لماذا دخل حزب الله في الهدنة اختياريا؟!
ماجد توبه
كان لافتا ان حزب الله اللبناني اوقف بمبادرة منفردة منه اطلاق النار ضد العدو الصهيوني في شمال اسرائيل منذ دخول الهدنة بين المقاومة الفلسطينية واسرائيل حيز التنفيذ في قطاع غزة، حيث اعلن حزب الله التزامه بالهدنة دون ان ينخرط بمفاوضاتها او يطلب منه لك، وذلك بعد ان اذاق اسرائيل في الشمال على مدار ايام العدوان على غزة المر باطلاق المسيرات والصواريخ والاصابات والقتلى، دفع مقابلها عشرات الشهداء وتدمير مواقع له بقصف اسرائيلي.
في السياق ذاته، اعلن البنتاغون الاميركي اليوم عن توقف الهجمات شبه اليومية ضد القوات والقواعد الاميركية في العراق وسوريا منذ دخول الهدنة في غزة قبل ستة ايام، وهذا تم ايضا بمبادرة ذاتية من جماعات المقاومة المحسوبة على ايران.
الواضح ان ثمة رسالة مهمة تريد ان تبعث بها حركات المقاومة ومحور ايران الى الولايات المتحدة والعالم قبل اسرائيل طبعا، وربما لا يهمها ان وصلت الرسالة لاسرائيل ام لا، فهذه الاخيرة أعماها عدوانها ورغبتها بالانتقام لانهيار صورتها يوم طوفان الاقصى 7 اكتوبر عن
اية حسابات اخرى.
فما هي الرسالة التي تبعث بها المقاومة اللبنانينة وتلك المصنفة على ايران بعد ان سعت لاشعال اكثر من ساحة وان كان بصورة محدودة؟ الرسالة الاولى كما يبدو هي التاكيد على وحدة الساحات امام المقاومة، وهو ما تخشاه اسرائيل واميركا، وهي رسالة بان وقف قصف غزة سيقابله وقف استهداف الشمال الاسرائيلي والقواعد الاميركية وتهدئة الاوضاع في الاقليم كله، وسحب فتيل الانزلاق لحرب اقليمية تخشاها اميركا وزجت بكل قواتها واساطيلها للتحذير منها.
كذلك؛ فإنها رسالة لمن يهمه الأمر ان كل المقاومات غير الفلسطينية ملتزمة بما تقرره المقاومة الفلسطينية بغزة، وتدعم خياراتها، ما يعني ان صاحب القرار بالتهدئة والتصعيد هو لحماس، وعلى من يسعى لسحب فتيل الازمة في الاقليم كله عليه التوجه لصاحب القرار بغزة ما يعطي قوة اكبر لموقف المقاومة الفلسطينية امام العالم واللاعبين الفاعلين بالساحة الدولية.
رسالة المقاومة اللبنانية وتلك التي في العراق وسوريا واليمن تؤكد في الوقت ذاته انها ستعود لاعمالها العسكرية فور توقف الهدنة في غزة وعودة الة العدوان للضرب هناك، والعودة لمربع التحذير من تدحرج الأمور الى حرب اقليمية واسعة، خاصة وان ما تهدد به اسرائيل هو ان المرحلة المقبلة من العدوان لن يتوقف – كما يحلمون – الا بالقضاء على حماس واخراج غزة كلها من معادلة المنطقة والصراع، ما يعني كشف ظهر المقاومة اللبنانية وتلك المحسوبة على ايران امام اسرائيل والولايات المتحدة.
ولنلاحظ، في هذا السياق، الفرق بين سلوك اسرائيل وبين سلوك المقاومة خارج فلسطين، فالعدو الاسرائيلي يستغل الهدنة في غزة لتكثيف عدوانه المجرم على الضفة الغربية ومخيماتها كما في جنين ونابلس وبلاطة والدهيشة والعروب والخليل وغيرها، ويزداد اجرامه في القتل والتدمير والاعتقالات بالضفة بحثا عن صورة اي انتصار تمحو ما لحق ويلحق به من انكسارات منذ يوم السابع من اكتوبر وفشل تحرير اسراره بذراعه العسكرية.
وانظر كيف تتكشف، بعد تحرير الاسرى، حجم الجرائم النازية، المرتكبة في معتقلات وسجون الاحتلال ضد الاسرى الفلسطينيين من عدو فقد كل توازنه بعد ما ذاقه في غزة من كارثة وهزيمة وتحطيم للاسطورة.
ما يجري من تنسيق ومعاضدة بين المقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية وغير اللبنانية في وجه الحرب والتحشيد الاسرائيلي والاميركي الغربي، اضافة الى ثبات وصمود غزة ومقاومتها رغم فداحة الخسائر، والتغير الواسع في الراي العام تجاه ما يجري من حرب ابادة، كل ذلك يمكن ان يفسر اليوم اندفاع الولايات المتحدة الى الضغط باتجاه هدن طويلة وتبادل واسع للاسرى، بل وحتى وقف اطلاق نار ضمن صفقة سياسية لم تتضح ملالمحها بعد.