الاخبار العاجلة
نصفق للكذب ولا نتقبل الواقع !

نصفق للكذب ولا نتقبل الواقع !

 

 محمد الوشاح

بعد الحرب التي شنتها اسرائيل على لبنان عام 2006 بسبب أسر حزب الله لجنديين اسرائيليين ، تم تكليفي للتوجه الى بيروت لتغطية الحرب ومتابعة الوضع العسكري هناك ، وقد سُعدت كثيراً لهذه المهمة لأرى – حسب إعلام الحزب - أشلاء الغزاة الإسرائيليين على الأرض اللبنانية ، وحال وصولي مطار بيروت غادرتُ الى الضاحية الجنوبية ، حيث صُعقت بعد الوصول اليها من حجم الدمار وأعداد القتلى والجرحى اللبنانيين فيها .

غامرتُ بركوب سيارة أجرة من بيروت باتجاه صيدا ، ومنها الى مدينة صور ، فرأيتُ على الدرب المحفوفة بالمخاطر أرتال السيارات المحروقة بسبب قصف الطائرات الاسرائيلية ، وفي ذات المنطقة سمعتُ من القادمين من قرى الجنوب أن القوات الاسرائيلية عبرت نهر الليطاني بعد أن احتلت معظم قرى الجنوب اللبناني ، في الوقت الذي كنت أسمع لحسن نصرالله بالراديو وهو يتحدث عن انتصارات متتالية في الحرب ، كما أعلن عن اطلاقه لأربعة آلاف صاروخ باتجاه اسرائيل ، لكنها حسب التقارير سقطت في أماكن غير مأهولة ، من غير أن تُحدث أضراراً في العمق الاسرائيلي .

 

 وهنا وقفتُ لحظة تفكير مع نفسي حول ما سمعتُ من أصحاب الرايات السود من مبالغات وبيانات كاذبة ، وتذكرتُ فيما بعد الإعلام العربي وهو يتغنى طوال فترة الحرب عن التقدم الباهر لحزب الله ، لأدرك بعدها أن الأمة العربية عاشت لمدة 34 يوماً مسرحية هزلية .
 وفي ظل القصف الجوي الدائر من حولي وحفاظاً على حياتي رجعت بعد هذه الرحلة الخطيرة الى صيدا ومنها الى مقر إقامتي ببيروت لأتابع تطورات الوضع العسكري من هناك ، وبعد أيام قليلة انتهت الحرب التي سمّاها نصر الله بالوعد الصادق ، والتي كلفت الدولة اللبنانية عشرات المليارات من الدولارات ، دون أن تحقق هدفاً واحداً للبنان أو فلسطين ،، ثم عدت الى عمان بعد أن اكتشفتُ الكثير من الكذب وتضليل الشعوب العربية بالشعارات الوهمية الزائفة .

 

وبعد شهر على توقف الحرب وضع نصر الله عقله برأسه وقال ، لم نتوقع ولو واحداً في المائة أن تؤدي العملية الى حرب بهذا الحجم وبهذا الدمار للمنازل وتهجير للسكان وقتلى وجرحى ، ولو عرفنا بأن هذه المغامرة الطائشة ستقود الى هذه النتيجة لما قمنا بها قطعاً .
لقد كتبت قبل عدة أيام بأن الأمة العربية لم تستفد حتى الآن من أخطائها السابقة ، سواء في حرب 67  أو الحرب الإيرانية أو غزو الكويت وغيرها ، ومع كل ذلك لا زالت راكبة رأسها وماضية في المغامرات غير المدروسة ، دون اعتبار لغلطاتها التاريخية السابقة واستنتاج العبر منها .

تنويه.. يسمح الاقتباس وإعادة النشر بشرط ذكر المصدر (صحيفة أخبار الأردن الإلكترونية).