المجالي: المزاج الأردني سلبي.. ومن يتحدث باتزان يُوصف بـ"السحيج"
قال عضو مجلس الأعيان حسين هزاع المجالي إن جلالة الملك حسم أمره بخصوص الأردن الحديث وقاد عملية «التحديث السياسي» برؤية استشرافية، في خطوة إصلاحية لتستهل المئوية الثانية لتأسيس الدولة، ورسخّت أركان الدولة ديمقراطيا، في عالم متغير لا مكان فيه للضعفاء، وباتجاه لا رجعة عنه، نحو الديمقراطية الحقيقية، والمشاركة الشعبية في الحياة السياسية، وصولاً إلى الحكومات البرلمانية.
وأكد أننا تحت نيران حرب مخدرات مكتملة الاركان تمتد ساحاتها من البقاع الغربي وانتهاء بجنوب سوريا، أما أطرافها، فتشمل ميليشيات سورية ولبنانية محسوبة على إيران، وبمشاركة مراكز قوى منتفعة في دمشق، ما فرض على قواتنا المسلحة أعباء وجهوداً جبارة في ضبط الحدود من المخدرات والارهاب وتهريب الأسلحة.
وأوضح المجالي، في حوار مع الرأي، اجراه الزميلان سمر حدادين وفتحي الأغوات، أن الأردن متمسك بحقه في الرعاية الهاشمية للمقدسات الاسلامية والمسيحية من جهة، وهو المؤيد بقوة لخيار «حل الدولتين» والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية من جهة أخرى، معتبراً أن إسرائيل اليوم، ليست التي أَبرم الأردن معها معاهدة السلام في العام 1994، مؤكداً أن الوضع خطير كونه يمثل حالة من الصراع الوجودي الذي لا نملك معه إلا خيارا واحدا وهو المواجهة والانتصار وهزيمة المشروع الصهيوني العدواني التوسعي.
وتالياً نص الحوار:
* يدخل الأردن مئويته الثانية عبر بوابة التحديث على المستويات الثلاثة، السياسي والاقتصادي والإداري، كيف تنظر لمسار التحديث السياسي، وهل ترى أن الحكومات قادرة على السير قدما في هذه المسارات وتنفذ رؤية جلالة الملك في هذا المجال؟
المجالي: لم يكن أمام الأردن إلا الذهاب بهذا الطريق، ولا يجب أن يكون هناك تراجع في هذه المسارات الثلاثة، وقد أكد جلالته خلال النقاشات فيما اذا كان هذا هو الوقت المناسب لهذه التحديثات، وهل المدة كافية أم لا، على أنه لا تراجع في مسيرة التحديث والإصلاح.
وبوجهة نظري فإن صاحب القرار عندما يتخذ أي قرار للصالح العام يقوم باتخاذه دون تردد، أما النقاش حول جاهزية الأردنيين أو قدرة الحكومة على إنجاز الإصلاح والتحديث، فبرأيي ليس مسؤولية الحكومة وحدها، وان هذه المسؤولية تقع على المواطن، بكيفية التفاعل معها، فهناك عدة تحديات تواجهنا كالانتقال من التصويت العائلي والعشائري أو المناطقي إلى تصويت للفكر والبرنامج الحزبي،ويبرز تحدٍ آخر هو إعادة التعامل مع الأحزاب كجزء من المنظومة السياسية الفعالة داخل الدولة بعد أن كان يتم التعامل معها مجتمعياً وسياسياً على أنها كتل سياسية اجتماعية مناكفة للدولة، وهو ما يحتاج إلى تثقيف المجتمع، بما فيه أطفالنا وشبابنا، على العمل الحزبي، لأنه باعتقادي من الصعب لمن كان لا يتقبل الأحزاب أن ينتقل للعمل الحزبي بين ليلة وضحاها، وهنا أود أن أشير إلى أنه بالرغم من أن الأحزاب هي قنوات فكرية وبرامجية للوصول إلى مناصب قيادية، ولكن يجب ان يتقاطع من ينضم إليها مع مجموعة الأفكار والبرامج التي تمتلكها الأحزاب، ولا ينضم للأحزاب بهدف براغماتي فقط للوصول إلى منصب.
