تقرير يكشف دور المخابرات في إحباط العمليات الإرهابية

{title}
أخبار الأردن -

صدر العدد الخامس على التوالي من تقرير "مؤشر الإرهاب في الاردن" Jordan Terrorism Index (JTI) الذي يُصدره "مركز شُرُفات لدراسات وبحوث العولمة والإرهاب".

ويقدم التقرير موجزاً شاملاً للأحداث، والاتجاهات، والأنماط العالمية الرئيسة في ظاهرة الإرهاب في المملكة الأردنية الهاشمية على مدى السنوات المئة الماضية (1921م-2022م) من عمر الدولة في الاردن، من خلال عملية غير مسبوقة في الأردن من رصد وأرشفة ووضع علامات وهيكلة وتصنيف وفرز المحتوى وتصنيف جميع العمليات الإرهابية منذ تأسيس الأردن، مع تركيزٍ خاص على الأحداث والاتجاهات خلال العقدين الماضين، والتي تتوافق مع صعود، وسقوط تنظيم داعش في العراق والشام ومقتل معظم قياداته الرئيسة.

ويتميز الأردن بمعدلٍ منخفض من العمليات الإرهابية مقارنة مع دول أخرى في المنطقة، ولكنه ثابت في المعدل السنوي المتوقع، وهو عمليتين إرهابيتين في المتوسط سنوياً منذ ثلاثة عقود. ولقد اثبتت العمليتان الإرهابيتان اللتان حدثتا في قرية الحسينية -محافظة معان نهاية سنة 2022م صحة هذا المعدل، الذي سبق أن أشرنا اليه في السنوات الماضية، وتوصل اليه "مؤشر الإرهاب في الاردن "من خلال تحليل "السلاسل الزمنية" لظاهرة الإرهاب في الاردن خلال الفترة من 1921م-2022م.

بلغ العدد الاجمالي للعمليات الإرهابية في الأردن خلال الفترة من سنة 1921 الى 31 كانون الأول -ديسمبر 2022م ما مجموعه (168) عملية ارهابية. من ضمنها (138) عملية إرهابية فعلّية، و(30) عملية إرهابية فاشلة، بمعنى انه تم إحباطها قبل تنفيذها من قبل دائرة المخابرات العامة ومن ضمن العدد الاجمالي للعمليات الارهابية كان هناك (34) عملية نسبت إلى منفذين مجهولين.

يتميز الأردن بمعدلٍ منخفضٍ من العمليات الإرهابية على مؤشرات الإرهاب العالمية مقارنة مع الدول الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولكنه ثابت تقريبا في المعدل السنوي. حيث شهد عمليتين ارهابيتين في المعدل السنوي منذ ثلاثة عقود. وجاء ترتيب الأردن على مؤشر الإرهاب العالمي (GTI) لعام 2022م ضمن الدول منخفضة الإرهاب. حيث جاء بالمرتبة 58 من أصل 163 دولة يغطيها المؤشر، بمعدل 2.59عملية في السنة. وهو نفس المعدل السنوي تقريبا الذي توصل اليه مؤشر الإرهاب في الأردن"(TIJ) الذي يصدره "مركز شرفات لدراسات وبحوث العولمة والإرهاب".

أدى الإرهاب في الأردن خلال الفترة من سنة 1921 إلى 31 كانون الأول -ديسمبر 2022م الى وفاة (175) شخصا، وجرح (348) آخرين.

أن خطر الإرهاب في الأردن لم ينتهِ؛ وذلك بسبب أن معدل حدوث العمليات الإرهابية بقي على ما هو عليه، سواء العمليات المنفذة فعلاً، او عمليات الإرهاب المُحبطة من قبل الأجهزة الأمنية. بمعنى آخر؛ العمليات الإرهابية التي كان يخطط وينوي الارهابين - سواء أفراد على شكل "ذئاب منفردة "، او جماعات تنفيذها ضد المصالح الأردنية في الداخل والخارج، لكن الأجهزة الأمنية المختلفة كشفت المتورطين وأحبطت مخططاتهم قبل تنفيذها على أرض الواقع.

ما يزال الإرهاب يشكل خطراً على الأمن القومي الأردني، ومصدر قلق للدولة والأجهزة الأمنية. ودليل ذلك، على سبيل المثال العمليتان الإرهابيتان اللتان جرتا في الأردن نهاية سنة 2022م في قرية الحسينية -محافظة معان جنوب الأردن، التي لا تزال تعتبر أحد بؤر تواجد التيار السلفي الجهادي في الأردن. الأمر الذي اثار الكثير من الأسئلة لدى المراقبين في الأردن حول حقيقة وجود الخلايا الإرهابية النائمة وهجمات الذئاب المنفردة، واستغلال الجماعات الإرهابية لتردي الأوضاع الاقتصادية والقضايا المطلبية والاحتجاجات والمظاهرات والاعتصامات السلمية الناتجة عن تداعيات تطبيق الأمنّنة securitization)) لمواجهة أزمات فيروس كورونا. وقد نتج عن هذه العمليات ما مجموعة وفاة أربعة، وجرح سبعة من كوادر الأمن العام. حيث جرت العملية الأولى الخميس 16-12-2022م ونتج عنها وفاة نائب مدير شرطة محافظة معان وهو برتبة عميد Brigadier General))، وجرح اثنين، أحدهما برتبة ملازم، والآخر برتبة عريف (Corporal). والعملية الثانية، وهي تابعة للعملية الأولى، وجرت بتاريخ الاثنين 19-12-2022م على أثر عمليات المتابعة الاستخبارية للعملية الأولى. ونتج عنها وفاة ثلاثة من مرتبات الأمن العام. الأول برتبة نقيب، والثاني برتبة ملازم ثاني، والثالث برتبة عريف. إضافة الى مقتل الإرهابي، وجرح خمسة من مرتبات الأمن العام، واعتقال تسعة اشخاص، سبعة منهم من نفس عائلة الإرهابي.

