بأوصاف ومصطلحات غير لائقة.. الدرعاوي يقسو بالرد على الحاج توفيق
بعد أيام على منشور كتبته رئيس غرفة تجارة عمان خليل الحاج توفيق عبر صفحته في فيسبوك، وانتقد فيه موقف "خبراء ومحللين" من تأجيل أقساط البنوك، أطل الكاتب الاقتصادي سلامة الدرعاوي في مقاله بصحيفة "الغد" أمس الأحد، ليرد بقسوة على الحاج توفيق بدون أن يسمه بشكل مباشر.
الحاج توفيق كان تطرق إلى أهمية تأجيل الأقساط، وقال في خاتم منشوره "أتمنى من بعض الذين اعترضوا وهم من خبراء الصدفة أن يفزعوا للوطن وأبنائه وإن لم يرغبوا بذلك فليصمتوا".
وفي رده على الحاج توفيق، شن الدرعاوي هجوما لاذعا استخدام فيه أوصاف مثل "الشخص المأزوم"، و"شهبندر التجّار"، و"معقب المعاملات"، و"أبواق الشعبويّات"، و"ظاهرة صوتيّة حاقدة".
بخصوص موضوع تأجيل اقساط البنوك، فإن الجهة الوحيدة التي خاطبت رسميا جمعية البنوك والبنك المركزي ووزير الصناعة والتجارة هي غرفة تجارة الاردن، ونعلم ان قرار التأجيل هو قرار البنوك وهي قطاع خاص ويملكها مساهمون أردنيون وعرب وأجانب وربما اكثر من نصف مالكوا البنوك الأردنية مساهمين ليسوا اردنيون .
من حق البنوك ان تعتذر عن طلبنا وطلب كثير من الجهات، ولا نتسطيع اجبارها فلقد قامت بالتأجيل ٩ مرات من قبل وتشكر على ذلك، ولكن ما لفت انتباهي هذه المرة كمية الخبراء الذين تصدروا مشهد الدفاع المستميت عن البنوك ومارسوا البكاء على المواطن الغلبان وهاجموا كل من طالب بالتأجيل وبالطبع الامر لا يعنيهم لان امورهم المالية طيبة وهناك مصالح وهناك تواصل مع بعض قيادات البنوك وهناك عقود استشارات ومنافع سابقة وحالية ولاحقة .
أي كان هؤلاء من قبل؟ لماذا الان وبلغة واحدة ضمن سنفونية معدة مسبقا؟
طالما انهم خبراء فلماذا لم يقدموا الحلول؟ حتى لو كان طلبنا لبس في محله فلا يحق لهم المزاودة عليها وهم من استفاد لسنوات طويلة من الخزينة وغيرها لسنوات طويلة وبعضهم هبط علينا بالبراشوت واخذ مناصب اكبر من حجمه وامكاناته .
لماذا لم يطالبوا التأجيل المجاني ضمن المسؤولية الاجتماعية للبنوك ونظرا لارباحها العالية والتي لا نحسدها عليها طبعا طالما يخشون تحميل المواطن أعباء اضافية، الكل يعلم صعوبة الاوضاع عند التجار وعند المواطنين ولكن يبدو ان التنظير الموجه بالريموت كنترول او السير على مبدأ " خالف تِعرف" اصبح موضة هذه الايام.
على العموم يبدو اننا في عهد الفزعة للاقوى !!
اتمنى من بعض الذين اعترضوا وهم من خبراء الصدفة ان يفزعوا للوطن وابناءه وان لم يرغبوا بذلك فليصمتوا.
أما نص ما كتبه الدرعاوي فهو:
اتّهم رئيس غرفة تجاريّة عدداً من الزملاء الصحفيّين والمحلّلين الاقتصاديّين الّذين أبدوا موقفاً مهنيّاً من قضيّة المطالبات الشعبويّة بتأجيل أقساط البنوك، شارحين أبعاد خطورتها الاقتصاديّة على المقترضين أنفسهم على المدى البعيد، بأنّهم كتاب “صدفة”، ويتقاضون من البنوك لقاء كتابتهم بهذا الاتّجاه.
لمجرّد الاختلاف بالرأي اتّهموا بأنّهم “يقبضون”، أمر مؤسف ومخجل أن يصدر من أحد ممثّلي القطاع الخاصّ مثل هذه الاتّهامات في منشور له على صفحات التواصل الاجتماعيّ وهو خارج البلاد، وكان بإمكانه أن يعبّر عن رأيه بكلّ أدب واحترام، لكنها إن دلّت فإنّما تدلّ على أن كلّ “إناء بما فيه ينضح”.
الحوار الاقتصاديّ له أصول وآداب، وليس للشعبويّات جانب فيه بقدر ما للأرقام والحقائق من دور أساسيّ في تكوين الرأي وتشكيل الموقف من القضايا، ومن يمارس العمل الاقتصاديّ والتمثيليّ للقطاع الخاصّ يجب أن يتحلّى بروح المسؤوليّة الوطنيّة والخطاب المسؤول الموجّه نحو خدمة القطاع الّذي يمثّله بشكل عامّ، وليس بشكل جزئيّ كما يفعل البعض وتحديداً هذا الشخص الّذي اتّهم الزملاء بكلماته النابية.