هذه التحديات وغيرها يجب ألا توقف أو تعطل مسيرة التحديث، فهناك العديد من التحديات المتوقع مواجهتها عند التطبيق، وهذه التحديات قد تشمل مفاجآت غير متوقعة، مثل انخفاض نسبة المشاركة، وهذا أيضاً يجب ألا يحبطنا، فنحن نحتاج إلى أعوام عدة لتجاوز هذا التحدي.
وأرى أن قانون الانتخاب غير مفهوم لدى السواد الأعظم من المواطنين، فلابد من التركيز قبل الانتخابات بفترة طويلة على عملية التوعية وشرح القانون بطريقة مبسطة للمواطنين، وإيصال الرسالة للمواطن وتعريفه بواجبه وبأهمية مشاركته بالعملية الانتخابية على مستقبله ومستقبل الدولة والوطن.
كما يجب العمل على رفع الوعي بالعمل الحزبي، فالأردنيون ما زالوا متخوفين من الانضمام للأحزاب، ويخشون أن يشكل انضمام شخص لحزب ما يمنع توظيف أقربائه في القطاع العام أو التوظيف لدى الجهات العسكرية أو الأمنية، وهو أمر يجب العمل على طمأنة الجميع بشأنه.
كما أن الانتقال للحياة الحزبية والمشاركة السياسية يحتاج لتوعية كل من يشارك بالعملية الانتخابية سواء أكان مرشحاً أو ناخباً، أو من يعمل على إدارة العملية الانتخابية، وعلى جميع الاطراف استيعاب الانتقال الديمقراطي الحزبي، فنجاح العملية يتعلق في عدةعوامل وأطراف، ولا يقتصر على طرف أو جهة واحدة فقط.
وإذا أردنا أن تتجذر التجربة وتنجح، فعلينا الاهتمام بالتثقيف السياسي والذي يجب ان يبدأ من المدرسة، وأن يكون من يتعامل مع هذا التثقيف جاهزاً لهذا الامر.
هذه التجربة هي الميدان الصحيح لاختبار الأحزاب والقوى والتيارات السياسية والاجتماعية للتنافس وطرح الرؤى والأفكار والبرامج، والشعب وحده سيكون صاحب القرار في اختيار من يمثله في السلطتين التشريعية والتنفيذية، ويمكنه حجب الثقة عن ممثليه في الانتخابات التالية في حال تقصيرهم، وعلى هذه المبادئ المتفق عليها.
* كيف يمكن أن نصل إلى تثقيف سياسي حقيقي ينعكس على أداء المواطنين بصورة تشجعهم للانخراط بالعمل الحزبي؟
المجالي: يجب على من يقوم بالتثقيف الحزبي أن يمتلك المعرفة والخبرة والثقافة الحزبية، وأعتقد أن وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي هما الأساس في عملية التثقيف، وهما الجهتان القادرتان على إحداث التغيير، نظراً للوقت الطويل الذي يقضيه الطلبة في مدارسهم وجامعاتهم، وكم ونوع المعلومات التى يتعرضون لها خلال وجودهم بالمؤسسة التعليمية، وأيضا علينا استثمار أدوات الثقافة من فن ومسرح، ودور للإعلام المهني الوازن، دون إغفال لدور منصات التواصل الاجتماعي شريطة ألا تحل مكان الإعلام المهني، بالإضافة إلى دور المنتديات الاجتماعية والأندية في الحديث عن الثقافة الحزبية بصورة إيجابية.
وخلال هذه العملية علينا الالتفات إلى حقيقة أن المزاج الأردني العام لم يعد يتقبل أي رأي إيجابي تجاه الدولة، في حين أنه يتفاعل مع كل رأي سلبي. فمن يتحدث بكلام متزن يتم نعته بأنه «سحيج»، لا يقال أنه أعطى للوطن حقه.
