الحج إلى تل أبيب

{title}
أخبار الأردن -

محمود الخطاطبة

البداية كانت من رئيس الولايات المتحدة الأميركية، جو بايدن، الذي أطلق شرارة ظلم جديد، وتأكيد على عدوان همجي تقوده قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، عندما قام بزيارة إلى المُحتل الغاصب، وتعد أول زيارة لرئيس أميركي لدولة الاحتلال الإسرائيلي، في خضم عدوان تشنه الأخيرة على شعب أعزل يعيش في بقعة لا تتجاوز مساحتها الـ365 كيلومترا مربعًا.

في زيارته تلك، وكأن بايدن يؤذن في المجتمع الدولي، أو بمعنى أدق، قادة أولئك من يدعون أنهم أهل الحُريات والديمقراطية وحقوق الإنسان، إلى الحج لدولة الاحتلال، في سابقة نستطيع أن نُطلق عليها مصطلح «حجيج دبلوماسي لدعم إسرائيل».. فقد اجتمع الرئيس الأميركي مع قادة الاحتلال، لمدة سبع ساعات، ومن قبله كان وزير خارجيته أنتوني بلينكن يجتمع بالمدة نفسها مع مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي، بغية تقديم دعم كامل للحملة الوحشية على غزة.

وما هي إلا سويعات، حتى بدأ قادة ورؤساء ومسؤولو دول تسببت وما تزال بمعاناة كثيرة للمنطقة، على رأسهم رئيس وزراء بريطانيا، ريشي سوناك، والمستشار الألماني، أولاف شولتز، ووزراء في إيطاليا وكندا، بالتوافد إلى «ربيبتهم»، وحامية خططهم غير الأخلاقية، والتي لا تنم عن وجود ذرة إنسانية لديهم، بينما من المقرر أن يصل اليوم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للغاية نفسها.
لقاءات أولئك مع كبار قادة المحتلين، كانت واضحة المعالم، ولأول مرة كانوا أكثر جرأة وصراحة وصدقًا، لكن هذه المرة في سبيل تنفيذ مخططات شيطانية صهيونية.. الرسالة واضحة «إننا معكم.. فامضوا إلى الأمام، ونحن خلفكم».
قادة الغرب، وعلى رأسهم بايدن، الذي هاتف، من قبل زيارته المشؤومة تلك، رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، خمس مرات في أول أربعة أيام من العدوان الغاشم، أكدوا جمعيهم، من غير أن يرمش لهم جفن، أنهم لن يوقفوا الدعم العسكري من خلال جسور جوية وأخرى بحرية، لهدف وحيد يتمحور حول إمداد الكيان الصهيوني بكُل ما يمتلكونه من أسلحة فتاكة، لقتل مدنيين عُزل، من بينهم أطفال ونساء ومُسنون، وكأن الأخيرين «ليسوا بشرا أو آدميين».

يوجهون رسالة تلو الأُخرى، للغزيين بشكل خاص، والأُمتين العربية والإسلامية بشكل عام، مفادها بأننا داعمون للعدوان الإسرائيلي.. داعمون لحرب الإبادة والتطهير العرقي والتهجير القسري، وسنبقى كذلك حتى ما بعد انتهاء عملية الهجوم البري على غزة، والتي باتت أهدافها لا تخفى على أحد، ولن يسلم منها أحد يعيش في هذه المنطقة.
الجديد في الأمر، أن الغرب، وعلى غير عادته الذي يتقن فنون الخُبث والمراوغة والتحايُل، هذه المرة كان واضحًا، غير مرائي أو خجل، في دعم المجازر الوحشية، التي ترتكبها قوات الاحتلال ضد الإنسانية، بلا أي مُراعاة للمواثيق والقوانين الدولية، التي تمنع قصف المدنيين، والمُستشفيات، وتُحرم منع إمدادات الغذاء والدواء والكهرباء والمياه.
مُلخص القول، إن الصهاينة يُريدون تهجير الفلسطينيين، أكانوا أهل قطاع غزة أم الضفة الغربية، وقد يصل الأمر إلى عرب (1948)، والغرب بقادته ومسؤوليه، وأسلحته وطيرانه وصواريخه، وإعلامه، وأذرُعه الأُخرى، لسانهم حالهم يؤكد أنهم «داعمون» لذلك.
كُل ذلك، وللأسف، الدول العربية والإسلامية، عاجزة عن إدخال شُحنة مُساعدات، تحتوي على أدوية وأغذية ومياه ووقود، لسد رمق الغزيين، الذين يذوقون الأمرين، ليس منذ السابع من شهر تشرين الأول الحالي، ولكن منذ العام 2005.. الأمر الذي يدل على أننا أمام حالات من الانتكاسة والاستسلام والانقياد، فالكثير من هذه الدول اكتفى بالشجب والاستنكار والتنديد.
وفي ظل الانحياز الأميركي والغربي لما كُل هو ضد الإنسانية والحق، ماذا تنتظر المنطقة في الأيام المُقبلة؟.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير