غضب شعبي أردني كبير.. وأحداث غير مسبوقة في الرابية (فيديو)

{title}
أخبار الأردن -

 

شهدت العاصمة الأردنية عمان أمس الثلاثاء، وتحديداً منطقة الرابية، حيث يقع مبنى السفارة الإسرائيلية، أحداثاً غير مسبوقة، عندما تمكن متظاهرون غاضبون من قصف تل أبيب لمستشفى المعمداني في غزة، من الوصول إلى نقاط قريبة جداً من السفارة وإشعال النيران حولها، وهو مشهد استثنائي لم يحدث سابقاً، بينما كان العديد من محافظات المملكة تشهد في الوقت نفسه مسيرات غاضبة، لم يخل بعضها من مواجهات مع الأجهزة الأمنية.
 
ورغم أن المسيرات والنشاطات التضامنية مع غزة لم تغب يوماً واحدا عن الأردن على امتداد رقعته منذ بدء الأحداث العسكرية الأخيرة، إلا أن حجمها بدا لافتاً بعد قصف المستشفى، ودخلت البلاد التي أعلنت حكومتها أمس إعلان الحداد على أرواح ضحايا المستشفى والقطاع عموما، في أجواء استنفار حقيقي مع تزايد دعوات قوى حزبية وسياسية وشعبية، إلى إضراب عام بدءاً من ظهر اليوم واوالتوجه نحو السفارتين الأميركية والإسرائيلية في عمان، مع ميل العديد من مؤسسات القطاع الخاص، لا سيما المدارس، إلى تعليق الدوام اليوم، وذلك كله على وقع انتشار أمني مكثف في العديد من الشوارع والأماكن الحيوية، خصوصا مبنى "السفارتين".
 
قصف المستشفى ضاعف الغضب الشعبي

 

ومنذ بدء الأحداث العسكرية في غزة، كان الموقف الأردني الرسمي الذي يحمّل إسرائيل مسؤولية الصراع برمته في غزة وغيرها، بارزاً في حراكه الإقليمي والدولي سياسياً ودبلوماسياً، وعلى مستوى دور المملكة في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية لسكان القطاع المحاصر، وهو الموقف الذي أشاد به كثيرون وقارنوه بمواقف دول أخرى عربية وإقليمية واعتباره متقدماً عنها بمراحل، إلا أن حالة الغضب العارم التي أعقبت قصف المستشفى في غزة، باتت تعطي زخماً أكثر للمطالب بتصعيد الموقف الرسمي الأردني لطرد السفير الإسرائيلي من عمان، واستدعاء الأردني من تل أبيب، فضلاً عن إلغاء معاهدة السلام وقطع كل أشكال العلاقات بين الجانبين. وكان من بين أبرز ما صعد إلى الواجهة الليلة الماضية، هو الإعلان عن مذكرة نيابية موقعة من عشرات النواب الأردنيين تطالب بطرد السفير الإسرائيلي، وتنذر الحكومة بإخضاعها لطرح الثقة النيابية فيها، ما لم تستجب لذلك، تلاها دعوة صباحية طارئة من قبل رئيس البرلمان للأعضاء لعقد جلسة تناقش تطورات الأوضاع في غزة.
 
هل حان وقت تصعيد الموقف الرسمي؟

 

حول ذلك، يقول الطالب الجامعي أنس الحمايدة، إن "الموقف الأردن الرسمي تجاه القضية الفلسطينية عموماً، لا يعبر عن ردود فعل بقدر ما يعبر عن امتداد تاريخي في إسناد الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه في أرضه، ومواجهة غطرسة الاحتلال وبطشه"، مؤكداً من وجهة نظره أن "الموقف السياسي والدبلوماسي الأردني تجاه أحداث غزة الحالية، هو الأقوى بين مختلف دول العالم، وهو موقف واضح في تحميل إسرائيل مسؤولية تفاقم الصراع، والدفاع عن الحق الفلسطيني في المواجهة والصمود".
 
وأضاف الحمايدة أن "الدولة الأردنية تدير علاقة ندية مع إسرائيل رغم وجود علاقات، وتقود موقفها السياسي والدبلوماسي انطلاقا من المصلحة الوطنية العليا، ما قد يدفع بالمحصلة إلى اتخاذ إجراءات تصعيدية أو أي إجراءات أخرى تراها مناسبة".
 
إلا أن الشاب أسامة رضوان الذي عادة ما يحرص على المشاركة في المسيرات المناهضة لإسرائيل في عمان، يرى في المقابل أنه "حان الوقت لتصعيد الإجراءات الأردنية ضد إسرائيل التي تواصل سياسة العنف والتهجير"، معتبراً أن مطالب كطرد السفير وقطع العلاقات وما شابه، "هي أضعف الإيمان".
 
وقال رضوان إن "لا أحد ينكر الموقف الأردني سواء على الصعيد الرسمي أو الشعبي في دعم صمود الشعب الفلسطيني وإعلاء صوته في المحافل الدولية، وإسناده كذلك إنسانياً ولوجستيا، لكن حالة الغضب الشعبي الآن تتطلب تصعيدا يثلج القلوب إلى حد ما"، مشيراً إلى أن "كثيرين يقدرون أن الأردن بمفرده لا يستطيع أن يفتح مواجهة شاملة أيا كان شكلها مع إسرائيل ومن خلفها أميركا ودول الغرب، الأمر الذي يتطلب موقفا عربيا جامعاً".
 
تصعيد الموقف الأردني الرسمي غير مستبعد

 

من جهته، اعتبر نقيب الصحافيين الأردنيين، راكان السعايدة، أن الموقف الأردني على الصعيدين الرسمي والشعبي، هو موقف متقدم يعبر عن أسباب ذاتية وموضوعية أردنية، لها علاقة بالقرب الجغرافي والاجتماعي، وحجم العلاقة الراسخة والمتينة والممتدة بين الشعبين، وموقف الأردنيين عموماً تجاه القضايا العادلة ورفض الظلم والإجرام والتهجير، فضلاً عن مخاطر المخططات الإسرائيلية على الدولة الأردنية والمتعلق أبرزها بالتهجير والوطن البديل.
 
وقال السعايدة، إن "الجهد الأردني الذي يقوده الملك عبدالله الثاني منذ بدء الأحداث الأخيرة، يُعد استثنائياً وأساسيا في دعم الحق الفلسطيني، والدفع باتجاه وقف الغطرسة والإرهاب الإسرائيليين، والمضي بالتالي نحو حلول واقعية تضمن وضع حدود لانتهاكات الاحتلال، وتضمن في المقابل حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه كاملة"، متطرقاً بهذا الخصوص إلى أن "الأردن لم ينقطع يوماً عن إبراز القضية الفلسطينية عالميا والتحذير من مخاطر التعنت الإسرائيلي الذي يفاقم الصراع ويقوده إلى مساحات دموية جديدة في كل مرة".
 
ويرى السعايدة، أن "تصعيد الموقف الأردني سياسياً ودبلوماسياً تجاه إسرائيل أمر وارد وغير مستبعد تبعاً للتطورات الحاصلة، خصوصا إذا ما واصلت إسرائيل بطشها وإجرامها"، لكنه لفت بهذا الخصوص إلى أن تركيز الأردن ينصب في هذه المرحلة على الأقل على تكثيف الجهود لإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية لأهالي غزة مع تدهور الأوضاع إلى حد غير مسبوق، إضافة إلى تكثيف الجهد على ضرورة وقف القصف على القطاع وحماية المدنيين، وإيجاد ملاذات آمنة لهم مع رفض المملكة المطلق لأي خطوة باتجاه تهجيرهم.
 
ولم يغب عن بال السعايدة، التطرق إلى ملف "سياسة الاحتلال الممنهجة في قتل الصحافيين وترهيبهم لتغييب صوت الحق والحقيقة، ومواصلة إجراءاته في تضليل الرأي العام وإخفاء جرائمه"، مطالباً بتحرك واسع وجدي على مستوى دول العالم لضمان سلامة الصحافيين ودورهم المهني المقدس، لا سيما في مناطق النزاع.
تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير