كلمة الملك في قمة القاهرة.. دفاع مستميت بمعركة وجودية

كلمة الملك في قمة القاهرة.. دفاع مستميت بمعركة وجودية

أطلق جلالة الملك عبدالله الثاني خلال مشاركته في قمة القاهرة للسلام، السبت، ما يمكن وصفها بـ"صفارات إنذار" ورسائل متعددة الاتجاهات والدلالات والأبعاد، وهو الذي ينهمك منذ بدء الأحداث العسكرية في قطاع غزة، بجهد سياسي ودبلوماسي لافت في المنطقة والإقليم والعالم.

كلمة جلالته تمثل امتداداً لسلسلة مواقف تبناها شخصياً وتبنتها الدولة الأردنية مراراً في مختلف المحافل، لإبراز القضية الفلسطينية وضرورة التوصل إلى حلول تمنع تفاقم الصراع وتدهور آفاق تسويته، لا سيما أن المملكة هي من بين أول المتضررين وربما أكثرهم، من تفاقم الأوضاع.

 

وعلى وقع اشتداد الحرب القائمة ونُذر تصاعدها وامتدادها، وبروز مخططات التهجير الإسرائيلية للفلسطينيين، إضافة إلى تدهور الوضع الإنساني في غزة، بدت حالة الغضب والحزن أكثر وضوحاً في كلمة جلالته التي أكد فيها أن الأولوية الآن هي للوقف الفوري للحرب، والرفض القاطع للتهجير القسري للفلسطينيين أو التسبب بنزوحهم، موجهاً في الوقت ذاته رسالة حادة إلى القيادة الإسرائيلية، عندما قال إن عليها إدراك أنه لا حل عسكرياً لمخاوفها الأمنية، وإنه لا يمكن لدولة أن تزدهر أبدا إذا بُنيت على أساس من الظلم، وغيرها العديد من الرسائل سواء للدولة العبرية أم للمجتمع الدولي، طغى فيها البعد الإنساني والانتقاد شديد اللهجة لازدواجية معايير الغرب. 
 
"خطاب مؤثر أيضاً في الضّمير العالمي"

حول ذلك، يقول وزير الإعلام السابق وعضو مجلس الأعيان الحالي محمد المومني، إن "الملك عبّر بغضب، عن مكنونات كل مواطن عربي وكل مواطن شريف في العالم"، مشدداً على أن "الظلم الكبير الذي يقع على أهل غزة يستدعي منا وقفة شجاعة وجريئة تقول للعالم ما قاله الملك، وأهمه أن العرب والفلسطينيين يشعرون أن حياتهم أقل أهمية من حياة الإسرائيليين وغيرهم".

واعتبر المومني أن "كلمة الملك عبارة عن خطاب مؤثر أيضاً في الضمير العالمي، بتركيزه على قيم العدالة الإنسانية التي يجب أن تطبق على الجميع من دون انتقائية"، مشيراً إلى أهمية "تكثيف هذا الخطاب حتى تصل الرسالة إلى كل من يهمه الأمر".

"يهدد مصالح وسيادة دول"

ومن وجهة نظر أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية الدكتور وليد أبو دلبوح، فإن "الملك جدد تأكيد الثوابت الأردنية الراسخة في دعم القضية الفلسطينية، وأعطى زخماً أكبر لضرورة النظر بعدالة إلى سبل إيجاد حلول منصفة من دون تمييز أو ظلم".

وقال أبو دلبوح، إن "ما يحدث في غزة يهدد مصالح دول في مقدمتها الأردن ومصر ولبنان، بالإضافة إلى زعزعة أمنها الوطني، خصوصاً مع بروز مخططات التهجير التي دفعت عمان والقاهرة على وجه الخصوص إلى حالة من الاستنفار للتصدي لأي محاولات إسرائيلية بهذا الاتجاه، وهو ما يفسر حدية خطاب الملك والتشديد على رفض المملكة القاطع لأي تهجير قسري يستهدف الفلسطينيين إن كان في غزة أو الضفة والقدس".

وذهب إلى اعتبار أن ما يحدث في غزة، يعد بشكل أو بآخر "معركة وجودية" للعديد من الأطراف في المنطقة، بينها الأردن، وذلك على وقع التعنت الإسرائيلي ومضيه في سياسة التصعيد العسكري، ودفع الوضع الإنساني إلى مزيد من التدهور، فضلاً عن مخطط التهجير الذي فاقم الملفات وزادها تعقيدا".

ووصف أبو دلبوح كلمة الملك بـ"التحذيرية"، وأنها تعبر عن ضيق أردني بالممارسات والسياسات الإسرائيلية التي تجر الصراع إلى مساحات دموية بدلاً من أن تستجيب لطروحات السلام والاستقرار في المنطقة.

"صفارة إنذار للعالم أجمع"

وقال أستاذ العلوم السياسية بدر الحديد، إنه يمكن اعتبار كلمة الملك بمثابة "صفارة إنذار" للعالم أجمع، دق فيها ناقوس الخطر وحذر من استراتيجية إسرائيل في تعاملها مع مختلف الملفات المرتبطة بالقضية الفلسطينية، والتي يغيب عنها تماماً صوت الحكمة والعقل، بما يدفع المنطقة إلى انفجار يزيد الأوضاع سوءاً وتعقيداً.

لذلك، رأى الحديد أن كلمة الملك أوصلت رسائل واضحة وحادة ومتعددة الاتجاهات، بضرورة زيادة الضغط الدولي على إسرائيل بما يضمن وقف مواصلتها أعمال العنف بحق الفلسطينيين، مع ضرورة إجبارها على السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بلا تعقيدات وقيود.

وأضاف، أن "الأردن بات يستشعر الخطر الإسرائيلي أكثر من أي وقت مضى"، معتبراً أن "ظهور المخطط الإسرائيلي لتهجير سكان غزة إلى سيناء المصرية، ما هو إلا مقدمة لمخطط شبيه يستهدف تهجير سكان الضفة الغربية والقدس إلى المملكة، ما يستدعي موقفاً أردنياً حازماً ورادعاً في الوقت ذاته، وكان الملك قد عبر عنه بوضوح شديد في كلمته بقمة القاهرة".


تنويه.. يسمح الاقتباس وإعادة النشر بشرط ذكر المصدر (صحيفة أخبار الأردن الإلكترونية).