الروابدة: الواسطة موجودة وليس هناك إرادة حقيقية للقضاء على الفساد في الأردن

{title}
أخبار الأردن -

تحدث رئيس الوزراء الأسبق عبد الرؤوف الروابدة عن الواسطة والمحسوبية وتراجع الإدارة الأردنية والإحباطات التي يمر بها الإنسان الأردني، وتشكل بعض المؤسسات التي تتضارب صلاحياتها، وعن منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة التي قال إنه لم يكن مع أهداف مشروع هذه المنطقة وغاياتها وإجراءاتها، منتقدا الهيئات المستقلة التي تحولت إلى إمبراطوريات يملكها من يحكمها، ولكنه أكد على التميز والكفاءة الأردنية في الكثير من الجوانب؛ لأن قناعته في الوطن وجود موالاة ومعارضة، والاثنان ضروريان للدولة، وأن المعارضة أيضا نوعان: فهناك معارضة إصلاحية، ومعارضة عدمية.

كما عرض الروابدة في حديثه لإذاعة "حسنى"، تجارب ومواقف في حياته السياسية منذ أن شق طريقه في العمل السياسي، مسلطا الضوء على العديد من الأحداث والظروف ومراحل الصعود والهبوط في تاريخ الدولة الأردنية، مؤكدا تمسكه بثوابت الدولة الأردنية؛ "الدولة التي علينا أن ندافع عنها لأنها دولتنا، ولا ندافع عن الحكومات"، كما يقول الروابدة.

ومع أن البعض يتحدث عن الفساد في التعميم، يرى أن علينا أن نحدد الفساد، مؤكدا أنه لا يوجد إرادة حقيقة لقطع دابر الفساد في الأردن.

ويدعو في ظل الوضع القائم إلى ألا نتحول في البلد إلى أغلبية صامتة ونترك الوطن نهبا للفساد، "فهذا الوطن ليس تذكرة سفر، يمكن للمواطن أن ينتقد ولكن الأهم أن يطرح بدائل صادقة وصحيحة".

وبين أن خلاصة تجربته في الوظيفة منذ أن تدرج في السلم الوظيفي إلى أن أصبح رئيسا للوزراء يضعها أمام نظام الحكم وليس أمام الحكومة، وهي خطة لم يفصح عن تفاصيلها موجهة لنظام الحكم وهي خطة واضحة ومكتوبة تتعلق بالإصلاح وإعادة هيكلة الدولة، "وهي تجربة حياة وإذا طلبتها السلطة فهي موجودة" كما يقول.

الواسطة موجودة وعلينا تخفيضها

يقر الروابدة أن الواسطة موجودة، ولكن وظيفتنا أن نعمل على تخفيضها لحدّها الأدنى، لافتا إلى أن الأردنيين الذين يتحدثون أنهم ضدّ الواسطة، يأتوك إلى البيت ويطلبون منك "اتواسطلنا"، لذلك لا نريد الواسطة إلا لإقرار حق أو إبطال باطل، وبنفس الوقت علينا التركيز على الكفاءة.

وأكد أن وظيفة المسؤول أن يقلل الواسطة إلى أدنى درجة، لأنه لا تستطيع إلغاء الواسطة كليا.

التجربة الديمقراطية في الأردن بدأت مبكرا في مجالس الملك عبدالله الأول، الذي كان يتلقي الناس في مختلف الأماكن وفي مجالسه، وتطورت الديمقراطية بدرجات، كما يرى الروابدة.

وبعد أن تشكلت الأحزاب في مرحلة الخمسينيات من القرن الماضي، وتشكلت حكومة سليمان النابلسي، حيث تقبل النظام الأردني هذه التجربة، ولكنها تجربة لم تكن ناجحة واجهضت التجربة، لأن الأحزاب ظل لها امتداد خارج الوطن وكل الأحزاب العقائدية توسلت العسكر في دول خارجية للوصول إلى الحكم، وتحولت الأحزاب في فترة إلى تنظيمات فصائلية ومن ثم عادت مرة أخرى على شكل أحزاب.

أحزاب تصنيعية

وفيما يتعلق بجرعة الإصلاحات التي جرت مؤخرا حيث تشكلت لجنة التحديث المنظومة السياسية، يقول الروابدة أنني لست مرتاحا لجرعة الإصلاحات السياسية الأخيرة، وأعتقد أنها تكرار لتجربة فاشلة بالتسعينيات للأحزاب التصنيعية، ولأنها لم تقم بناء على دراسة مستفيضة للواقع، وكانت بديلا عن الأحزاب العقائدية والأيدولوجية باسم أحزاب برامجية، لأنها صدرت بقرارات فوقية، وسوف تفشل التجربة الحالية.

