الحكومة بمأزق حبس المدين.. والأردنيون في حالة ترقب
تعد قضية "حبس المدين"، من أكثر القضايا التي تخطف اهتمام الأردنيين، لا سيما مع اقتراب إقرار مشروع القانون المعدل لقانون التنفيذ لسنة 2021، وسط حالة من الجدل العميق بين النخب السياسية والقانونية بشأن ضرورة تحقيق التوازن بين الدائن والمدين.
ذلك الجدل واشتداه بات يضع الحكومة في مأزق، خصوصا بعد تصريحات رئيس مجلس النواب، المحامي عبد الكريم الدغمي، التي هاجم فيها بشدة، مشروع القانون كما أرسلته الحكومة للنواب، واعتبره غير متوازن وفيه هضم لحقوق الدائنين.
وفيما تدفع فئة باتجاه التخفيف قدر الإمكان من الحالات التي تستوجب حبس المدين، تدفع فئة أخرى بالتشديد على ألا يكون ذلك على حساب الدائن وحقوقه.
"أنصار المدين"، يؤكدون أن "الحبس بالقضايا المالية يتعارض مع المواثيق الدولية، ولا يمكن أن تحل مشكلة المدين والدائن لأنه وفي أثناء عملية الحبس لا يمكن للسجين دفع المبلغ المدين"، لافتين إلى أن "المنظمة الدولية لبحث السياسات الجنائية أصدرت قبل عامين تقريرا يشيرا إلى تزايد نسبة السجناء في معظم دول العالم، والأردن كان من بين 6 دول تزايد فيها عدد السجناء، حيث تؤكد أن ما بين 65-70% من نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل معظمهم يتم حبسهم لجرائم تتعلق بجرائم اقتصادية".
في المقابل، يرى "أنصار الدائن"، أن مشروع القانون غير منصف للدائنين ويضع حقوقهم المالية في مهب الريح، متسائلين "كيف للدائن أن يحصل حقه؟".
اللجنة القانونية النيابية، أنهت خلال اجتماع عقدته الخميس الماضي، مناقشة المشروع بعد إدخال بعض التعديلات على مواده لتقوم برفعه لمجلس النواب لاتخاذ القرار المناسب بشأنه.
وفي مشروع القانون الجديد، تم تعديل الحد الأدنى من التسوية التي تحول دون حبس المدين لتكون النسبة بقيمة 15% من قيمة الدين المطالب فيه، إضافة إلى التسوية الشهرية التي يتم الاتفاق عليها بين الدائن والمدين.
كما تضمنت التعديلات مسألة الكفالة، حيث كان يطلب في السابق كفالة عدلية أو مالية في قرار استئناف الحبس الصادر من دائرة التنفيذ، وبموجب التعديلات الجديدة فإن قرار استئناف الحبس لا يحتاج إلى كفالة، حيث أصبحت الكفالة فقط لوقف قرار الحبس.
وخفضت التعديلات مدة الحبس لتصبح 60 يوماً بدلاً من 90 يوماً في السنة الواحدة عن دين واحد، وبحد أقصى مهما تعددت الديون، على أن لا تتجاوز 120 يوماً، بمعنى أنه لا يجوز حبس المدين في السنة نفسها أكثر من 120 يوماً.
وتضمّن "معدل التنفيذ"، عدم جواز حبس المدين إذا عجز عن الوفاء بالتزام تعاقدي باستثناء عقود الإيجار والعمل، شريطة أن يسري هذا الحكم بعد مرور 3 سنوات من تاريخ نفاذ أحكام القانون المعدل.
كما تضمّن مشروع القانون الحالات التي لا يجوز فيها حبس المدين بالمطلق، ومن أهمّها: حالة إذا قلّ المبلغ المحكوم به عن 5 آلاف دينار.
ومن ضمن هذه الحالات أيضاً المدين المحجور عليه للسفه والغفلة، والمدين المفلس أثناء معاملات الإفلاس، والمدين المعسر وفقاً لأحكام قانون الإعسار، والمدين المحجور عليه وفقاً لأحكام القانون المدني والزوجين معاً أو إذا كان زوج المدين متوفى أو نزيل أحد مراكز الإصلاح والتأهيل إذا كان لهما ابن يقل عمره عن 15 سنة أو من ذوي الإعاقة، إضافة إلى المدين المريض بمرض لا يرجى شفاؤه ولا يتحمل معه الحبس، وذلك استناداً إلى تقرير لجنة طبية رسمية.
كما لا يجوز حبس المدين إذا كان المحكوم به دينا بين الأزواج أو الأصول أو الفروع أو الأخوة ما لم يكن الدين نفقة محكوماً بها، أو إذا كان الدين موثقاً بتأمين عيني.
ولا يجوز حبس المدين أيضاً إذا قل مجموع الدين المنفذ أو المبلغ المحكوم به عن 5 آلاف دينار، أو إذا ثبت وجود أموال للمدين كافية لأداء الدين وقابلة للحجز عليها، ولا يحول عدم حبس المدين وفقاً لأحكام هذه المادة دون اتخاذ أي من التدابير الاحتياطية بما فيها منع المحكوم عليه من السفر.
وبلغ عدد المطلوبين على دين مدني لغاية تاريخ 1-4- 2022، ما يقرب من 148269 شخصاً، حيث يشمل هذا الرقم جميع المدنيين الصادرة بحقهم مذكرات إحضار ما قبل جائحة فيروس كورونا، ومذكرات منع السفر التي صدرت بعد صدور أمر الدفاع رقم 28، والذي يقضي بتأجيل تنفيذ قرارات حبس المدين للمبالغ المحكوم بها والتي لا تتجاوز 100 ألف دينار.
ووفق الأسباب الموجبة، فإن "معدل التنفيذ" جاء تحقيقاً للتوازن بين الدائن والمدين، ووصولاً إلى قانون تنفيذ يضمن تحقيق العدالة لجميع الأطراف، والحد من حبس المدين بوجه عام، ومنع حبس المدين في بعض الحالات التي يمكن أن تترتب عليها آثار اجتماعية سلبية وضرر بأفراد عائلة المدين.
كما جاء لمُعالجة الثغرات التي كشف عنها التطبيق، إضافة إلى تحقيق الانسجام بين نصوص قانون التنفيذ وقوانين موضوعية ناظمة لبعض أنواع السندات.