الاخبار العاجلة
صورة الاحتلال الإسرائيلي تتهاوى في العالم

صورة الاحتلال الإسرائيلي تتهاوى في العالم

 

نضال منصور

ترقب العالم بكل قلق التأخر في صفقة تبادل الأسرى بين حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، والاحتلال الإسرائيلي، وساد شعور بالخوف من فشل استكمال عمليات التبادل، ووقف الهدنة المؤقتة، وعودة إسرائيل إلى حرب الإبادة التي لا تملك غيرها. 

صفقة التبادل طرحتها حركة حماس مبكرا، ورفضها نتنياهو وعصابته في حينها، ولكنهم عادوا وقبلوا بها مع تعديلات طفيفة، وقرار حماس بتأخير الإفراج عن الدفعة الثانية من الرهائن كان لخروقات إسرائيلية للاتفاق الذي تعهد الوسطاء القطريون، والمصريون، والأميركان باحترامه وصونه. 

بعد 50 يوما من بدء العدوان الإسرائيلي على غزة تكشفت بجلاء جرائمه، وحالة التعاطف معه بدأت بالتراجع، والتلاشي، وسرديته التي يقدمها للمجتمع الدولي سقطت، ولم تعد سوى أكاذيب، وحتى الداعمون له من حكومات غربية، أصبحوا يشعرون بالعبء الذي يضعه هذا الكيان الصهيوني عليهم، وبدأت المفردات تتغير، وتماسك المواقف العمياء المؤيدة تتصدع، وتنهار. 

ما يقلق العدو الصهيوني ويثير رعبه أن 95 بالمائة من حركة الاحتجاجات، والتظاهرات في العالم مؤيدة لفلسطين، والخط التصاعدي بعد الأسبوع الأول للعدوان لم يتوقف، وأيضا المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي الداعم لفلسطين، وعدالة قضيتها يكتسح بعد طغيان "البروبجندا" الإسرائيلية في الأسبوع الأول والثاني من العدوان، وهذا التغيير رصدته الدراسة التي أعدتها مؤسسة "مكانة 360" في الأردن. 

بالتأكيد طغيان المحتوى الإسرائيلي على منصات التواصل الاجتماعي لا يعود إلى مشروعية الحرب والعدوان، وانما لتواطؤ إدارات منصات التواصل الاجتماعي، والخوارزميات التي تضعها لحجب المحتوى المناصر لفلسطين، والدعاية التي يُدفع عليها الملايين في الغرب لتضليل الرأي العام، والانحياز السافر لوسائل إعلام غربية تحول بعضها لأبواق دعاية إسرائيلية. 

الحركات المؤيدة لفلسطين في كل الدول الغربية بدأت تنشط بشكل مؤسسي، وممنهج، وهذا يفزع اللوبيات الصهيونية التي كانت تنظر لهذه الساحات أنها محسومة لها، وحدائق خلفية لتحركاتها، ولكن هذا العدوان على غزة قلب الطاولة عليهم، فمثلا استطلاع غلوب في أميركا أظهر بعد أسبوعين خسارة الرئيس الأميركي بايدن 12 بالمائة من مؤيديه بين جمهور الحزب الديمقراطي، والتوقعات أن يستمر المنحنى بالتراجع، وخسارة بايدن للانتخابات الأميركية المقبلة مرجحة ما لم تتحرك قيادات الحزب الديمقراطي لإنقاذ الوضع.

أزمة الرئيس بايدن بسبب مواقفه غير الأخلاقية خلال العدوان على غزة، لا تختلف كثيرا عن أزمة العديد من الزعماء الغربيين كزعماء ألمانيا، وبريطانيا، وفرنسا، فرغم أن شوارعهم تهدر بأصوات منددة بالحرب، ومناصرة للحق الفلسطيني، إلا أنهم يديرون ظهورهم، ولا يصغون لصوت شعوبهم الرافضة، وهؤلاء جميعا ستطاردهم لعنة غزة، وربما تسقطهم جميعا في الانتخابات القادمة. 

صناعة الصورة التي أتقنتها إسرائيل لعقود طويلة بدأت تخسرها، فهي لم تعد تلك الدولة الديمقراطية وسط محيط من الديكتاتوريات، فالأصوات الفاشية اليمنية داخلها تحرق كل شيء من أجل تحقيق رغباتها المتعطشة للدماء والقتل، وتدمر ما تبقى من الأكاذيب عن الدولة المتحضرة الديمقراطية. 

كثيرة هي التفاصيل التي يمكن التقاطها في تهاوي صورة إسرائيل، فزعماؤها يجاهرون بتصريحات تؤكد نيتهم في ارتكاب جرائم حرب، وهم أمام الكاميرات يريدون محو غزة عن الخريطة، وحتى لو تطلب الأمر إلقاء قنبلة نووية عليها، وعديدة هي التصريحات التي تدعو للمذابح ذهب ضحيتها آلاف الأطفال في أبشع جريمة في التاريخ. 

أنظر لصورة مقاتلي كتائب القسام كيف يتعاملون مع أسراهم بودّ، ويظهرون الرحمة، يحملون العاجزين منهم إلى سيارات الإسعاف، ولذلك تلتقط عدسات الكاميرات كيف يودع الرهائن آسريهم بكل احترام، وفي المقابل يبطش الاحتلال بمستقبلي المُفرج عنهم، ويضربون الصحفيين ويعتدون عليهم أمام "سجن عوفر"، ويجبرون المُفرج عنهم على توقيع تعهدات يرميها المحررون في سلات القمامة، وحين يصلون مدنهم يكونون في مقدمة التظاهرات التي تهتف ضد الاحتلال. 

العدوان على الشعب الفلسطيني في غزة، والضفة الغربية لم يضع أوزاره، والهدنات المؤقتة فرصة لأهل غزة ليلتقطوا أنفاسهم، ويواصلون المواجهة من أجل الحرية، وحياة كريمة. 

المكاسرة السياسية، والعسكرية، والإعلامية بين حماس وكل فصائل المقاومة مع العدو الإسرائيلي مستمرة، ورغم كل التدمير في غزة، فما يزالون قادرين على فرض إرادتهم، وشروطهم، ومعركة الأسرى تُظهر أن الأهداف الإسرائيلية التي أعلنتها عند بدء الحرب تتقهقر، فصفقات التبادل للأسرى تتم وفق خطوة مقابل خطوة، وحماس ما تزال تقاوم، وقادتها صامدون، وحين تتوقف الحرب سيخرجون رافعين رايات النصر، أما نتنياهو فسينتظره السجن مع قادة حربه.


تنويه.. يسمح الاقتباس وإعادة النشر بشرط ذكر المصدر (صحيفة أخبار الأردن الإلكترونية).