* بخصوص رؤية التحديث الاقتصادي، هل ستمكننا من تجاوز مشاكلنا الاقتصادية ونتجه نحو اقتصاد يؤهلنا للاعتماد على أنفسنا؟
المجالي: أعتقد أنه لا مجال لاختيار السير بغير رؤية التحديث الاقتصادي، حتى وإن تأثرنا قليلا في البداية،فيجب أن ندرك أن زمن المساعدات غير المشروطة قد انتهى، والأردن يمر بضائقة مالية كبيرة،مع ارتفاع للدين العام،دون أن ننسى أن منطقتنا تمر بمخاضات كبرى وتعيش حالةمن الارتباك السياسي والاقتصادي.
وهذا يتطلب منا العمل على بناء شراكات مع دول الجوار، والجوار الأبعد تحكمها المصالح المشتركة وتعتمد نقاط القوة المتبادلة بين كل الأطراف، عبر خلق تفاهم مشترك وتبادل مصالح بين الأطراف وتعزيز نقاط القوة لدى جميعها.
وهنا أود التأكيد أنه لن يصار إلى تنفيذ أيةعملية من عمليات التحديث إلا في ظل فرض هيبة الدولة.
* هل ترى أن الإصلاح الإداري أصبح ضرورة، في ظل الحديث عن تراجع أداء الأدارة العامة الأردنية؟
المجالي: الإصلاح الإداري هو المرجع الأساسي لجميع العمليات الإصلاحية، إذا لم نصلحه فنحن في وضع صعب، ويبدأ في كفاءة التعيينات، أي أن يكون الشخص المناسب في المكان المناسب، وينبغي العمل المستمر على رفع قدرات الموظفين، بحيث يكون التقييم والاستمرار بالوظيفة على أساس الكفاءة، لا أن يكون التعامل على مبدأ «من دخل بيت أبي سفيان فهو آمن»، أعتقد أنه عندما يكون حل مشكلة إيجادحلول للتوظيف هو القطاع العام نكون قد قضينا على القطاع العام، وهذا يدخلنا في المحاصصة والمناطقية ويحد من تطوير هذا القطاع، وهذه أساسيات لابد من الو?وف عندها.
كما يجب أن نعيد النظر بمنظومة الإدارة العامة،فديوان الخدمة المدنية اليوم لا يعطي الخيار الأفضل في عملية التوظيف في القطاع العام، لكن يجب علينا، عندما نختار البديل أن نختاربديلاً منطقياً يراعي الأساس ودينامكية التوظيف، قبل الإقدام على إلغاء ديوان الخدمة المدنية.
وفيما يخص وجود الهيئات المستقلة والهدف من وجودها، فوفقا للمعايير الدولية لا يجوز أن يكون المنفذ هو نفسه المراقب، وأنا شخصيا غير مؤيد لوجود هيئات مستقلة، إلا أن وجود بعضها تستلزمه طبيعة القطاع والعمل، فالهيئات الرقابية لا يجوز دمجها مع الجهات المنفذة، وفي المقابل أرى أن وجود بعض الهيئات غير مبرر.
وهنا أشير إلى أن حكومة الدكتور عبدالله النسور قد ألغت عدداً من الهيئات المستقلة.
* هل يوجد لدينا صالونات سياسية بمثابة بيوت خبرة، أم أنها موجودة للمناكفة ووسيلة للقفز إلى المناصب؟
المجالي: بالنسبة لي لم أشارك ولم أكن بأي صالون سياسي، حتى الدعوات والعزائم ذات مغزى سياسي لا أشارك بها. ولا أشكك بأي إنسان يفتح صالوناً سياسياً، على سبيل المثال فإن المرحوم مروان الحمود كان صاحب صالون سياسي ولم يكن مناكفاً للدولة.
