إلى خطة عمل من نوع آخر، حتى لا نباغت بمفاجآت وتطورات غير متوقعة على مستوى الإقليم.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير