الروابدة: هدفي منذ مطلع حياتي كان أن أصبح نائبا - فيديو
قال رئيس الوزراء الأسبق عبد الرؤوف الروابدة، أن هدفه منذ مطلع حياته كان أن يصبح نائبًا.
جاء ذلك في الجزء الثاني ضمن سلسلة الحلقات التي تستضيفه ضمن برنامج "وفي رواية أخرى" عبر التلفزيون العربي، متحدثًا عن مفاوضات السلام مع إسرائيل وتوقيع اتفاقية وادي عربة.
وأكد في حديثه أن الأردن حصل على كامل حقوقه الوطنية، كما أشار إلى استمرار المطامع الإسرائيلية في الأردن حتى بعد الاتفاق.
وعن ما سُمي بـ"هبة نيسان" عما 1989 التي انطلقت في ظل وضع اقتصادي واجتماعي صعب في الأردن، يقول الروابدة إن الأسباب اقتصادية وبينها حجم المديونية وتراجع سعر الدينار، ساهمت في رفع تكاليف الحياة ما أشعل الأوضاع في حينه.
ويلفت إلى أن السبب المباشر لما حصل خلال "هبة نيسان" هو رفع أسعار المحروقات من دون رفع أجور السائقين الذين احتجوا، وكانت البداية في مدينة معان جنوب البلاد ومن ثم بدأت الاحتجاجات تتنقل من مدينة إلى أخرى إلى أن عمت أرجاء المملكة واستقالت الحكومة على إثرها.
"هبة نيسان"
الروابدة يرى أن الاحتقان الاقتصادي في حينه عبّر عن نفسه من خلال الاحتقانات السياسية خصوصًا وأن العمل البرلماني في ذلك الوقت كان شبه متوقف، وفي ظل منع الحركة الحزبية وسريان الأحكام العرفية، لافتًا إلى أن الرفض لم يكن فقط لناحية الأمور الاقتصادية وإنما سياسيًا أيضًا مع المطالبة بالتغيير والعودة للحياة الديمقراطية.
وبعد هذه المرحلة أجريت انتخابات نيابية هي الأولى من نوعها لناحية النزاهة بحسب الروابدة الذي شدد على أن تركيبة مجلس النواب عام 1989 الذي كان هو من ضمنها كانت جيدة وإيذانًا ببدء حياة برلمانية حقيقية.
ويروي الروابدة أنه فاز عن مدينة إربد (شمال الأردن)، مؤكدًا أن هدفه منذ مطلع حياته كان أن يصبح نائبًا.
وبعد هذه الانتخابات تشكلت حكومة برئاسة مضر بدران التي شارك فيها عبد الرؤوف الروابدة مع مشاركة نائب من كل محافظة فيها، مشيرًا إلى أن هذه الحكومة تعرضت لجلسات ثقة طويلة.
وعن سبب عدم استمرار التجربة الديمقراطية بعد انتخابات 1989، يوضح الروابدة أن الديمقراطية هي عبارة عن معادلة بين طرفين وهما السلطة والمواطنين، معتبرًا أن تجربة العام 1989 هي محاولة من السلطة لمعرفة ماذا يوجد على الأرض.
الروابدة يرى أن ما أعاق العملية الديمقراطية في حينه هو قانون الصوت الواحد، معتبرًا أنه شوه العمل السياسي والعملية الديمقراطية، ومؤكدًا أن الهدف كان تقليل عدد مقاعد حزب جبهة العمل الإسلامي في البرلمان.
موقف الأردن من اجتياح الكويت
وردًا على سؤال حول الموقف الأردني من اجتياح العراق للكويت عام 1990، يقول الروابدة إن الأردن ضد مبدأ احتلال الأرض بالقوة، وضد مبدأ التهديد بالحرب أو بالهجوم، وبالتالي نحن بالمبدأ ضد احتلال الكويت.
وأكد أن قناعة الأردن حينذاك أن في حال دخول القوى الأجنبية إلى الأرض العربية فلن تخرج منها، إضافة إلى التفكير بالحل العربي، مشيرًا إلى محاولات قام بها الملك الراحل حسين بالاتفاق مع مصر لإعطار فرصة للضغوط، متحدثًا عن أن "شروط صدام حسين في حينه كانت تتمثل بعدم إدانته من قبل الجامعة العربية وكان على استعداد أن يخرج من الكويت".
واختصر الروابدة موقف الأردن في حينه أن "احتلال الكويت كان جريمة، لكن هذه الجريمة لا يجوز أن تؤدي إلى دمار العراق"، مشددًا على أن الأمة والعربية دفعت وما زالت تدفع ثمن ضرب القوة العراقية.
ورأى أن الأردن دفع ثمنًا غاليًا لموقفه إلى جانب صدام حسين تمثل بعودة نحو 300 ألف عامل أردني في الخليج وخسارة وارداتهم التي كانت تأتي إلى البلاد بالعملة الصعبة، كما فرضت واشنطن حصارًا على البلاد في موضوع النفط.