أحداث واتجاهات وسيناريوهات جديدة

تداعيات كوفيد -19: ساعدت جائحة كورونا بالحدِ من انتشار الإرهاب العالمي بشكلٍ عام؛ لكن العمليات الإرهابية أو التخطيط لها لم يتوقف في العالم، أو الاردن رغم الإجراءات الأمنية المشددة وتطبيق أقسى درجات "الأمننّة"securitization) ) في البلاد منذ بداية جائحة كورونا. وهذا ما دلت علية عملية الحسينية التي جرت نهاية سنة 2022م.

تأثير الصراعات والنزاعات المسلحة: يشكل استمرار الصراع والنزاع العسكري في سوريا، والعراق، والأراضي المحتلة في فلسطين خطراً على الأمن القومي خاصة على الحدود الشمالية، والشمالية الشرقية، والغربية خاصة مع تنامي تجارة المخدرات وتهريب السلاح عبر الحدود، واستمرار التصعيد السياسي والعسكري في الأراضي المحتلة الذي قد يؤدي الى اندلاع انتفاضة ثالثة.

نوعية الأهداف: هناك استهداف لكوادر الأجهزة الأمنية (الأمن العام، والمخابرات) والقوات المسلحة. وهذا الاتجاه تعمق خلال العقد الماضي. وأحدث مثال عليه عملية الحسينية التي نتج عنها وفاة 4 من كوادر الأمن العام، وجرح 7 آخرين.

تسبب الإرهاب في العقد الماضي بوفاة عدد من ضباط الأجهزة الأمنية ومن الرتب العليا من رتبة نقيب الى رتبة عميد.

وسائل التجنيد: ما زالت وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة هي الأسلوب الأول للدعاية وتجنيد الأعضاء والمؤيدين لتنظيم داعش في الأردن.

مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف: تلاشى الاهتمام بالاستراتيجية الوطنية لمكافحة التطرف العنيف والارهاب في الاردن التي صدرت عام 2016، وفي الوقت الذي طال التحديث والتغيير معظم البنى السياسية والاقتصادية للدولة خلال عام 2022م لم نشهد أي اهتمام بتطوير أو تحديث لهذه الاستراتيجية.

لا تتوفر للجمهور أو الباحثين أي تفاصيل عن العدد الإجمالي للمعتقلين في مراكز الإصلاح والتأهيل بتهمة الإرهاب، لأن الأجهزة الأمنية ترفض نشر هذه البيانات او تزويد الباحثين بها للدراسة والبحث، بذريعة الالتزام بمبدأ "الحاجة الى المعرفة" والمحافظة على الأمن القومي.

توقفت وسائل الاعلام المحلية منذ أواخر سنة 2022م عن نشر وقائع محاكمات المتهمين بقضايا الإرهاب لدى محكمة أمن الدولة مع ان وسائل الاعلام المحلية كانت تنقل وقائع هذه المحاكمات بالتفصيل طيلة العقود الماضية.

لا يزال هناك عدم اهتمام كافي من قبل الدولة بإنشاء برنامج عملي واضح المعالم لإعادة تأهيل وادماج المتهمين بقضايا الإرهاب، او بناء خطة استراتيجية لكيفية التعامل مع ملف المقاتلين الأردنيين وعائلاتهم الذين ما زالوا موجودين في سوريا في حال رغبة هؤلاء بالعودة، أو اجبارهم على العودة الى الأردن.

يتوقع أن يؤدي استمرار التصعيد الأمني والعسكري في الأراضي الفلسطينية المحتلة الى زيادة الضغوط الأمنية على مؤسسات الدولة والأجهزة الأمنية، وسيدفع المتطرفين من كافة أطراف الصراع الى زيادة وتيرة تطرفهم وارتكاب الاعمال الإرهابية.

يتوقع ان ينعكس استمرار الحرب في اوكرانيا، وانشغال الدول الحليفة والصديقة بمشاكلها ومشاريعها الخاصة؛ على الأردن بصورة سلبية وأكثر خطورة خلال سنة 2023م جهة زيادة الصعوبات والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تعتبر أحد أهم محركات التطرف العنيف والإرهاب العالمي المعاصر.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير