عسكريًا.. إسرائيل ما زالت في حالة انهزام
د. راكز الزعارير
ما زالت إسرائيل في حالة انهزام في معركتها الحالية بعد شهر ونصف من البداية في 7/ أكتوبر، برغم عملياتها الجوية والبحرية والبرية المتواصلة على مدى ٢٤ ساعة يومياً على قطاع غزة، وتواجه مقاومة صلبة من قبل المقاتلين الفلسطينيين، من خلال العمليات الهجومية المعاكسة على الآلة العسكرية الإسرائيلية من دبابات وناقلات ودروع وغيرها، إما بتفجيرها أو تعطيلها أو مهاجمة طواقمها العسكرية، والقنص والاصطياد لأفراد المشاة والقوى المتحركة على الأرض لقوات الجيش البرية الإسرائيلية، واستمرار إطلاق الرشقات الصاروخية التي تستهدف كافة المناطق بعمق ٨٠ كيلومترًا داخل إسرائيل.
الفشل العسكري والاستراتيجي يتمثل بعدم تحقيق أي من الأهداف الرئسية الثلاثة التي حددتها القيادة السياسية والعسكرية العليا في إسرائيل، لحربها على غزة والمتمثلة: باستعادة الرهائن لدى المقاومة، والقضاء على قادة حماس بقتلهم أو اعتقالهم أو استسلامهم وإلقاء سلاحهم، وتدمير البنية التحتية العسكرية والقدرة التسليحية للمقاومة في غزة.
الفشل الذريع جاء من عدم تحقيق العملية البرية بعد توغلها في القطاع وهدفها الرئيس الوصول أو استكشاف مواقع القيادة والانفاق وإدارة العمليات للمقاومة، وهذا مؤشر جديد على فشل المعلومات الاستخبارية العسكرية الاستطلاعية والعمليات الاستخبارية التكنولوجية التي تسبق كل عملية هجوم، وعدم تمكن هذه العمليات من تحديد أهداف واضحة ودقيقة لعمليات الهجوم أو التمشيط التي تقوم بها هذه القوات في منطقة شمال غزة.
التخبط الإسرائيلي الممزوج بالفشل والعصبية السياسية، ناتج عن قدرة المقاومة في تظليل جيش الاحتلال وإخفاقه في الوصول أو النيل من أهداف استراتيجية للمقاومة، ولذلك لجأت القوات الإسرائيلية إلى مهاجمة واحتلال المستشفيات والمدارس والمراكز المدنية، بحجة البحث عن المقاومة، وذلك للتغطية على إخفاقاتها بتحقيق الأهداف أمام الرأي العام الإسرائيلي والدولي، وكان آخرها إخلاء مجمع مستشفى الشفاء، حيث غادره مئات الفلسطينيين سيرًا على الإقدام في حالة إنسانية يندى لها الجبين أمام المجتمع الإنساني العالمي، وقصف مدرسة الفاخورة التابعة لـ'الأونروا» في شمال غزة، راح ضحيتها حسب مصادر فلسطينية عدد كبير يتجاوز ٢٠٠ من الشهداء من النازحين الفلسطينين.
في ذات الوقت تعرقل القيادة العليا في إسرائيل كل التفاهمات التي تبحث موضوع تبادل الأسرى، وكلما يتم اتفاق وشيك، تغير في موقفها، وذلك لسببين الأول: انقسامات داخل حكومة الحرب حول توجه وإصرار «الجنرالات» نحو ضرورة تحرير الأسرى من خلال العملية العسكرية والأمنية بهدف تحقيق نصرًا صوريًا لإسرائيل أمام الجبهة الداخلية الإسرائيلية والمجتمع الدولي، والسبب الثاني استمرار الضغط العسكري بقوة دون هدنة إنسانية لتبقى الجبهة الإسرائيلية متماسكة خلف الجيش والمحافظة على استمرار بقاء التأييد الدولى لإسرائيل تحت عنوان حق الدفاع عن النفس، والاستمرار المنفلت بتنفيذ العمليات العسكرية في كامل قطاع غزة.
المقاومة الفلسطينة بالمنظور العسكري الاستراتيجي القصير المدى لا زالت تحتفظ بميزة إنجازها في الضربة الاولى يوم ٧/تشرين اول، بالرغم من الثمن الباهض من الشهداء، وإسرائيل بجبروت قوتها العسكرية لا زالت تبحث عن تفوق شكلي على المقاومة بالمنظور العسكري.