عن تلك العدالة الدولية

{title}
أخبار الأردن -

مالك العثامنة

الإبادة الجماعية؛ التواطؤ في الإبادة الجماعية؛ الإبعاد؛ القتل؛ والاضطهاد لأسباب سياسية أو عنصرية أو دينية؛ الأفعال اللاإنسانية/النقل القسري؛ الإبادة؛ السجن؛ التعذيب؛ القتل العمد؛ الحبس غير القانوني؛ التسبب عمدا في معاناة كبيرة؛ الترحيل أو النقل غير القانوني؛ التدمير والاستيلاء على الممتلكات على نطاق واسع، والذي لا تبرره الضرورة العسكرية ويتم تنفيذه بشكل غير قانوني وتعسفي؛ المعاملة القاسية؛ نهب الممتلكات العامة أو الخاصة؛ الهجمات على المدنيين؛ التدمير أو الإضرار المتعمد بالآثار والمؤسسات التاريخية المخصصة للتعليم أو الدين؛ هجمات غير قانونية على أهداف مدنية.

هذا الوارد أعلاه، الترجمة النصية الحرفية لما ورد في لائحة اتهام المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة ضد سلوبودان ميلوسيفتش، وقد نصت لائحة الاتهام الصادرة عن تلك المحكمة على أن ميلوسيفيتش كان مسؤولاً عن الترحيل القسري لـ 800.000 من الألبان العرقيين من كوسوفو، وقتل مئات من ألبان كوسوفو ومئات من غير الصرب في كرواتيا والبوسنة.

كان لهذه العدالة الدولية حينها والتي تمثلت بمحكمة بدأت عملها الرسمي عام 1993 وانتهت أعمالها رسميا بآخر المحاكمات نهاية عام 2015، أثر كبير في نشر الإحساس العام في البلقان بوجود عدالة دولية، كان حضورها له أثره الذي تنعم به البلقان كلها اليوم.
لا تملك المحكمة إعادة الحياة للقتلى، لكنها نزعت فتيل الانتقام الدموي لدى الضحايا جميعا.
ولنا أن نتخيل أوروبا اليوم لو لم تكن هناك عدالة دولية تنصف الضحايا وتدين بمحاكمات دولية علنية المجرمين وتصفهم بما يستحقون وتعرض تفاصيل جرائمهم وتعطي حق الشهادات القانونية على منبرها لكل الضحايا والمكلومين.
حسنا، فلنحاول إسقاط تلك التهم الموجهة واحدة تلو الأخرى على ما يحدث في غزة والضفة الغربية، وليكن إحقاقا للعدالة أن نماهي تلك التهم على جميع الأطراف، لا بأس.. فليس لدى طرف من هم تحت الاحتلال ما يخسرونه أكثر من ذلك، لتكن محاكمة دولية عادلة وعلنية وأمام سمع وبصر "وضمير" سكان الكوكب كله.
هناك أكثر من 12 ألفا من ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة. حصاد موت هائل لا يمكن أن تكون الأرقام فيه مبررة في خانة "الدفاع عن النفس". 
هؤلاء الذين تم قتلهم بحصاد موت جماعي يومي معلن، تركوا وراءهم ورثة الدم، أغلب الشهود "عيانا ورعبا" كانوا من اليافعين والأطفال، من سيكبر منهم سيبقى يحمل مرارة الظلم، وتلك المظلومية الدموية القاهرة ستكبر شعورا بالانتقام من كل العالم، لأن العالم الذي حاكم ميلوسيفيتش، وعمر حسن البشير في عصرنا الحديث، لم يكترث لتحقيق العدالة لهؤلاء.
يقول وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن مصداقية المجتمع الدولي كله انهارت، ومن يجرؤ أن يقول عن نفسه معتدلا فقد مصداقيته.
هذا كلام صريح وواضح ورسالة تنبيه شديدة اللهجة موجهة إلى المجتمع الدولي، وكما يقول الصفدي فهذا "أمر خطير".
لا يمكن إعادة الحياة إلى كل القتلى في تلك الحرب العدوانية، لكن إرث الدم الذي يمكن أن يكبر ممزوجا بفقدان كامل لمصداقية العدالة الدولية سيفضي إلى أبواب جحيم يغذيها الانتظار.
لا يوجد حل عملي وواقعي إلا إعادة تلك المصداقية لعدالة المجتمع الدولي، وهذا طريقه واضح ومنهجيته لا التباسات فيها، وعنوانه الوحيد وقف الحرب بالقوة الدولية والمساءلة القانونية، تماما كما حدث مع ميلوسيفيتش وعصابته.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير