الزلزال السعودي

{title}
أخبار الأردن -

رجا طلب 

المصالحة السعودية – الايرانية عبر الصين لا تعد حدثا مهما فحسب  بل هي اقرب ما تكون لزلزال  "جيوسياسي" منه الى اي شيء اخر.

 

فالدولتان تشكلان واحدا من اهم مصادر الطاقة النفطية، بالاضافة الى القيمة العسكرية والنفوذ السياسي بالمنطقة لكلا الدولتين هذا عدا  الرمزية السياسية – الدينية لكل منهما، وهي كلها  عوامل تجعل من تلك المصالحة ان تحولت لاحقا الى تفاهمات ذات طابع استراتيجي ان تؤدي الى تغيير شكل المنطقة وتقليص مساحة الصراعات الفرعية المتصلة بنفوذ وقوة البلدين والوصول لمرحلة يمكن تسميتها "التفاهم على التنافس" الامر الذي سيفرض في حال تحققه  رسم  خارطة   نفوذ  متفق  عليها ولكن برعاية صينية – روسية.
 
ان الوصول للمرحلة التى اشرت اليها  يعني اضعافا جوهرا  لدور واشنطن  في الشرق الاوسط والخليج العربي، وهو ما يعني ايضا و بالضرورة اضعافا استراتيجيا لدولة الاحتلال وتعطيلا لفائض القوة العسكرية التى تمتلكها وبخاصة في ظل الصراع البنوي الذي باتت تعاني منه والذي تفيد كل مؤشراته انه مازال في بداياته.

والسؤال هنا... ماذا يعنى كل ما سبق؟

بالتدقيق في خارطة المنطقة والاقليم استطيع استخلاص ما يلي من نتائج  وتطورات  محتملة لهذه المصالحة ومن ابرزها ما يلي:

اولا: لم تعد واشنطن  اللاعب  الوحيد والاقوى بالشرق الاوسط  وبالتالى فان على حلفائها الملتصقين بها والمعتمدين  عليها استراتيجيا ان يبادروا ومن الان لاعادة رسم سياسات هادئة لاعادة  التموضع بما  يحقق مصالحهم والقيام برسم استراتيجيات جديدة اساسها ان واشنطن  لم تعد اللاعب الوحيد في الشرق الاوسط وانها دخلت  مرحلة  الخروج الهادىء من المنطقة على غرار ما جرى في الشرق الاوسط بعد الحرب العالمية الثانية  واقصد هنا مغادرة انجلترا وفرنسا الشرق الاوسط  ودخول الولايات المتحدة بدلا من الدولتين  ( سياسة سد الفراغ  لابزنهاور )  وان جل  اهتمام واشنطن  الان  منطقة  شرق اسيا والصين.

ثانيا: الاسراع في تحديد جوهر العلاقات الاستراتيجية مع الصين وعلى كل المستويات باعتبارها القوة القادمة للمنطقة، والتحوط من التبعية العمياء  لها على غرار ما جرى مع واشنطن  خلال العقود الماضية، وتعظيم مبدأ تبادل المصالح  والتفاهم بشانها.

ثالثا: من المهم للغاية استثمار التقارب النسبي بين القاهرة والرياض وربما لاحقا دمشق من اجل تكوين محيط "عربي" تكون طهران ضمن  "مجاله الحيوي" واخراجها من حالة التضاد والتناقض معها سواء  التاقض السياسي او حتى "العقيدي"، وهذا الامر ليس حلما بل هو امر قابل للتحقيق في حال كانت مسيرة المصالحات  الحالية في المنطقة والاقليم واضحة وصادقة  وليست تكتيكية.

 

رابعا:  اسرائيل اليوم ليست اسرائيل عام 1967 وليست اسرائيل عام 1973، فهي الان تعيش كما اشرت اكبر ازمة بنيوية منذ انشائها قبل سبعة عقود وهي ازمة علاوة على انها بدات باضعاف المؤسسة العسكرية والامنية والمجتمع برمته بسبب انقسامه بين علماني ومجتمع حريدي ارثوذكسي، فقد بدات "تظهر للعالم " وتحديدا اميركا والدول الاوروبية ان جوهرها  دولة " ثوقراطية "  على غرار الحالة الطالبانية وان الجهد الذي بذل على مدى 74 عاما من اجل خلق  دولة ديمقراطية على الطريقة الاورو – اميركية ، انتهى في غضون اشهر معدودة ، وهو امر يعنى فيما يعنيه ان " اسرائيل " في حالة ضعف داخلي واضحة وضعف خارجي بعد ان بدات المنظمات الصهيونية العلمانية في اميركا وبريطانيا  وفرنسا والتى تمثل الراسمالية الصناعية تشعر انها اصبحت  على تناقض ملموس  مع "اسرائيل" وهو ما يعنى ان المجمعات الصناعية التى تهيمن على صناعة القرار في تلك الدول لم تعد معنية بدعم وحماية دولة "تنزلق" نحو ان تكون دولة دينية متطرفة  وكل ما سبق يجعل  من الحالة العربية – الاسلامية  قادرة على فرض ارادتها السياسية على هذا الكيان ان ارادت وخططت لهذا  الهدف.
 عنونت المقال  "بالزلزال السعودي" لقناعتي ان الرياض لم تقدم على المصالحة مع ايران من واقع ضعف بل على العكس،  فالرياض في اقوى حالاتها منذ عقود وعلى الصعد كافة  واولويتها الان  هي التنمية وبناء اقتصاد قوى انتاجي وليس  اقتصادا ريعيا اساسه النفط فقط، وان تفاهمها مع بكين ايضا جاء من قناعة راسخة على ما يبدو   للخروج  من تحت العباءة الاميركية وسياساتها التى دمرت المنطقة والاقليم.
تابعوا أخبار الأردن على
تصميم و تطوير