وهناك شخصيات وطنية لها صالونات سياسية لكنها لم تناكف الحكومات لأهداف خاصة، لكن لابد من النظر إلى المستوى الفكري للصالون السياسي، وهل لديه مفكرون وأكاديميون، إعلاميون،العديد من الصالونات السياسية يشكله من أنهوا العمل العام فاستخداموا هذا الصالون كمنصة للعودة للعمل العام.
مبدأ الصالون السياسي أمر صحي، ولكن المشكلة تكمن في أسلوب إدارة الصالون السياسي، وهذا الأمر ليس فقط حصراً على الاردن بل موجود في كل مكان،ويراه البعض أداة يهدفون من خلالها إسماع صوتهم عبر مناكفته الحكومات.
* هناك ظاهرة في الأردن، أن المسؤول لا يتقبل وجهات النظر المخالفة له عندما يكون على كرسي المسؤولية، ولكنه حين يغادر المنصب يبدأ بالمناكفة والانتقاد، لماذا؟
المجالي: هذا له علاقة بالتربية السياسية والمهنية، فنحن بمعظمنا لا نؤمن بمبدأ «لو دامت لغيرك ما وصلت لك»، دائما أقول لمن يخرج من المسؤولية والوظيفة العامة خصوصا من العسكريين «رأس الهرم الوظيفي لا يتسع إلا لواحد»، فقد يكون هناك عدة أشخص مؤهلين لكن المكان لا يتسع إلا لشخص واحد، ودائما كنت أقول أن أشخاصاً كنا نتغنى بإنجازاتهم وانتمائهم غادروا المنصب كالمشير حابس المجالي رحمه الله، حيث تمت إحالته للتقاعد من خدمته العسكرية، بقرار مجلس وزراء آنذاك، لم يرتق حتى لإرادة ملكية، فمن يحصل على رتبة
ومنصب يكون قد أخذ مكان غيره هكذا تكون ديناميكية الحياة والعمل العام.
أنا تركت وزارة الداخلية في ظروف استثنائية وانا مقتنع بأني قمت بواجبي كما يجب، فلا يمكن أن أخونها أو أؤذيها لأنني خرجت من منصبي.
* لو تم تكليفك بتشكيل حكومة، هل تمتلك برنامجا سياسيا واقتصاديا؟
المجالي: الوضع الاقتصادي يكبل أي شخص يجلس في موقع المسؤولية، ولكن أعتقد أن جزءاً مهماً من عملية حل الأزمة الاقتصادية يتم من خلال الانفتاح على الناس وشرح الوضع القائم كما هو، وإشراك المواطن في اتخذ القرار الصعب على أن يتحمل المسؤولية، ولا يمكن أن يحدث ذلك دون التوضيح والشرح الوافي للتوجهات.
أزمة الثقة بين المواطن والحكومة تحتاج إلى الشفافية والصدق مع المواطن في الأمور الإدارية للدولة والانفتاح على الناس، كأن يعرف المواطن معرفة تسعيير البنزبن، فلماذا لا يتم الحديث عنها بشفافية، من خلال الأدوات الحكومية والتواصل بلغة مناسبة يفهمها الجميع، دائما نحن نتبع الحدث ولا نهيئ له، ولابد من مهنية وحرفية في التعامل مع الأحداث.
وهنا لا بد من التأكيد على أن الاستثمار هو الحل المطلوب،لكن علينا التوقف عن التخوين والاتهام بالفساد والتردد في اتخاذ القرار ووقف اليد المرتجفة في اتخاذ القرار،فأين الفساد في تقديم تسهيلات من شأنها جذب استثمارات توفر فرص عمل، من خلال إعطاء الحوافز للأردني وغير الأردني، مع الحفاظ على ما هو موجود من استثمار، كل ذلك لا يتأتى إلا من خلال فرض هيبة الدولة واستقرار التشريعات وألا تؤثر التعديلات على من أسس استثماره وفقا لتشريع سابق.
هناك سياسة غير جاذبة للمستثمر،وفجوة كبيرة بين المستثمر والقطاع العام من خلال نظر الإدارة العامة إلى المستثمر على أنه شكل ثروته عبر نشاطات غير قانونية، في المقابل فإن المستثمر ينظر إلى الإدارة العامة على أنها التي تعيق استثماره ونجاحه.
لذا ينبغي محاسبة من يعرقل الاستثمار، ومن يعمل، من خلال وظيفته العامة، على ربط مصلحته الشخصية بقراره الإداري، وبحثه عن الاستفادة من هذه الاستثمارات لتحقيق مكاسب خاصة.
الأردن حقق المعجزات رغم استقباله الكثير من اللاجئين.
* ما رأيك في وضع الصحافة الأردنية، وهل تحتاج إلى دعم رسمي؟
المجالي: هناك ضرورة لدعم الصحافة،فإذا ضعفت الصحافة حل محلها الجهل، دعم الصحافة ليس خياراً بل ضرورة، فهناك دور مهم للصحافة المهنية الوطنية في نقل القضايا الوطنية.
* كيف ترى حرب المخدرات التي تشن على الأردن وما تقييمك لمواجهتنا لها، وهل لديك، بحكم خبرتك الأمنية، حلول ونصائح بهذا المجال؟
المجالي: ملف المخدرات أصبح مشكلة كبرى في الأردن، وعلينا أن نتجاوز مرحلة الحديث الناعم عنها للحديث بعمق عن كارثة تتسرب كل يوم إلى اعماق المجتمع الأردني، لتصبح التهديد الأكبر الذي يواجهنا في الحاضر والمستقبل، والذي لا يقل خطورة عن خطر الإرهاب.
نعم، نحن تحت نيران حرب مخدرات مكتملة الأركان تمتد ساحاتها من البقاع الغربي وانتهاء بجنوب سوريا، أما أطرافها، فتشمل ميليشيات سورية ولبنانية محسوبة على إيران، وبمشاركة مراكز قوى منتفعة في دمشق، ما فرض على قواتنا المسلحة أعباء وجهوداً جبارة في ضبط الحدود من المخدرات والارهاب وتهريب الأسلحة.
لذا فالحاجة ماسة الآن إلى ضرب"أباطرة» المخدرات وسماسرتهم بيد من حديد ودون هوادة، والعمل على مختلف المستويات لإحباط نشاط هذه الشبكات والعصابات، وخلاف ذلك سيبقى المجتمع هو الضحية ويبقى الخطر قائما والقلق يزداد، فالقنبلة الارهابية قد تقتل عدة اشخاص لكن المخدرات تقتل أجيالا بأكملها، وتفتت بنية المجتمع.
أولى الحلول لمشكلة المخدرات يكمن في التثقيف داخل العائلة والمجتمع،على أن يسبقها الوصول إلى أساس المشكلة من خلال التوعوية حول أثرها، فلو افترضنا أننا أحكمنا السيطرة على جميع المعابر والحدود من كل الاتجاهات وتمكنا من منع دخول المخدرات إلى الأردن، بالمقابل كيف نمنع الكبتاجون الذي يصنع في داخل الأردن، كيف سأمنع أولادنا من التعاطي؟ الحل يكمن بالتوعية والتثقيف بمخاطر المخدرات.
هل تشن حرب على الأردن نعم صحيح، هل الأردن واعٍ لها؟ نعم صحيح، ولكن لا يجب أن يوضع الحل على عاتق المؤسسة الأمنية والعسكرية وحدها، يجب أن يرافقها حلول تثقيفية واجتماعية.
الحل الأمني ليس دائما الحل في جميع الأمور المتعلقة بالمخدرات أو الأمور السياسية والاجتماعية وإدارة الدولة، فالوصول إلى الحل الأمني يعني أن جميع الحلول السابقة قد فشلت.
لابد من حلول جذرية تتعامل مع المشكلات التي تواجه المجتمع، وألا تكون المخدرات (قميص عثمان) للتملص من المسؤولية، في حال لم نجد تفسيراً لتصرف معين من قبل أفراد المجتمع، حيث يتم الارتباح للقول أن من قام بفعل مستنكر أنه يتعاطى المخدرات،وإن كان ليس كذلك، ولكن بغية إيجاد مبرر لتصرفه غير المقبول.
