مطعوم الحصبة.. جدل وتناقض!

مطعوم الحصبة.. جدل وتناقض!

محمود الخطاطبة

أعتقد أنه، ولأول مرة في تاريخ الأردن، يجتمع عشرة مسؤولين، من بينهم ثلاثة وزراء ومدير عام مؤسسة في غاية الأهمية، والباقي مُختصون، في مؤتمر صحفي، عقد يوم الاثنين الماضي، لمُناقشة مطعوم الحصبة، الذي تنوي الحُكومة إعطاءه للأطفال وطلبة المدارس، في بداية شهر تشرين الثاني المُقبل.

لا شك أن الأمر جد خطير، ففي أحلك الظروف والأزمات، التي مرت بها البلاد، لم يجتمع مثل هذا العدد من المسؤولين لبحث أو إيضاح إرهاصات قضية مُعينة، لكنهم اجتمعوا لتبرير إعطاء ذلك المطعوم، وشرح «الأضرار» في حال عدم الإقدام على ذلك.

الجدل الذي دار خلال الأيام الماضية، أكان من المسؤولين الرسميين أم من خُبراء ومُختصين أم على وسائل التواصل الاجتماعي المُختلفة، يؤكد أن هُناك «خطأ» ما، أو حلقة مفقودة، كُل جهة تسعى لإثبات صحة إجراءاتها.
في ذلك المؤتمر الصحفي، أكد وزير الصحة أن أخد المطعوم ليس إلزاميًا، لتعاود الحُكومة، على لسان وزير الاتصال الحُكومي، وبُعيد ساعات فقط، بتأكيد «إلزاميته».. ذلك تناقض وقعت به الحُكومة.
وقبل هذا، كان رئيس لجنة الصحة النيابية، يؤكد أنه «لن يُعطي أطفاله مطعوم الحصبة (MR)»، مُطالبًا وزارة الصحة «بإثبات مأمونية المطعوم قبل إعطائه للأطفال».. بينما تقول جمعية المهندسين الوراثيين إن المطعوم «ليس آمنا، ولم تتم إجازته».

ليرد مدير عام المؤسسة العامة للغذاء والدواء، «أن الدواء غير المُسجل لا يعني أنه غير آمن، وإنما لا يتم تسجيله لأسباب فنية، وليست طبية».. كما تؤكد الحُكومة، على لسان وزيري التربية والتعليم والصحة، بأن المطعوم «آمن وفعال. وجرى التأكد منه من قبل مُنظمة الصحة العالمية».
وفي غمرة كُل تلك الجدالات والحوارات والتصريحات، خرج أطباء ومختصون، غير أردنيين، بعضهم يُطالب بضرورة تقديم توضيح وشرح واف حول اللقاحات، والتفريق بين اللقاح القديم (MMR)، وبين الجديد (MR)، وبين ذلك الذي يُطلق عليه (MRNA)، ويتسبب بطيف «التوحد».. ومنهم يقول إن هُناك 200 ورقة بحثية تُشير إلى «أن طيف «التوحد» مُرتبط بتسارع التطعيم المفرط للأطفال»، ضاربين أمثلة من قبيل «أنه في قديم الزمان كان هُناك 5 تطعيمات، أما اليوم فإن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن عامين يتلقون 29 لقاحًا، حتى سن 18 عامًا، ومع لقاح فيروس كورونا يُصبح 108 تطعيمات».

تلك آراء ومُلاحظات، تؤكد أننا أمام مُشكلة حقيقية، فلا أحد يستطيع الإنكار أن «الحصبة من الأمراض الفتاكة، التي تُسبب وفيات، وقد تُحدث أمراضًا مُميتة في الدماغ لدى الأطفال، فضلًا عن سرعة انتشاره وشدة خطره».
المسؤولية تقع على الطرفين، فالحُكومة مُطالبة بـ»طمأنة» الشارع الأردني، بلا أي إطالة أو مُجاملة أو مُحاباة، وكأنها تُكرر أقوالها وشروحاتها، فقد كان الضعف وعدم الانسجام سيد الموقف بين مسؤوليها، وكأنهم لا يملكون حقائق علمية، وكأنهم يقرأون ما هو مكتوب فقط.. بالمُقابل، فإن الطرف الآخر عليه أن يكون أكثر جدية، وإثبات ما لديه من تقارير أو فحوصات تؤكد عكس ذلك.
لست خبيرًا أو مُختصًا في الأمراض، وكذلك المطاعيم واللقاحات، لكن عندما يوجد مثل هؤلاء ويؤكدون أن هُناك إشارات جدية على عدم مأمونية المطعوم، وأن له أضرارا ستظهر في الأعوام المقبلة، فإن الحُكومة هُنا مُطالبة بإعداد العُدة لكي تُثبت علميًا، صحة إجراءاتها، التي تدل على أن المطعوم «آمن وفعال»، خصوصًا أنه ظهر ثلاثة أنواع لـ»MR»!.


تنويه.. يسمح الاقتباس وإعادة النشر بشرط ذكر المصدر (صحيفة أخبار الأردن الإلكترونية).