المياه أزمة سياسية وحلول مستعصية

{title}
أخبار الأردن -

أحمد حمد الحسبان

مع إطلاق الاستراتيجية الوطنية للمياه قفزت قضية الأسعار إلى الواجهة من جديد، وتصدرت هذه القضية اهتمامات الشارع الذي كان قد حصل على تأكيدات بأن أسعار المياه لن ترتفع، وأن إشكاليات التزود المائي في طريقها إلى الحل من خلال إقامة مشروع الناقل الوطني الذي يتكون من محطة لتحلية مياه البحر في العقبة، وخط ناقل يربط تلك المحطة مع أقصى مناطق الشمال.

ومع الغياب المرحلي للحديث عن مشروع “الكهرباء مقابل المياه” مع الكيان الإسرائيلي هناك تأكيدات بأن مشروع الناقل الوطني سيرفع كلفة فاتورة المياه بنسبة 200 بالمائة، ومطالبات من الدول الداعمة وبخاصة المانيا والولايات المتحدة بأن ترفع الحكومة أسعار المياه على المستهلكين وأن تعمل على خفض كلفة الطاقة اللازمة لقطاع المياه. وفي المقابل لم تنف الوزارة التوجه لرفع الأسعار، حيث أكد مسؤولون أن”رفع الأسعار لن يتم قبل العام 2024″. ما يعني أن الرفع قادم لا محالة.

الاستراتيجية، وعلى الرغم من أهميتها، وغناها بالأفكار والتصورات، لم تتجاوز تفاصيلها الحديث عن صعوبة الوضع المائي حاضرا ومستقبلا. ولم تتخطّ التأكيد على إجراءات لتحسين الواقع المائي وليس حله نهائيا.

فقد أشارت – ضمنا- إلى إجراءات منتظرة، بعضها يندرج ضمن إطار التحديث والتطوير، وتحسين الواقع المائي، ومعظمها يحمل المواطن كلفة تلك الإجراءات والترتيبات التي تحاول وقف التدهور في الوضع المائي الصعب.

فالشروحات والمعلومات المرافقة للاستراتيجية، أشارت إلى أن حصة الفرد في الأردن من المياه لكافة الاستخدامات ستتراجع من 61 مترا مكعبا – حاليا- إلى 35 مترا بحلول عام 2040 فيما إذا بقيت مصادر المياه كما هي، وبقي عدد السكان كما هو الآن مقابل 9 آلاف متر مكعب سنويا متوسط حصة الفرد عالميا عام 2019.

من يقرأ الاستراتيجية، ويربطها مع الواقع يخلص إلى نتيجة مفادها أن مشكلة المياه هنا سياسية بالدرجة الأولى، وفنية بالدرجة الثانية وهي النتيجة التي أكدها خبراء في هذا المجال. فمن الناحية السياسية، لم يكن الوضع سيصل إلى مثل هذه الدرجة من الصعوبة لو أن الحكومة نجحت في استخدام حقها ببرمجة ملف الوافدين وضبطه، بحيث لا يرتفع عدد السكان بمثل ذلك المستوى سواء من اللاجئين أو العمالة الوافدة.

ومن نفس الباب تتحمل الحكومة مسؤولية استنزاف الكثير من الأحواض المائية الجوفية نتيجة لمحاباة بعض المتنفذين ممن حصلوا على تراخيص لحفر آلاف الآبار الجوفية يقابلها أشخاص شعروا بالغبن وتحدوا القانون وقاموا بحفر آلاف الآبار بطرق غير قانونية.

ومنها أيضا الامتيازات التي منحت لمستثمرين أو غيرهم واستنزفت مئات الملايين من الأمتار المكعبة من المياه الجوفية سنويا لغايات الزراعة والسياحة أو غيرها. ومنها أيضا التساهل في مجال الحقوق المائية مع بعض دول الجوار.

ومنها أيضا، رفض الحكومة السماح بتركيب واستخدام أنظمة الطاقة المتجددة في مجال ضخ المياه وإلزام الشركات بشراء التيار الكهربائي من الشبكة العامة مرتفعة التكاليف.

أما من حيث الناحية الفنية، فالخطة تكشف عن أن ما تسميه الحكومة” الفاقد المائي” يصل إلى 50 بالمائة من كميات الضخ، وهو مزيج ما بين السرقات والاعتداءات على الخطوط والتسرب من خلال الشبكة. حيث تسعى الاستراتيجية إلى خفضها بنسبة 2 بالمائة سنويا وبما يصل الى 25 بالمائة عام 2040. ما يعني ان الملف الشائك ما يزال بعيدا عن الحل، وأن المواطن سيبقى يدفع الثمن.

 

تابعوا أخبار الأردن على
تصميم و تطوير