هناك حرب ويجب ان تجابه هذه الحرب بالفكر والعلم والتوعية والثقافة ومن ثم الانتقال للحل الأمني، مع إدراك أن بيئة الفقر والبطالة تساعد على انتشار هذه الظاهرة،ولابد أن تدرس من قبل أخصائيين وليس فقط أن تترك للحل الامني في التعامل معها.
* قانون الكبتاغون الذي أصدره الكونجرس الأميركي، هل يعني أن الولايات المتحدة ستشن حربا ضد المخدرات في سوريا كما فعلت في أميركا الجنوبية، وكيف ترى دور الأردن أمنيا واستخباراتيا بهذه الحرب، وهل سيساعد على التخفيف من حجم التهريب عبر المعابر الشمالية؟
المجالي: لدى الأردن أجهزة أمنية قوية وتمتلك معلومات استخباراتية كبيرة، لكن لماذا التفكير بقانون الكبتاغون كرخصة للولايات المتحدة للقيام بعمل ما في ما كان ما، الولايات المتحدة ليست متضررة بالمخدرات التصنيعية في سوريا، لماذا لا نرى أن قانون كبتاجون هو غطاء قانوني لدول المنطقة في التعامل مع ظاهرة عمليات تهريب المخدرات،فهذا القانون رسالة وغطاء للدول المجاورة، فالولايات المتحدة لديها جيش موجود في سوريا، إذاً القانون رسالة لمحاربة المخدرات.
* تسجل لكم انتهاج سياسة (الأمن الناعم) فكيف استطاعت أن توائم بين ضبط الأوضاع في ظروف استثنائية وبين هذه السياسة؟
المجالي: لست أنا من أطلق مصطلح «الأمن الناعم» وإنما الإعلام هو من أطلق هذا المسمى، الأسلوب الذي اتبعناه في التعامل مع الاحتجاجات والمظاهرات أسلوب منصوص عليه في الدستور وقانون الأمن العام والقوانين التي تنظم التعبير عن حرية الرأي،وطبقنا ما كفله الدستور والقوانين الناظمة للأفراد في التعبير عن رأيهم، المغرضون الذين لم يعجبهم هذا الأسلوب بالتعامل قالوا «فلتت البلد»، أكثر ضبطيات مخدرات تمت في تلك الفترة، كانت هناك ما يراه البعض مناطق محرمة على الأجهزة الأمنية تم دخولها، وكان معدل سرقات السيارات يصل إلى نحو 14 سيارة يوميا، ولكن نزل هذا العدد إلى صفر.إضافة إلى إلقاء القبض على كبار المجرمين من مجرم خطير وخطير جدا، هذه الإنجازات تمت في عهد «الأمن الناعم»، وحسب وصف أحد الأشخاص لتلك المرحلة فهي (يد من فولاذ تلبس كفوفاً مخملية).
كان هناك تساؤل كيف تمكن جهاز الأمن العام من الانتقال النوعي في التعامل مع الأحداث الجارية وقتها بأسلوب مرن، وهذا يدل على الانضباط وقوة العقيدة والقيادة.
عندما وزعنا عصيراً وماء على مظاهرات يوم الجمعة، تعاملت الشرطة بلندن يوم الأحد بعنف مع المتظاهرين، فقام الاعلام العالمي والإذاعات بالإعلان بين معالجتنا وتعاملنا مع المتظاهرين وبين التعامل الذي حدث في لندن.
* كيف تقرأ الانفتاح العربي على سوريا ومحاولات إعادتها إلى الصف العربي؟
المجالي: عودة سوريا إلى الحضن العربي سيكون مربوطا بشروط، وبالغالب هي شروط تعجز سوريا عن تحقيقها، واليوم يقف العالم العربي امام خيارين فإما ابعاد سوريا لتذهب لأحضان قوى إقليمية معادية للعرب أو احتواء سوريا ومنحها الانخراط التدريجي بالعالم العربي.
