نتنياهو وغانتس تحالف قد يتبدد!
يحيى مطالقة
استغرق أمر تشكيل "حكومة الطوارىء" الإسرائيلية، لإدارة الحرب على غزة ردا على عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها حركة حماس ضد إسرائيل يوم السابع من تشرين الأول الجاري، ما يقرب من خمسة أيام من الحرب والرعب، ولكن في النهاية اتفق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ورئيس حزب (المعسكر الرسمي) بيني غانتس على تشكيلها، وظهرا أمس مع وزير الدفاع يوآف غالانت لأول مرة في أول بيان للقيادة الأمنية المشتركة الجديدة.
وأوضح الطرفان، في بيان مشترك حسب الإذاعة الإسرائيلية العامة، أن المجلس المصغر لإدارة الحرب (كابينيت الحرب) سيضم كلا من نتنياهو ووزير دفاعه، يؤاف غالانت، وغانتس، كأعضاء. كما يشارك كل من عضو (المعسكر الرسمي)، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، غادي آيزنكوت، ووزير الشؤون الإستراتيجية، رون ديرمر، كمراقبَين. وبحسب البيان، سينضم خمس أعضاء من (المعسكر الرسمي) كوزراء دون حقيبة إلى المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية، أحدهم بصفة مراقب وذلك طوال مدة الحرب.
ويرى تقرير نشره موقع "واللا" العبري، اليوم الخميس، أن لقاء نتنياهو وغانتس، له أهمية كبيرة أمام العدو حركة حماس وفي الداخل، رغم القلق الذي مزق العائلات الإسرائيلية بسبب مصير المفقودين والأسرى في غزة، حيث تعيش دولة بأكملها في قلق وجودي لم تعرف مثله قط.
وقال إن "أولئك الذين يعارضون بشدة انضمام غانتس لحكومة الطوارىء، ويشعرون بالغضب من شريان الحياة الذي قدمه لنتنياهو، سيشعرون بمزيد من الأمان عندما يجلس هو ورئيس أركان الجيش السابق غادي آيزنكوت بجانبه في مقر الحكومة، حتى بالنسبة لأولئك الذين يتوقعون أن نتنياهو سيخدع غانتس مرة أخرى، ويعامله بشكل مثير للاشمئزاز، ويستخدم آلة السم ضده في هذه العملية، سيكون هناك مزيد من الثقة في القرارات المصيرية والصعبة التي تتخذ هذه الأيام على رأس الدولة".
وبحسب الكاتبة والمحللة السياسية في الموقع تال شاليف، فإن "غانتس الذي تعهد مراراً وتكراراً منذ حكومة كورونا، بأنه لن يتعاون أبداً مع نتنياهو، يدرك جميع سيناريوهات نتنياهو المحتملة التي يمكن أن تكلفه ثمناً سياسياً باهظاً مثل المرة الأولى؛ ومع ذلك، أصر بل وكافح، ليجلس معه مرة أخرى. وبينما أطال نتنياهو وأطال المحادثات لتشكيل حكومة طوارئ لأكثر من أربعة أيام من القتال لاعتبارات شخصية وعائلية ضيقة، رأى غانتس وأحس بالكارثة ووضع مصلحة إسرائيل قبل مصلحته".
وأشارت إلى أنه ليس من المستبعد أن يتحول الأمر إلى كابوس، حيث سيكون الجلوس في الحكومة إلى جانب بن غفير وسموترتش مستحيلا، وسيحاول نتنياهو إلقاء اللوم عليه على إخفاقاته وسيخسر مرة أخرى منصبه كمرشح بارز لرئاسة الوزراء. لكن غانتس لا يغمض عينيه عن السياسيين المعتادين. وكذلك رئيس الأركان السابق آيزنكوت الذي دفع من أجل هذه الخطوة، أولاً وقبل كل شيء الجنود والجنرالات الذين لا يستطيعون الوقوف مكتوفي الأيدي عندما يكون قادتهم السابقون في الحرب والمعركة من أجل الدولة. وبدون سخرية، هذه هي الوطنية في حد ذاته، مثل ملايين الإسرائيليين الذين يقاتلون ويتطوعون ويعانقون بعضهم البعض الآن في جميع أنحاء إسرائيل.
إن وجود وزراء "المعسكر الرسمي" في الحكومة، سيعزز ممثلي الجيش الإسرائيلي ومؤسسة الدفاع والاستشارة القانونية للحكومة في مواجهة هجمات وابتزازات بن غفير وميري ريغيف. وسيكون هناك نوع من المراقبين والمشرفين على عملية صنع القرار في الحكومة بأكملها، في لحظة انخفاض غير مسبوق في ثقة الجمهور بها، وحاجة وجودية للتغلب على ذلك من أجل النضال من أجل إسرائيل، على حد قول تال شاليف.
لكن الشراكة الثانية لغانتس مع نتنياهو قد تكون أكثر صعوبة من نسختها الأولى، لأن الائتلاف هذه المرة يضم بن غفير وسموترتش وتالي غوتليب، وقد تستغرق الحرب وقتاً. ووزير الأمن القومي المحرض بن غفير، الذي يحاول التحريض ضد المدن العربية بتحذيرات كاذبة منذ عملية "حارس الأسوار" عام 2021، ربما لن يغير طرقه بسبب وجود الشركاء المؤقتين الجدد في الحكومة، بل على العكس، قد يدفع استبعاده من القرار الأعلى، إلى محاولة تحدي الحكومة أكثر من اليمين.
لكن بن غفير هو المشكلة الصغيرة لغانتس وأصدقائه. والمشكلة الأكبر ستكون في نتنياهو، الذي حتى في خضم الكارثة المدمرة التي حلت بإسرائيل، كان يلعب معه ويحترمه. إن ضغوط زوجة رئيس الوزراء التي عارضت وأخرت تشكيل "حكومة الطوارئ" لعدة أسباب، كما كشفها الكاتب بن كاسبيت لأول مرة، تشير إلى أنه حتى في حالة الطوارئ، كما هو الحال في الأوقات العادية، فإن نتنياهو وحاشيته يهتمون في المقام الأول بالمصالح الشخصية. وبمجرد وجدوا أن غانتس لا يخدمهم، فإن كل الحديث عن التماسك والوحدة من المحتمل أن يتبدد ويتفكك.