الترانسفير عود على بدء،،،
سائد كراجة
في خضم التنسيق البريطاني الصهيوني لقمع الاضراب العام والثورة الفلسطينية الكبري - 1936 – 1939-، عرض بن غوريون زعيم الهاجانا على المندوب البريطاني ارثر ميلر فكرة ترحيل الفلسطينيين المهجرين من قراهم ومدنهم الفلسطينية الى منطقة شرق الأردن فأجاب "انها فكرة جيدة"، وفي ذات السياق بعثت بريطانيا لجنة بيل التي شرعنت حق تهجير "السكان المحليين طوعاً او كرهاً تمهيداً لإقامة دولة يهودية". وكانت الهاجانا شكلت لجنة سرية اسمها لجنة "الترانسفير" بزعامة يوسف فايتس، كانت مسؤولة -حسب وثيقة صهيونية سربت مؤخراً- عن تهجير الفلسطينيين بالقوة والإرهاب وتدمير القرى والمدن، وقد نجحت هذه الخطة في تهجير اكثر من 700 ألف فلسطيني تقريبا قبيل عام 1948.
المشروع الصهيوني واضح يهدف لتأسيس دولة يهودية، على كامل أرض إسرائيل الكبرى التي تضم اضافة لفلسطين التاريخية، الأردن وجزء من كل من مصر وسورية والعراق والسعودية. هذا المشروع يقوم على إلغاء حق العودة وتهجير الفلسطينيين الذين يتعارض وجودهم مع مفهوم الدولة اليهودية.
إستراتيجية التهجير هذه "متفق عليها" بين أحزاب اليمين والمرحوم اليسار الإسرائيلي، كما أن نهج تطبيق هذه الاستراتيجية أيضاً" متفق عليه" وهو تغيير الأمر الواقع على الأرض بالتدريج واستخدام هذا الأمر الواقع الجديد باعتباره حقا صهيونياً يبنى عليه لمزيد من ابتلاع الأرض وتهجير السكان، ولك في الاستيطان في الضفة الغربية مثالاً حيث ارتفع عدد المستوطنين منذ أوسلو ليصل حوالي 750 ألف مستوطن.
على صعيد الأردن ومنذ بن غوريون لم تتراجع إسرائيل عن مخطط تهجير الفلسطينيين للأردن، وظل "الحل الأردني" والوطن البديل مطروحاً طوال فترة الصراع العربي الإسرائيلي، ولقد ساهمت الصهيونية الناعمة مثل صهيونية رابين وبيريز في خديعتنا أن مخطط التهجير إلى الأردن لم يعد قائماً، والواقع انه ومنذ بن غوريون ومروراً بحكومة شامير وليس انتهاء بعصر نتنياهو الحاقد، فقد ظل مخطط تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن قائماً.
ماذا نفعل الآن؟ أول ما نفعله هو ضرورة مراجعة ثوابتنا السابقة في العلاقة مع إسرائيل وذلك بموضع إسرائيل باعتبارها عدواً وليس صديقاً ولا حتى صديق محتمل وهذه قضية أساسية في الاعداد والتخطيط وإعادة النظر في جميع شؤوننا الأردنية، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وعسكرياً، علينا مراجعة شاملة لمرحلة " صداقة إسرائيل" السابقة، والاعداد لمرحلة" عدوان إسرائيل"، بما يشمل مراجعة ليس فقط الاتفاقيات التي وقعناها مع الكيان، بل أيضاً مراجعة تحالفاتنا جميعها السياسية والاقتصادية وربما استضافة والتحالف مع كل القوى التي تساهم في ردع عدوان اسرائيل علينا.
وعلينا أيضاً إعادة تقييم علاقتنا مع أميركا على نحو يضمن تقدير موقف الأردن والدور الذي يلعبه في المنطقة، فيجب على أميركا للاحتفاظ بصداقة الأردن أن تقدم ما يستحقه دور الأردن وليس الفتات الذي يقدم الآن! يجب الخروج من فكرة أن الأردن مرتهن للمساعدات الأميركية إلى فكرة أن الأردن مستحق لهذه المساعدات، أميركا دولة كاوبوي مرتَهنة للمشروع الصهيوني، ولها مصالح في المنطقة، وهي أكثر دولة تفهم منطق المقايضة والأردن بلد محوري يجب ان يٌقدر موقعه الجغرافي ودوره، ولا أقل من أن نطالب إصدار قانون من الكونغرس يعلن رفض أميركا لسياسة التهجير للأردن، ولعل التلويح والسعي نحو توسيع علاقتنا في المنطقة صار ضرورة قصوى.
الأردن دولة مئوية جابهت وتجاوزت الكثير من المخاطر الوجودية، وحماية لها يجب أن نعمل على تمتين الجبهة الداخلية والتي لم تكن موحدة قوية كما هي الآن وذلك، بالتأكيد على مشروع التحديث السياسي والإداري وتغيير نمط عمل الحكومات لتحقيق الاستقلال الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ومحاربة الترهل والفساد، وتوسيع مشروع التحديث ليصبح مشروعَ حوار وطني يجعل من الجبهة الداخلية ورقة ضغط في السياسة الخارجية لتحقيق هدف الجميع وهو حماية الأردن، دستورياً وجغرافياً وشعبياً، ومن هذا المنطلق علينا إعلان التمسك الشعبي والرسمي بحق عودة الفلسطينيين أينما وجدوا، لأرض فلسطين التاريخية وأكثر من ذلك وأمام المخطط الواضح لاستباحة الضفة الغربية، إعلان التمسك أيضاً بحق جميع الأردنيين في العودة إلى الضفة الغربية باعتبارها ما تزال ارضاً اردنية. بدنا نشتغل سياسة جنابك!