الاخبار العاجلة
جلالة الملك.. ودبلوماسية الفرصة الأخيرة

جلالة الملك.. ودبلوماسية الفرصة الأخيرة

النائب الدكتور فايز بصبوص

ضمن إطار المعركة الدبلوماسية التي يخوضها الأردن على الصعيد الدولي، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني من أجل شرح أبعاد التمادي الصهيوني في قطاع غزة، محذراً جلالته من أن هذا التمادي سيؤدي الى تصعيد يمس الإقليم برمته.

هذا وقد توج جلالته كل ذلك أمس خلال مشاركته في قمة الرياض العربية-الإسلامية، وقبلها خلال زيارته إلى بلجيكا ولقائه رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل موضحاً أن لا حل للصراع إلا من خلال البعد السياسي وهو حل الدولتين، مشدداً جلالته على أن وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية للقطاع المحاصر، والذي يتعرض لأبشع أشكال العدوان بشكل دائم هو مفتاح حل الإزمة الإنسانية التي يتعرض لها الأهل في غزة.

امتداد هذا العنوان سيؤدي الى تصعيد في الضفة الغربية وخاصة مع ازدياد اعتداءات المستوطنين المسلحة على أبناء الضفة.

هنا نقول أن جوهر زيارة وتحذيرات جلالة الملك بامتداد الصراع إقليميا يعني زيادة وتيرة الصدام بين الشعب الفلسطيني في الضفة وقوات الاحتلال الصهيوني من جهة والمستوطنين من جهة أخرى، وان هذا التحذير الملكي ينبع من حكمة جلالته ومعرفته بخفايا التصعيد بالضفة الغربية بالتوزاي مع المجازر التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وان الهدف غير المعلن او معلن بغطاء انساني وهو سياسة التهجير القسري في الضفة والقطاع وان هذا المشروع رغم الموقف الأردني والعربي وخاصة الاشقاء في مصر يرفضه رفضا قاطعا وقد اسهب جلالة الملك بشرح هذه المخاطر مضيفا ابعادا أخرى تغيب عن الذهنية السياسية والإعلامية وهو ان ما تشهده الضفة الغربية من اقتحامات وقتل يومي والممارسات العنفية ضد الحركة الاسيرة الفلسطينية النابعة من الانتقام من كل ما هو فلسطيني ستشعل الضفة الغربية وستؤدي الى توسيع في دائرة المقاومة الفلسطينية بشكليها المسلح والمدني.

وان هذا الربط ما بين الضفة وغزة هو ربط طبيعي تضامني قد اعتدنا عليه، ولكن في ظل المرحلة الاستثنائية في المنطقة والتحول بالانحياز الأميركي السافر لصالح الكيان الصهيوني، دون الأخذ بعين الاعتبار ما تمارسه الحركة الصهيونية ودولة الاحتلال من تصفية عرقية وجرائم حرب وخرق فاضح للقانون الإنساني الدولي.

وأن هذا الانحياز الاعمى وغض النظر عن ممارسات الكيان الصهيوني في الضفة الغربية والمثال على ذلك هو حصار منطقة بيت لحم منذ لأكثر من 8 ساعات قرب كنيسة المهد من اجل مطلوب فلسطيني فقد أغلقت كل الضفة الغربية بالتوازي مع اعتداءات المستوطنين على كرامة الفلسطينيين مستهدفين اقتلاع أشجار الزيتون في موسم الزيتون وهو رمز تقليدي وديني للشعب الفلسطيني.

وهو ما زاد من منسوب الاحتقان لدى الشارع الفلسطيني في الضفة وهو جوهر زيارة جلالة الملك الى بروكسل مقر حلف الناتو والمجلس الأوروبي وهي بمثابة التحذير الأخير ما قبل الكارثة اذا ما بقي ذلك التدمير الممنهج للإنسان والحجر والمكان في غزة وإعطاء الضوء الأخضر للمستوطنين بالاعتداء اليومي على الشعب الفلسطيني من خلال ما تم تسليحه من هذه القطعان حتى تعتدي بغطاء مباشر من جيش الاحتلال دون رقيب او حسيب وخاصة في ظل ما يتكبده الكيان الصهيوني في حربه البرية في قطاع غزة من خسائر فادحه في المعدات والارواح من قبل المقاومة الفلسطينية.

إذن نستنتج أن جلالة الملك قد حذر مراراً وقدم الفرصة الاخيرة في الخروج من المأزق، مستبقاً الكارثة القادمة والحرب التي ستلقى انعكاساتها على كل الإقليم وان الأردن على وعي تام بالمخطط الصهيوني اتجاه التهجير القسري وسياسة الاحلال والاقتلاع والممارسات ضد الوقف الأردني واستهداف الوصاية الهاشمية أيضا كل ذلك يأخذه الأردن بعين الاعتبار ولذلك جاء تصريح رئيس الوزراء بشر الخصاونه بان أي تهجير للشعب الفلسطيني من القطاع الى مصر او من الضفة الى الأردن يرتقي الى مستوى اعلان حرب.

اللافت للنظر وبعد انتهاء زيارة جلالة الملك دعت نائبة رئيس الوزراء البلجيكي بترا دي سوتر الى فرض عقوبات على إسرائيل بسبب ما يحصل في غزة قائلة «لا يمكننا ان نقف مكتوفي الايدي بينما يقتل الأطفال كل يوم في غزة » داعية أيضاً الى وقف اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والكيان الصهيوني وحظر استيراد منتجات المستوطنات منوهة الى أهمية منع المستوطنين الصهاينة الإسرائيليين العدوانيين والسياسيين والعسكريين المذنبين من ارتكاب جرائم حرب.

هنا هذا التحول في الموقف البلجيكي انه ومنذ بداية العدوان على القطاع كان موقفا متوازنا ولكنه شهد تحولا حقيقيا بعد زيارة جلالة الملك وانعكست رؤية جلالة الملك في تحول يطالب لأول مره بإيقاع عقوبات على الكيان الصهيوني وملاحقة وضبط اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية وهو ما تلمسته سوتر من خلال موقف جلالة الملك الحازم والحاسم اتجاه ما يقوم به الكيان الصهيوني باعثا برسالة ان على الدول التي تتبنى الديمقراطية الحقة والعدالة الإنسانية وان لا تكيل بمكيالين عندما يكون الأطفال والمستشفيات والنساء والشيوخ وقوداً لمعايير لا إنسانية مرفوض جملة وتفصيلا في ضمير كل من يملك الحد الأدنى من الاخلاق.


تنويه.. يسمح الاقتباس وإعادة النشر بشرط ذكر المصدر (صحيفة أخبار الأردن الإلكترونية).