بالفيديو.. سيدة تروي تجربتها مع التوقيف الأمني لـ3 أيام بسبب خطأ
لم تكن تعلم "جويل" أن ذهابها إلى السوق لشراء بعض الاحتياجات سينتهي بإلقاء القبض عليها خلال تنفيذ الحملة الأمنية المشتركة التي تنفذها وزارتي العمل والداخلية لضبط العمال المهاجرين المخالفين.
وكانت وزارة العمل ووزارة الداخلية، قد أصدرتا بيانًا مشتركًا في تموز 2023 جاء فيه أنه سيتم تنفيذ حملات أمنية وتفتيشية مكثفة على العمالة الوافدة المخالفة في سوق العمل الأردني، الذين لا يحملون تصاريح عمل أو أذونات إقامة سارية المفعول، أو يعملون في غير المهن المصرح لهم بها أو يعملون لدى صاحب عمل غير المصرح لهم بالعمل لديه.
تقول "جويل" من الجنسية الفلبينية لـ"تمكين" أنه خلال مسيرها في السوق أوقفتها الشرطة وطلبوا منها وثائقها لتقوم بدورها بإعطائهم دفتر العائلة وجواز سفرها، مشيرة في حديثها أنها متزوجة من أردني، وتضيف أنه على الرغْم من إعطائها الأوراق والوثائق للأشخاص الذين ضبطوها إلا أن أحدًا لم ينظر للأوراق أو يتحققوا من المعلومات الواردة فيها، وأدخلوها إلى السيارة ذلك لنقلها إلى المركز الأمني
تستغرب "جويل" في حديثها ما حصل معها قائلة: "لم أفعل شيئًا، أنا فقط أمشي في الشارع، أنا فقط أريد شراء الطعام، أريد أن أتنفس فقط".
وتضيف بعد دخولي إلى السيارة اتصلت بزوجي سريعًا لأن هاتفي لم يكن فيه سوى قليل من الشحن ويُغلق– زوجي يعمل في السعودية- أخبرته حال رده على اتصالي أنه تم ضبطي من قبل الأمن العام، وأنهم سيذهبون بي إلى مركز أمن زهران، وقتها شعر زوجي بالذعر والخوف على ما سيحصل لي خاصة أنه متواجد في دولة أخرى، وخلال حديثي معه رأتني الشرطة أتحدث وأخذوا مني الهاتف، ورغم مطالباتي المتكررة بشحن هاتفي والحصول عليه للاتصال بزوجي إلا أن كافة هذه المحاولات باءت بالفشل.
تقول "جويل" أنه أثناء تواجدها في السيارة التي يُنقل من ضبطوا فيها، كان هنالك العديد من الفتيات من جنسيات غير أردنية يصرخن ويبكين لأنهن لم يفعلن شيئُا، كذلك لم يسمح لنا بالاتصال بأي شخص، لو أني لم أتصل بزوجي منذ إلقاء القبض عليّ لم يعلم أحد أين أنا.
وتُضيف "جويل" لـ "تمكين"، "بقيت محتجزة ليلتين تم خلالها نقلي أنا و14 فتاة أخرى إلى مستشفى البشير ذلك لإجراء فحص طبي، والحصول تقرير أننا لا نحمل أي مرض، لا أعرف سبب الإجراء لكني شعرت بالخجل والجميع ينظر إلينا ونحن في المستشفى.
وعن فترة بقاءها مُحتجزة تقول: "بعد قضاء زوجي أكثر من خمسة ساعات يقود سيارته ليأتي ويحل مشكلتي، أخذ الكثير من الوقت لحلها، ذلك بسبب الأوراق والوثائق التي طلبت منه إحضارها للإفراج عني"، وتُضيف "بعد 48 ساعة من الحجز عدت لمنزلي، لكن أنا حاليًا أخاف مُغادرته، حتى زوجي بعد عودته إلى عمله أصبح يتصل كل نصف ساعة ليتأكد من وجودي داخل المنزل وأنني لا أغادره، على الرغْم أنني بحاجة لشراء احتياجات المنزل، لكن خوفًا من أن احتجز مرة أخرى لا أغادره.
وختمت قولها أنها مصدومة مما حصل لها، فرغم عدم ارتكابها أي مخالفة تم القبض عليها فقط لأنها فلبينية الجنسية تسير في الشارع، تقول "جويل": "لأنني فلبينية، أخذوني وجعلوني أنام في السجن لمدة ليلتين، من أجل لا شيء دون سبب على الإطلاق".
العديد من العاملات مثل "جويل" جرى حجزهن دون أي مبرر قانوني في هذا السياق يقول أحد أصحاب العمل ويُدعى متعب "يوجد عندي عاملة منزل موجودة في الأردن منذ 9 سنوات، وأوراقها كاملة، ولا يوجد عليها أي مخالفة نهائيًا، وتصريح العمل وأذن الاقامة يتم تجديدهم باستمرار دون أي تأخير"، ويضيف "وفقًا للقوانين تحصل العاملة على إجازتها الأسبوعية، وتخرج من المنزل وتعود بعد انتهاء يوم الإجازة، وفي عطلتها الرسمية الأخيرة خرجت من المنزل ولم تكن تحمل تصريح العمل ولا جواز سفرها، لكن كان معها صورة له على الهاتف، وبعد ساعة من خروجها اتصلت على هاتفي وقالت لي أن مكتب العمل والشرطة أمسكوا بها، وعند طلبي منها أن تعطيني الشخص الموجود لأتحدث معه رفض الحديث معي، ورفض رؤية الاقامة والجواز على هاتفها".
