الاخبار العاجلة
ما أشبه اليوم بالبارحة

ما أشبه اليوم بالبارحة

د. اخليف الطراونة

(غزوة الخندق أيام الرسول الأعظم محمد بن عبدالله في العام 627م ومعركة غزة وأنفاقها.

عندما تشتد الصعاب، وتتكالب أمم الشرّ وتجتمع على الباطل، مؤمنة أن منطق القوة هو الذي يجب أن يسود دون أي اعتبار لحياة الآخرين الذين لا يقيمون لها وزناً، ولا يأبهون لأبسط قواعد الإنسانية، فتضيق قلوب المستضعفين في صدورهم؛ وينقطع الرجاء؛ عندها يكون المرء أكثر حاجة إلى أرضية صلبة عمادها الإيمان بالله، بوصفه الملاذ والمرتجى لعبور هذه الأزمة، والاستعداد لملاقاة عدو الشر هذا، والبحث عن أسباب النصر والتمكين، والثبات، واللهج بالدعاء اليه سبحانه وتعالى، وعندها يكون البحث في صفحات التاريخ عن أمجاد تقرَ به عيناه، وتملأ ?عوره فخاراً واعتزازاً واليقين بأن النصر سيكون حليفه مهما بلغت التضحيات، ورغم الحاضر المثقل بالخذلان والضعف والهوان وعدم نصرة ذوي القربى.

واليوم ونحن نرى أهلنا في غزة هاشم وهم يسطرون أبهى معاني العزة والتضحية والفداء والثبات على الحق، وأبهى صور الإيمان والفداء أمام أعتى قوى الظلم والاستبداد والاستكبار والهمجية، والذين يحملون فكراً عنصرياً صهيونياً ودينياً مأفوناً بالقتل والخراب والاستعلاء، يعكس أمراضهم النفسية، اليوم نجد أن حال أهلنا الأباة والصابرون والمرابطون في غزة أقرب ما يكون إلى حال المسلمين في غزوة الخندق التي سميت أيضاً بـ » غزوة الأحزاب"؛ لتحزب اليهود و المشركين وأنصارهم وأعوانهم من بعض قبائل العرب على محاربة رسول الله صلى الله عليه?وسلم؛ بهدف القضاء عليه وعلى الإسلام و المسلمين بصورة نهائية، و سُميت بالخندق لأن المسلمين تحسبوا مداهمة العدو فحفروا خندقاً في الواجهة الضعيفة؛ فمنعوا الأحزاب من اقتحام مواقعهم.

ومعركة اليوم في غزة تحزّب فيها اليهود مع أميركا وبريطانيا وفرنسا بصورة مباشرة، وباقي الدول الأوروبية وكندا وأستراليا والسويد وغيرهم لنصرة الباطل على الحق؛ بهدف القضاء نهائياً على المقاومة الفلسطينية وعلى حاضنة المقاومة غزة، ولكنهم اصطدموا بقوة المقاومة وصلابة عقيدتهم القتالية، وبالأنفاق التي جهزت، كما جهز المسلمون الخندق حول المناطق الضعيفة في المدينة لمنع (قوى الأحزاب) من دخول المدينة. ولأن الحرب كانت بين الحق والباطل؛ فقد زهق الباطل انه كان زهوقا، ونصر الله الرسول ومن معه، وأرسل ريحاً صرصرا عتية قلبت موا?ين المعركة.

ما أشبه اليوم بأمس، ووجود عوامل مشتركة بين مقاربة الخندق بالأنفاق، وتجمع الأحزاب واجتماع المتغطرسين وقتالهم البربري وتدميرهم الوحشي واللإنساني لغزة وأهلها، مع مراعاة السياق التاريخي والسياسي لكل حدث منفرداً، واختلاف التفاصيل لكل واحد منهما باختلاف الزمان والمكان و معطيات المعركة وظروفها.

الخندق وغزة معركتان يتجلى فيهما التضحيات والفداء والأخذ بأسباب النصر والقوة والثبات على الحق واليقين بنصر الله تعالى وتمكينه لأهله الصابرين الذين يرون في الشهادة عزة وشرفاً ومكرمة يجود الله بها على عباده الصالحين. مصداقاً لقول رسولنا الكريم الذي نرى فيه بشرى ووعدا: «إن أفضل جهادكم الرباط وإن أفضل رباطكم عسقلان».

آه لو يجود الله علينا- نحن العرب والمسلمين–في هذا الزمان بالوحدة والتلاحم والمصير الواحد المشترك والوقوف صفاً واحداً في وجه الطغاة الظالمين القتلة المجرمين لردعهم عن جرائمهم التي يندى لها جبين كل إنسان حرّ في هذا العالم؛ فنحن نمتلك من أسباب القوة والمنعة ما يمكننا من ذلك. آه حتي يبح الصوت مني.


تنويه.. يسمح الاقتباس وإعادة النشر بشرط ذكر المصدر (صحيفة أخبار الأردن الإلكترونية).