من الألف إلى الياء.. تفاصيل مشروع العطارات والصراع الأردني الصيني
فتح مشروع العطارات لتوليد الطاقة الكهربائية من الصخر الزيتي، معركة قانونية بين الأردن والصين، بعد أن ذهب الطرفان إلى التحكيم الدولي في مجلس تحكيم تابع لغرفة التجارة الدولية ومقرها باريس لعدم التزام المملكة بالاتفاقية الموقعة بين البلدين عام 2014.
قصة المشروع
يعتبر مشروع العطارات مشروعًا مستقلًا لإنتاج الطاقة من الصخر الزيتي وقعته الحكومة الأردنية مع ائتلاف شركات، من الصين (تملك الحكومة الصينية 45% من أسهمها) وماليزيا وإستونيا، عام 2010، وتعمل على إنتاج الطاقة الكهربائية من الصخر الزيتي في جنوب الأردن وبيعها لشركة الكهرباء الوطنية.
وفي 2013 وقع الائتلاف مع الحكومة الأردنية اتفاقية على أن تؤمن 15 بالمئة من حاجة المملكة السنوية من الكهرباء، ويبدأ التزويد بالكهرباء عام 2021، وبكلفة استثمارية قدرها 2.1 مليار دولار، إلا أن المشروع توقف عن العمل في 2020 في عهد حكومة الرزاز بحجة أن هنالك "غبنا في سعر بيع الكهرباء للأردن".
وجد الأردن في 2020 أن لديه فائضا من الكهرباء المنتجة خصوصا بعد توقيع اتفاقية استيراد الغاز من الاحتلال الإسرائيلي بقيمة 15 مليار دولار لعشر سنوات، وفي وقت فشلت فيه الحكومة بتصدير الكهرباء إلى لبنان مرورا بسوريا بسبب العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا أو ما يعرف بقانون قيصر.
وبلغ إجمالي حجم الطاقة التي صدرتها الأردن حتى نهاية يناير الماضي 18.4 غيغاواط/ساعة، مقارنةً بـ 28.4 غيغاواط/ساعة خلال نفس الفترة من 2022. وذهب الحجم الأكبر إلى شركة كهرباء القدس، التابعة للسلطة الفلسطينية بإجمالي 17.7 غيغاواط/ساعة. بالإضافة إلى ذلك، فإنه تم تصدير 0.70 غيغاواط/ساعة من الطاقة إلى العراق.
مبالغ طائلة
وبحسب الكاتب الاقتصادي سلامة الدرعاوي فإنه كان من المقرر أن تدفع الحكومة ما يقارب الـ200 مليون دينار (280 مليون دولار) للطاقة الكهربائية التي ستشتريها الدولة من المشروع لترتفع القيمة إلى 500 مليون دينار سنوياً اعتباراً تدريجيا ولمدة 27 عاماً.
وبناء على الاتفاقية فإن الحكومة ستشتري الكهرباء بسعر 105 سنتات لكل كيلو واط، وستكون مضطرة لرفع أسعار الكهرباء 20 بالمائة كأقل احتمال من أجل تغطية الخسائر التي ستتحملها شركة الكهرباء الوطنية.
الحكومة ترد
الحكومة الأردنية ردت على التساؤلات حول التحكيم الدولي بين الأردن والصين التي تملك الحصة الأكبر من المشروع وقالت في بيان إن "إجراءات التحكيم ما زالت مستمرّة، ومن المتوقّع أن تمتد جلساتها حتى مطلع العام المقبل على أن يصدر الحكم بعد ذلك التاريخ، أي نحو منتصف العام المقبل".
وأضاف مصدر في وزارة الطاقة الأردنية -بحسب البيان- أن "قضية التحكيم تتلخص بطلب الحكومة الأردنية" إعادة النظر في الاتفاقية نظراً "للغبن الفاحش" الناجم عن ارتفاع أسعار الكهرباء جراء الاتفاقية التي وقّعت عام 2013، مشيراً إلى أن الاتفاقية وقّعت مع ائتلاف شركات صينية وماليزية وإستونية، وأن الحكومة الأردنية طلبت تخفيض أسعار الكهرباء المنتجة من مشروع العطارات باستخدام الصخر الزيتي، ولم تطلب فسخ العقد.
اتهامات ومطالب بمحاسبة المتورطين
اللغط حول المشروع دفع عضو لجنة الطاقة النيابية المهندس موسى هنطش، للقول إن "هنالك منظومة فساد في الأمر تتعلق بالسعر، كما أنه أصبح لدينا فائض في الكهرباء بمعدل 1200 ميغا، وأنا طلبت من وزارة الطاقة تشكيل وفد لمقابلة الحكومة الصينية لتخفيض السعر 15% لكن أصرت وزيرة الطاقة في وقتها هالة زواتي على الذهاب إلى التحكيم الدولي".
ويتابع: "بحسب الاتفاقية نحن ملزمون بدفع 280 مليون دولار سواء أخذنا هذه الطاقة أم لا، وهنا يجب علينا استغلال ما تنتجه الشركة من كهرباء من خلال التوزيع على القطاع الصناعي في حال تخفيض التكلفة".
وأضاف هنطش: "يجب محاسبة من وقع اتفاقية الغاز مع الاحتلال الإسرائيلي لأننا لسنا بحاجة له".
ووصف مشروع العطارات واستخراج الكهرباء من الصخر الزيتي بـ"المشروع الريادي"، ويقول: "يجب أن نعرف فوائد هذا المشروع في تدريب شبابنا على استخراج الطاقة من الصخر الزيتي إلى جانب تشغيل 1000 شاب، وإعطاء الأردن 460 ميغا واط من نفس الموقع ويوفر كهرباء أردنية بأيد محلية بعيدا عن الغاز الصهيوني".
أما الباحث الاقتصادي المتخصص في شؤون النفط والطاقة، عامر الشوبكي، فدعا إلى "إعادة النظر في كل العقود في ملف الطاقة بالأردن التي حملت الخزينة تكاليف إضافية".
وقال: "هذا التعاقد الخاطئ طويل الأمد، لقرابة الـ30 عاما ومرشح للتمديد، ويبلغ سعر الكيلو واط الواحد 12 قرشا وهي تكلفة مرتفعة إذا ما عرفنا أن التعرفة تباع للمواطنين بـ10 قروش، بينما تبلغ تكلفة الكيلوواط من الغاز المستورد 6 قروش، في المقابل فالتكلفة أعلى رغم أن المورد هو مورد محلي من الصخر الزيتي".
ويتابع: "استراتيجية الطاقة التي أصدرتها وزارة الطاقة قالت إن الأردن سيحتاج في 2020 إلى ما يقرب من 8 آلاف ميغا من الكهرباء، الآن حاجتنا من الكهرباء 4 آلاف ميغا، وأنا أطالب بمحاسبة من وضع هذه الاستراتيجية لأنه على أساسها تم التعاقد مع مشروع العطارات وشركات طاقة متجددة، ما رتب خسائر على شركة الكهرباء الوطنية".
ويطالب الشوبكي ومن باب الشفافية الحكومة الأردنية بفتح كل عقود الطاقة التي تسببت في خسائر مادية للخزينة ومحاسبة المسؤولين عن هذا "التخبط، وجعلت أسعار الكهرباء في الأردن هي الأعلى عربيا.
وحول السيناريوهات المستقبلية والمخرج يقول: "دخلنا في التحكيم، ودفعنا أجور التقاضي 5 ملايين دولار، وسيدفع دافع الضرائب الأردني مزيدا من هذه الأجور، والأخطر أننا لن نستطيع أن نكسب قضية العطارات في المحافل الدولية. يجب على الحكومة محاسبة الفاسدين الذين تسببوا في هذا العقد المجحف".
وبحسب موقع هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن يوجد ثماني شركات مرخصة لتوليد الطاقة الكهربائية من المصادر التقليدية (غاز، بخار، ديزل، صخر زيتي)، حيث وصلت الاستطاعة الكلية للنظام الكهربائي في المملكة نهاية عام 2022 إلى حوالي 4429 ميغاواط مقارنة مع 3950 ميغاواط في عام 2021 بزيادة بنسبة 12.1%.