عن ثورة التربية والتعليم وتحدياتها

{title}
أخبار الأردن -

مالك العثامنة

من بين كل برامج الإذاعات الصباحية، أستمع إلى برنامج "صباح النون" على إذاعة نون. وهذا مشروع إعلامي أكبر من إذاعة بكثير يقوم عليه شباب يقودهم شاب أردني مبدع، وهذا حديث آخر له مقامه.


برنامج "صباح النون" يقدمه الزميل الجدلي والصديق عمر كلاب، وهو برنامج نوعي فعلا يعتمد موضوعا يوميا كمحور أساس للحديث، مما خلق ما يشبه إعادة ضبط لتلك البرامج الصباحية التي يضج بها أثير عمان بالصراخ والتجاوز.

حلقة الأمس "الأحد" كانت عن المناهج التعليمية، وهي عملية تأتي في سياق ثورة تربوية وتعليمية تسير ببطء لكن بثقة وعلمت عنها الكثير من الدكتور عزمي المحافظة وزير التربية والتعليم والتعليم العالي.
في موضوع المناهج تحديدا، كان ضيف البرنامج الدكتور ذوقان عبيدات، واسم الرجل مرتبط عضويا بكل العملية التربوية والتعليمية سواء كان في مساهماته الوظيفية أو مساهماته الفكرية في المقالات والمحاضرات التي عرفه بها الناس.
بعيدا عن الحادثة الغريبة التي ورد ذكرها في الحلقة عن "منع" الدكتور عبيدات من دخول المركز الوطني للمناهج وهو يحمل حزمة ملاحظات، إلا أن الحديث عن المناهج التعليمية بات قضية وطنية ملحة لا يجب النظر إليها كقرار إداري عادي أو عملية تأليف كتب مكررة.
نحن أمام مفترق طرق في كل الدولة الأردنية، خصوصا في عمليات الإصلاح السياسي والإداري، وهذا كله يتطلب كحجر أساس وعيا اجتماعيا وثقافيا وسياسيا يسمح لكل عملية الإصلاح في كل مستوياتها ان تنجح بفعالية. 
والوعي لا يمكن أن يتأتى بدون عملية تعليمية حقيقية مدروسة بعناية خالية من أدبيات الدجل والشعوذة والتدليس باسم المقدس أو بعنوان "الوطنيات" الإنشائية.
في الحلقة التي استمعت إليها أمس باهتمام، كان أحد الضيوف على الهاتف رئيس اللجنة النيابية للتربية والتعليم في مجلس النواب، والذي حاولت الخروج منه بجملة مفيدة واضحة عن الدور التشريعي في كل العملية التربوية وموضوع المناهج تحديدا فلم أحصل على ما يرتقي للموضوع من أهمية، رغم كل محاولات الصديق عمر كلاب الاحترافية بامتياز في توجيه الأسئلة المحددة للضيف النائب.
وهذا مؤشر خطير على أن موضوع التربية والتعليم ما يزال بعيدا عن سلم الأولويات في مفاصل كثيرة من الدولة.
طبعا، القصة ليست في المناهج فقط، هي ركن أساسي من أركان موازية تبدأ بتأهيل المعلمين، ورفع سوية الموارد البشرية في المنظومة ولا تنتهي بالأبنية المدرسية التي تحتضن كل شيء، والأبنية كما فهمت من وزير التربية لها مشروعها العميق والخاص للنهوض بها ويتطلب ذلك تضافر جهود مؤسسات الدولة والتشريعات اللازمة.
لا يمكن أن نكون بدون معرفة علمية حقيقية تبدأ من الصفوف الابتدائية الأولى، وكل مراحل التعليم المدرسي ثم الجامعي، يترافق ذلك مع تخطيط "دولة" محترف لحاجات سوق العمل وربطها بالتعليم العالي، غير التعليم المهني الذي صار بحاجة إلى ضبطه بقواعد تعليمية صارمة.
مشروع التربية والتعليم يجب ألا يتم إهماله كما لا يجب تسييسه، هو مشروع دولة يجب دعمه، ويكفي خسارتنا الفادحة في الوقت والجهد ذات أزمة سياسية عبثية مع نقابة المعلمين، وقد خسرنا فيها أهم أكاديمية تدريب للمعلمين فصارت معرفتها وخبرتها مطلبا إقليميا في كل دول الجوار إلا منظومتنا المحلية.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير