الوضع العسكري في غزة

{title}
أخبار الأردن -

د. راكز الزعارير

جيش الاحتلال الإسرائيلي استكمل استعداداته للاجتياح العسكري البري لقطاع غزة، وتؤكد القراءات والتحليلات الاستخبارية الاستراتيجية والعسكرية أن إسرائيل لن تتراجع عن خيار الحرب البرية على القطاع لأنها وحسب «رئيس الحكومة نتانياهو حياة أو موت بالنسبة لدولة إسرائيل»، لكن هناك تأجيلا وترددا في عملية اختيار التوقيت المناسب لساعة الصفر.

التقديرات الاستخباراتية والعسكرية الاسرائيلية تقدر بأن هذه الحرب ستستغرق عدة شهور إذا لم يحدث انعطاف في قدرة المقاومة، حسب تصريحات جيش الاحتلال نتيجة القصف الجوي والضغط العسكري والحصار والوضع اللاانساني الكارثي للمدنيين، وقد وضعت أهداف استراتيجية لحرب طويلة أهمها: السيطرة عسكريًا وجغرافيًا على قطاع غزة وضرب القدرات العسكرية والبنى التحتية للمقاومة، ثم الاستمرار ربما لسنتين أو اكثر لإنها حكمها وأيديولوجيتها التي تقوم على عدم شرعية الدولة العبرية على أرض فلسطين، وتصفية قادتها العسكريين وبشكل خاص «السنوار ومحمد ضيف» وانهاء حكمها السياسي في غزة وتصفية القيادات السياسية لها في الداخل ومطاردة قادتها في الخارج، ومتابعة كل النشطاء العسكريين وخاصة الذين شاركوا في هجوم ٧/ اكتوبر.

التردد في تنفيذ الدخول البري وتأجيله عدة مرات تحكمه عدة عوامل: منها قلة المعلومات النوعية الاستخباراتية العسكرية الاسرائيلية/ الهجومية عن المقاومة الفلسطينية واستراتيجيتها في الحرب البرية المتوقعة وعن أماكن احتجاز الرهائن، ومثل هذه المعلومات هي أساس اتخاذ قرار تنفيذ العمليات العسكرية الهجومية، ويبدو ان الحصول على المعلومات سيأخذ وقتاً لتنويع مصادرها وتأكيدها من مصادر تكنولوجية أو اخرى، وكذلك مزيداً من التنسيق مع الاستخبارات العسكرية الدولية الاخرى الحليفة لإسرائيل والمؤيدة لها في حربها على غزة، وخاصة الأميركية منها. وانتظار وصول مزيد من إمدادات الأسلحة المتطورة من الولايات المتحدة والدول الغربية خاصةً ما يتعلق بأسلحة قادرة على تدمير الأنفاق في غزة، ووصول قوات دعم أميركية للانتشار استراتيجياً في المنطقة.

الأمر الآخر هو الخوف من حجم الخسائر البشرية التي سيتعرض لها جيش الاحتلال، حيث أن القيادة السياسية العليا في إسرائيل، «رئيس الوزراء، مجلس الوزراء المصغر، رئيس الدولة» اتخذت القرار بحرب برية، ولكنها بنفس الوقت لا تستطيع أن تتحمل مزيداً من الخسائر البشرية الكبيرة أو الفشل، لأن ذلك سيكون بمثابة ضربة قاضية لحكومة نتانياهو وائتلافها من الأحزاب المتطرفة.

إن الروح المعنوية لدى جيش الاحتلال الاسرائيلي كانت بعد ٧ أكتوبر في أدنى مستوياتها على الإطلاق، ولذلك فان الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية الحالية تركز على إعادة رفع الروح المعنوية تدريجيًا قبل الشروع بعمليات برية، ولذلك اعتمدت خلال الـ ١٧ يوما الماضية على العمليات الجوية المتواصلة ليلًا نهارا والقصف المدفعي، وهذا ما يعرف باستراتيجية الأرض المحروقة ولها هدفان: أولهما إيقاع أكبر حجم ممكن من الخسائر البشرية والمادية واللوجستية في قطاع غزة، وثاني أهدافها هو التمهيد للدخول البري.

من عوامل التأجيل أيضًا هو إطالة المدة لاستنزاف صبر المقاومة الفلسطينية، واستنزاف الدعم اللوجستي والعسكري لها وذلك من خلال الحصار، وتطورات موضوع إطلاق سراح الرهائن لدى «حماس».

سياسة الإعلام الإسرائيلي والإعلام العسكري حالياً تركز على حرب نفسية باتجاهين الأول: إعادة تعزيز ثقة شعب إسرائيل بالجيش وامن الدولة والقيادة السياسية العليا في إسرائيل، وكذلك إعادة ثقة الحلفاء الاوروبيين والولايات المتحدة الأميركية بقدرات وتفوق الجيش الإسرائيلي والثاني: إرهاب وتخويف المقاومة الفلسطينية وشعب غزة من حجم العملية البرية والاستعدادات النوعية لها.

في الجانب الفلسطيني فان المقاومة كما تعلن قياداتها العسكرية مستعدة نفسيًا ومعنوياً وعسكريًا للدفاع بقوة نوعية، وأنه حسب التقييم الاستراتيجي للوضع الدفاعي في غزة، فمن المتوقع أن المقاومة ستنتهج استراتيجية تعتمد: محاولات اختراق قوى بشرية في العمق الاسرائيلي والاقتناص والعمليات الفردية والأسلحة المضادة للدروع والدبابات ضد القوات العسكرية الهجومية، وزراعة الألغام والمفخخات والكمائن، مع الاستمرار بإطلاق كثيف للصواريخ وتنويعها ضد أهداف حيوية منتقاة في إسرائيل.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير