لماذا يكرهوننا؟.. سؤال قديم جديد
سميح المعايطة
قبل ما يسمى الربيع العربي وخلال فترات احتلال العراق وتدمير دولته ومراحل القضية الفلسطينية من انتفاضات ومجازر صهيونية كان الغرب وتحديدا أميركا يطرح سؤالا عن العرب والمسلمين "لماذا يكرهوننا؟"، ولم تكن الاجابة مجهولة، وحينها عملت الولايات المتحدة مجموعة وسائل اعلام قبل ان تكون وسائل التواصل لتتحدث من خلالها مع العرب وبعض تلك الوسائل لم تكن معروفة باتصالها بالأميركان.
وعندما جاء الربيع العربي كانت اميركا "نصير الشعوب" ضد حلفائها من زعماء العرب وعقدت تفاهمات مع قوى شعبية إسلامية ومدنية وأصبح لها من يتحدثون عنها ايجابيا باعتبارها من ساعدت على إنهاء أنظمة دكتاتورية.
لكن السؤال القديم يعود اليوم في ظل هذه المساندة إلى حد الاندماج في عدوان إسرائيل على الفلسطينيين، وهي مساندة مطلقة سياسيا وعسكريا ودبلوماسيا وماليا، وتبنت أميركا الرواية الإسرائيلية دون تردد وحشدت لها أوروبا لدعمها أيضا واغمضت عيونها عن 75 عاما من الاحتلال والتشريد للشعب الفلسطيني واختزلت كل هذه العقود بعملية للمقاومة واسرها لعدد من النساء والاطفال خلال العملية.
ورغم قسوة الانحياز الاميركي المطلق والتماهي مع كل مراحل العدوان الاسرائيلي وإرسال حاملات الطائرات وزيارات كبار الادارة الأميركية إلا ان الامور بقيت في إطار المتوقع لمن يدرك عمق الترابط بين إسرائيل واميركا، وموقع إسرائيل في قائمة المصالح الأميركية، لكن الاستنزاف الاسرائيلي لأميركا وصل ذروته عندما اختارت إسرائيل قصف المستشفى الاهلي بمرضاه واطفاله وقتل المئات ليلة وصول بايدن إلى كيان الاحتلال، ولم تأخذ واشنطن خطوة بعيدا عن العدوان الاسرائيلي ولم تقم بإدانة الجريمة لتكتمل الشراكة في العدوان، ومؤكد ان أميركا اليوم في نظر العرب والمسلمين شريك عن سبق الاصرار والترصد لإسرائيل في كل الجرائم والتجويع ومنع الماء والدواء وقتل المدنيين، وهي جرائم أسقطت الرواية الإسرائيلية التي حشدت من خلالها الدعم الدولي، فالموت القادم من إسرائيل كبير واجرامي.
سيعود السؤال القديم مجددا عند الاميركان لماذا يكرهوننا، هم يعلمون الاجابة لكنهم يغمضون عيونهم مثلما يغمضونها اليوم.. ولن يجدي معها انشاء فضائيات واذاعات ومواقع تواصل لإعادة التواصل مع الناس مرة أخرى.