سوريا بحاجة للعالم العربي أكثر بكثير من حاجة العالم العربي لها، ولكن هذا لا ينفي أن العالم العربي ليس بحاجة لسوريا، فهي نقطة وصل بين أطراف العالم العربي.
* تمر القضية الفلسطينية في مرحلة صعبة نتيجة وجود حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة، كيف تقرأ المشهد في ظل ما يجري في مسجد الأقصى المبارك؟
المجالي: لا يوجد أصدق من الأردن بنصرة فلسطين والشعب الفلسطيني، فنحن رئة فلسطين. فالأردن كما العالم، أمام نظام أيديولوجي صهيوني متدين متطرف يؤمن بأن لا حق للفلسطينيين في الوجود على أرضهم ويمارس ذلك قولاً وفعلاً، وهذه المواقف الصريحة لا مواربة فيها كما كان حال الحكومات اليمينية السابقة فيما يتعلق بإنكارهم للحقوق الفلسطينية المشروعة، وهذا دليل قاطع للشعوب ودول العالم على ان هذا الكيان ممثلا بالحكومة الحالية كشف عن حقيقته كنظام استعماري عدواني إحلالي غير ابه بالقرارات الدولية، الأمر الذي سيدهب بالمنطقة إلى الم?هول.
وتابع: الإجراءات الإسرائيلية هي تعبير عن العقلية الاسرائيلية العنصرية التي باتت تسيطر على الحكم في دولة الاحتلال وهي شكل من أشكال ارهاب الدولة المنظم ضد الشعب الفلسطيني، ونتنياهو في موقف صعب ويريد ان يصدر أزمته الداخلية المتفاقمة على حساب الدم الفلسطيني، وهو ما يتطلب من فصائل المقاومة الفلسطينية التوحد وممارسة اقصى درجات الصحوة واليقظة وضبط النفس تجاه مخططات نتنياهو الذي يسعى من تلك المخططات الى توحيد المجتمع الاسرائيلي المنقسم على ذاته واطالة امد حكومته.
وقال: الأردن في مسار تصادمي مع هذا النظام، لأنه مستمسك بحقه في الرعاية الهاشمية للمقدسات الاسلامية والمسيحية من جهة، ومن جهة أخرى متمسك بموقفه المؤيد بقوة لخيار "حل الدولتين" والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية، والذي بتقديري انتهى بلا رجعة، فإسرائيل اليوم، ليست هي التي أَبرم الأردن معها معاهدة السلام في العام 1994.
أضاف: إسرائيل تعلم أن الملك هو الوصي الشرعي والتاريخي على المقدسات الإسلامية والمسيحية وفقاً للبيعه التي جرت منذ عام ١٩٢٤.. وهي خط احمر بالنسبة و العبث بهذا الملف هو لعب بالنار.
ووصف تصريحات رموز اليمين الصهيوني العنصري الاخيرة حول فلسطين والاردن، بـ «الوقحة»، مشيرا الى انها لن تكون الا حافزا للمزيد من لحمتنا ووحدة شعبنا والتفافنا حول قائد الوطن وقواتنا المسلحة الباسلة.
وأشار إلى أن ما يحصل حاليا من التطرف اليميني في إسرائيل هو أفضل ما حصل للشعب الفلسطيني " كانت تأتينا حكومات إسرائيلية معلبة بالحنان والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والتطور والإنسانية وخريجين الهلوكوست، لكن الآن ظهرت الصهيونية على حقيقتيها ليراها العالم، لم نتمكن كعرب إعلاميا وسياسيا تعرية الفكر الصهيوني المتطرف كما قام المتطرفون الصهاينة بذلك نيابة عنا"، وأعتقد أن الوزير المتطرف سموتريتش قدم لنا خدمة بتطرفه، حيث كشف حقيقة إسرائيل وكيف تنظر للعرب وإلى المنطقة من وجه نظرها الاستيطانية التوسعية الاحتلالية العنصرية.