موضوع تأجيل أقساط البنوك موضوع جدليّ في عقليّة الكثير ممّن يتداولونه، والآراء حوله متضاربة، لكنّ الأساس الاقتصاديّ السليم هو أن يكون هذا القرار بمعزل عن التدخّلات الشعبويّة الموجّهة لخدمة شريحة معيّنة بذاتها، وأن يكون وليد قناعة اقتصاديّة راسخة لإدارات البنوك أنفسها فقط دون أي تدخل أو توجيه لها بناء على مطالبات ضيّقة أو شعبويّة أو لصالح جهة معيّنة أو لصالح جهة تحاول أن تستغلّ الأوضاع الاقتصاديّة للتسلّل نحو مكتسبات جديدة خاصّة من الجهاز المصرفيّ، ولو كان الأمر كذلك، لماذا لا يقترح ذلك المدعو بتخفيض القطاع التجاري بكل قطاعاته أسعاره خلال الشهر الفضيل والاكتفاء بالكلفة، حينها سيضخ في السوق ما لا يقل عن 300 مليون دينار، وسيكون لها انعكاس إيجابي على الأسواق والقدرة الشرائية للمواطنين حسب نظرية الفكر “المنحرف” لبعض الأبواق الشعبوية.
عدم تأجيل أقساط البنوك قرار اقتصاديّ بحت، وهو سليم في ظلّ المعطيات الراهنة، ولا يجوز لممثّل للقطاع الخاصّ أن يتدخّل في شؤون عمل القطاع الخاصّ في الشركات والمؤسّسات عامّة وتحديداً البنوك.
أمّا أن البنوك تربح كثيراً وتصويرها في المجتمع بأنّها “بعبع” كما فعل رئيس الغرفة المذكور في منشوره، فهذا أوّلاً ليس اتّهاماً، بل هذا مؤشّر ودليل أن بيئة العمل الأردنيّة للقطاع المصرفيّ ما تزال حيويّة وقويّة وفاعلة، وتحقيق الأرباح هو مؤشّر صحّيّ على ذلك، لأنّ لولا أرباح البنوك ما كانت هناك بالأساس تسهيلات للقطاعات الاقتصاديّة وتحديداً التجاريّة والحكوميّة كذلك، فالبنوك تمنح قروضاً سنويّة لهذه الشرائح بأكثر من 32 مليار دينار، لذلك يجب أن يكون الجميع حريصاً على سلامة وأمن القطاع المصرفيّ، وأن ينظر للأرباح نظرة إيجابيّة، وليست سلبيّة كما يفعل بعض أصحاب الأفق الضيّق، خاصّة وأنّ ضريبة الدخل من البنوك وحدها تشكّل ثلث التحصيلات تقريباً، وإذا ما أضفنا قطاعي التعدين والاتّصالات، فإنّ هذه الشركات وحدها تستحوذ على أكثر من 80 % من إيرادات ضريبة الدخل، وباقي الشركات في المملكة والّتي يتجاوز عددها 100 ألف شركة تدفع أقلّ من 20 %
أمّا عن المسؤوليّة الاجتماعيّة وتصوير البنوك بأنّها بعيدة عن هذا المجال، فهذا الأمر لا يعدو كونه تلاعباً بالعواطف الّتي تندرج في إطار الشعبويّات الزائفة الّتي يطلقها أمثال هذا الشخص المأزوم، فالبنوك في الأردنّ هي أكبر داعم للمسؤوليّة الإنتاجيّة في المملكة، ولا يوجد أي جهة تدفع أكثر منها، والكلّ يتذكّر صندوق همّة وطنّ الّذي تشكّل خلال جائحة كورونا، والّذي جمع أكثر من 96 مليون دينار، غالبيّتها بل معظمها جاءت من القطاع المصرفيّ، وهذه نقطة في بحر التبرّعات المؤسّسيّة الّتي يقدّمها الجهاز المصرفيّ في مختلف المجالات.
كلمات رئيس الغرفة التجاريّة المذكور النابية بهذا الشكل للكتّاب والمحلّلين والاقتصاديّين، وتشويه صورة الجهاز المصرفيّ الّذي هو أصلاً عضو في الهيئة العامّة في الغرف التجاريّة لا يمكن التوقّف عندها باعتبارها منشوراً عاديّاً صدر هكذا، فالأصل أن يكون الخطاب والتوجيه مسؤولاً، وهذا ما يدفعنا لتذكير وتنبيه هذا الشخص وغيره من أبواق الشعبويّات الّذين شكّلوا في السنوات الأخيرة ظاهرة صوتيّة حاقدة، تسلّلت لمؤسّسات القطاع الخاصّ بسبب الثغرات في قانون الغرف التجاريّة والّتي تسمح “لمراق الطريق” أن يصبحوا أعضاء في هيئتها العامة، فالأصل أن يكون رئيس الغرفة تاجراً ممارساً، وأن يكون لديه تجارة وشركة وله إقرار ضريبيّ وسيرة عطرة بين الناس، لا أن يكون عاملاً لدى التجّار أو بعض شركات المولات، حينها يستحقّ أن يطلق عليه لقب شهبندر التجّار، وليس معقّب معاملات.