ويتابع صاحب العمل حديثه: "بعد تواصل العاملة معي، ذهبت إلى مركز أمن زهران وأخذت الأوراق الثبوتية من جواز سفر وإذن الإقامة، مع الإشارة أن الوصول إلى مركز زهران أخذ مني وقت طويل"، ويضيف " بعد وصولي رفض المركز الأمني الافراج عن العاملة رغم تسليمهم كافة الأوراق التي تُثبت أن وجود العاملة قانوني ولا تُخالف القانون، وأخبروني أن أراجع مسؤول وزارة العمل، وقالوا لي أن أعود في اليوم التالي الساعة 8 ونصف صباحًا لحل المشكلة وللافراج عن العاملة".
صاحب العمل في حديثه لتمكين أكد أنه لم يكن لوحده في المركز الأمني مُشيرًا إلى وجود مجموعة من الأشخاص يبلغ عددهم حوالي 10 أشخاص وفقًا لقوله أن الفتيات التي تم ضبطهن لم يكونوا مخالفين، ويضيف " ضلينا تقريبًا 48 ساعة لنحلت المشكلة، إحنا أصحاب عمل والعاملات الي تم ضبطهم تغلبنا طول مدة الحجز دون سبب، والعاملة إلي عندي قانونية".
ويختم صاحب العمل حديثه: "أنا أطالب بحقوقي وحقوق العاملة كمان، لأنه أنا غبت عن عملي 48 ساعة، والعاملة كمان انحجزت وهي مش عاملة اشي، وهاي هي قصتنا وفي مثلنا كثير طبعًا صار معهم نفس المشكلة".
أما صاحب العمل زيد فقال: "أنا عندي عاملة فلبيية موجودة في البيت لتقوم على رعاية أحد أفراد أسرتي – تعتني بسيدة مقعدة- ما بتقدر حتى تشرب ماء وتقوم العاملة على مُساعدتها والقيام بواجباتها".
وعند ضبط العاملة يقول صاحب العمل: "العاملة غادرت المنزل لإرسال أموال إلى أطفالها، والصراف يبعد عن المنزل 5 دقائق سيرًا على الأقدام، بعذ ذلك تم إلقاء القبض عليها من قبل وزارة العمل والأمن العام، بعد ذلك قمت بالذهاب للمركز الأمني ومعي جواز سفرها وإذن الإقامة، إلا أنهم أيضًا رفضوا الافراج عنها كما حصل مع أصحاب عمل آخرين كانوا متواجدين ورفض الافراج عن العاملات".
ورغم أن العاملات لم يتناولوا الطعام وناموا ع الأرض وتم اعطائهم بطانية فقط، إلا أنه لم يتم حل مشكلتهم حال حضور أصحاب العمل، يقول زيد: "فعليًا ما بعرف كيف تم توقيف انسانه لمدة يومين، وهي ما عملت إشي أبدًا".
في السياق ذاته قالت مديرة تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الانسان لندا كلش أن الحملة الأخيرة لضبط العمال الوافدين المخالفين تحديدًا، حملة فيها عشوائية، مُشيرة أن هنالك حالات راجعت "تمكين" ، بعد توقيف العاملات بالنضارة دون أي سبب، والعاملات تنتهي إقامتهم في ٢٠٢٤، وتم توقيفهن وهن خارج المنزل وهي ليست جريمة، والعاملة من حقها كما جاء في نظام العاملين بالمنازل أن يكون لها عطلة أسبوعية خارج المنزل، رغم ذلك تم توقيف عاملتين على سبيل المثال، إلى جانب وجود حالة لسيدة من الجنسية الفلبينية متزوجة أردني وتم توقيفها حسب الشكل للأسف الشديد، ولم يتم التأكد من أي معلومات، هذا الأمر فيه انتهاك بشكل واضح، وفيها نوع من أنواع العنصرية أي توقيف شخص لشكله أو ملامحه بغض النظر عن وضعه القانوني أو غير القانوني.
وأكدت كلش: "نحن مع تنظيم وجود العمالة الوافدة في الأردن، لكن ليس مع العشوائية وظلم للأشخاص ومنهن العاملات ومنهن متزوجات من أردنيين.
وطالبت كلش الجهات المعنية بالتفتيش التي تضبط العمالة الوافدة مراعاة الدقة بالضبط ليس فقط ضبط الشخص على شكله أو لونه أو أصله، حيث إن من حق العامل المهاجر أن يخرج إلى الشارع بأي وقت، وفي حال وجود ضبوطات عمل وحملات تفتيش تكون للعامل المخالف للقانون مع الإشارة أولًا إن أحد أسباب مخالفة العمال عدم استصدار تصاريح عمل وأذونات إقامة التي هي من واجبات صاحب العمل، إلى جانب ذلك إن المادة الثالثة من نظام مفتشي العمل لسنة 1996 وتعديلاته تنص على أن أهداف التفتيش تتمحور حول التحقق من تطبيق الأحكام القانونية المتعلقة بظروف العمل وحماية العمال أثناء قيامهم بعملهم، وليس خلال وجودهم خارج أوقات الدوام بالشارع العام مثلًا، وعليه كيف يتم ضبط عامل مهاجر إقامته سارية وتصريح عمله ساري، فالأولى هُنا التفتيش على ظروف العمل أكثر من موضوع نظامية العامل أو وضعه القانوني.
وتساءلت كلش هل تقوم وزارة العمل بالتفتيش على ظروف عمل العمال الوافدين، وهل تقوم بالتفتيش على استيفاء الأجر في موعده، وهل تفتش على وجود سلامة وصحة مهنية وهذا الأجدر بالتفتيش وليس النظامية من عدمها..