الروابدة لفت إلى أن تخفيف الضغط عن الأردن بدأ عام 1991 مع انطلاق مؤتمر مدريد.
اتفاقية وادي عربة
ويتطرق رئيس الوزراء الأردني السابق إلى اتفاقية السلام بين الأردن وإسرائيل والتي عُرفت باسم معاهدة وادي عربة في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 1994، موضحًا أن العرب قرروا حينها أن السلام خيار إستراتيجي ما أبعد خيار الحرب في ذلك الوقت، ووفق هذه الظروف شرع الأردن في السلام مع إسرائيل.
وأوضح أنه في تلك الفترة كانت تجري مفاوضات بين فلسطينيين وإسرائيليين أميركيي الجنسية في الدول الأوروبية بصفة أكاديمية، معتبرًا أن مبدأ السلام والتفاوض بات مقبولًا، وسأل: "كيف للأردن أن يرفض ذلك؟".
الروابدة شدد على أن قضية الأردن الاساسية هي احتلال الضفة الغربية لأنها جزء منه، وشرح أن موقف الأردن آنذاك كان يقول إن من حقه تحرير الضفة الغربية لكن من حق الفلسطينيين بعدها أن يحكموها كما يريدون.
وذكّر بأن الفلسطينيين قبلوا بالذهاب إلى السلام في مؤتمر مدريد، وقال: "لم تعد قضية ما إذا كانت الضفة الغربية خاضعة للتفاوض أم لا موضوع بحث، وصار المواطن الفلسطيني صاحب حق أن يفاوض عليها بمنظمته التي أصبحت ممثله الشرعي الوحيد، خصوصًا بعد تأكيد العرب لهذا الأمر عام 1974".
وبناء عليه، عندما ذهب الوفد الأردني إلى مدريد كانت أهدافه القضايا الأردنية بحسب الروابدة، شارحًا أن هذا المؤتمر كانت وظيفته التمهيد للتفاوض المباشر.
وأوضح أن الوفد الأردني ذهب للحديث عن الحقوق الأردنية من خلال أراضيه المحتلة من الضفة الشرقية في وادي عربة أو العدسية، إضافة إلى استحواذ إسرائيل على مياه أردنية، وكذلك قضية اللاجئين في الأردن.
ويرى أن الأردن بنتيجة التفاوض استعاد مياهه، وأعاد الأرض كاملة في وادي عربة.
الروابدة يشدد في ذات الوقت على أن الأردن لم يرض عن عدم حصول الفلسطينيين على حقوقهم من خلال المفاوضات.
ويشير إلى أن الأردنيين ليسوا راضين عن أي شكل من أشكال التطبيع مع إسرائيل وهو من بينهم، مؤكدًا أن التطبيع يحصل على مستوى الحكومات ولا يُفرض على الشعوب.
الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس
رئيس الوزراء الأردني الأسبق يعتبر أن البعض يحمّل قضية الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس أكبر من حملها.
ويشرح أنه مع فك الارتباط بالضفة الغربية تم استثناء الأوقاف ودائرة قاضي القضاة والأيتام، ومن ثم تنازل الأردن عن الأوقاف ودائرة قاضي القضاة وتم الإبقاء على المقدسات لأن إسرائيل بعد حرب 1967 ضمت القدس لها مباشرة.
ويقول إنه لو تنازل الأردن عن المقدسات لصارت تابعة لوزارة الأديان الإسرائيلية، ولذا أبقى الأردن على إدارته لهذه الأماكن المقدسة حفاظًا على واقعها الحالي، مشددًا على أن تحريرها ليس من مسؤولية الأردن وحده بل أيضًا وظيفة العرب والفلسطينيين أيضًا.
ويؤكد أن الوصاية هي حماية معنوية تقتضي مواجهة انتهاكات قوى الاحتلال على الأرض لهذه المقدسات من خلال دعوة القوى الدولية والأمم المتحدة للتصدي لهذه الانتهاكات.
ويقول الروابدة إن من مسؤولية الأردن إعمار المسجد الأقصى ورعايته وتعيين موظفين تابعين له للقيام بهذه المهام.
وردًا على سؤال حول سبب عدم استخدام الأردن ورقة وقف اتفاقية السلام مع إسرائيل بمواجهة انتهاكات الأخيرة، يسأل الروابدة: "هل إلغاء الاتفاقية مصلحة أردنية في هذه الفترة؟ ومن هي القوة العربية التي ستقف إلى جانب الأردن لحمايته من أي اعتداءات إسرائيلية"؟.
وخلُص الروابدة على أن وظيفة الأردن أن يحمي نفسه أولًا ثم الدفاع عن شقيقه ثانيًا، مشددًا على أن عمل الدول يتم بهذه الطريقة.