وأن المشاركة فيها أعتقد أنها ستكون بحثا عن المناصب، مؤكدا أن الأحزاب ليس توليفة ولكن يجب أن يلتقي الناس على فكر، وعلى أساس اقتصادي وسياسي واجتماعي، لديها أفكار وتصورات ورؤية وليست أحزاب (لملمة).

ويوجّه كلمة للشباب بأن عليهم واجبات بأن يتجهوا للعمل والمشاركة في ميادين العمل حتى يكونوا شركاء، وأن يمارسوا دورهم، فالوطن لا يتعامل بالمكاسب والمخاسر، لأن الوطن دائما لا يخسر.

تمجيد وصفي التل وهزاع المجالي

وفيما يتعلق بسؤال عن تمجيد الأردنيين لـ "وصفي التل" و"هزاع المجالي"، قال الروابدة مع أن التقييم يختلف من مرحلة إلى أخرى ولكن الدور الذي كان يقوم به وصفي التل كان كبيرا، وله جوانب تتعلق بالوضع الأردني في تلك المرحلة حيث تصدى فيها لمن يقف ضد الدولة، وكان يعيش مع الناس ولم تتغير نظرة الشعب الأردني، قائلا إن العظمة في الرجل افتقدناها في الكثيرين.

وأوضح الروابدة أن شخصية رئيس الوزراء ليس لها أي قاعدة أو أي أساس، فالمواقف والإنجازات تختلف من مرحلة إلى أخرى، عندما يأتي رئيس وزراء في مرحلة دكتاتورية هل يمكن أن يكون التقييم موضوعيا، التقييم أحيانا لا يكون حقيقي.

وعن تواصل الروابدة مع الناس خلال توليه رئاسة الوزراء قال منذ أن توليت رئاسة الحكومة كنت أتواصل مع الناس يوما بيوم، الملك الحسين عشنا فيه وعاش فينا فهو رجل متميز، نحن كشعب وضعنا يدنا بيده نذهب إلى الناس.

الحكومات القصيرة أيام الملك الحسين

مع أن عهد الحكومات أيام الملك الراحل الحسين كانت قصيرة، وهي توجهات من مؤسسة العرش التي لها مصادر لمعلوماتها، فإن الوقت الكافي للحكومات فيما يرى الروابدة أن تكون مدتها دورة مجلس الأمة.

ويتطرق إلى الحكومات وماذا يريد منها، قائلا إن حجم الإنفاق الذي وضع لبعض المؤسسات أغرق الدول، لافتا إلى عدم الاختلاف في العمل والتوجهات بين مؤسسات مثل وزارة الطاقة وهيئة الطاقة وكذلك الاتصالات لها وزارة ولها هيئة. والسؤال هل نريد الوزارات هي صانعة سياسية أم تضع الخطط أم للتقييم، وقتها لا نحتاج إلى أكثر من 10 وزارات.

الترشح للنيابة

ترشحت لمجلس النواب في 1989، وكان قرارا شخصيا ولم أترشح بإيعاز من الدولة وما دفعني للترشح كان لدى قناعة أن المرحلة الديمقراطية إذا عادت فالمصنع السياسي هو مجلس النواب ومجلس الوزراء، وكانت مرحلة صعبة لأن إمكانية الفشل كانت قائمة وخاصة أن الإخوان المسلمين ترشحوا بقوة وفازوا في إربد بمعظم المقاعد، ولو ترشح منهم ثمانية في إربد لفازوا بجميع المقاعد.

يتابع لماذا ترشح لمجلس النواب ..كذلك منذ عام 1962 عندما تخرجت من الجامعة كان لدي الطموح أن أصبح نائبا، وسبق أن شاركت في الانتخابات بين صفوف الإخوان المسلمين في إربد عام 1954، وبقيت مع الإخوان إلى عام 1969، وفي الجامعة الأميركية تلقفني الإخوان بقيادة إسحق الفرحان، وكان حركة الإخوان في تلك الأيام غير اليوم فكانت حركة دعوية، ولم اختلف معهم عقائديا في يوم من الأيام، وكان خلافي سياسيا وتقدمت باستقالتي خطيا.

كيف تتشكل الحكومات في الأردن؟

وبيّن الروابدة أن الأسس التي تتشكل بها الحكومات في الأردن، هي الأسس التي تتفق مع الأردن والتي يتم تطبيقها منذ الستينيات من القرن الماضي حتى اليوم، حيث لا يوجد لدينا تنظيمات سياسية ترشح لك الوزراء، وبالتالي تبحث عن قيادات ناجحة تعرفها، وتعتبر قيادات سياسية واجتماعية وفنية، ثم تبحث عن معارفك، لأنك من عرفته خلال الممارسة.

"أما بالنسبة للتوازنات، فهناك حدّ أدنى للتوازنات في أي حكومة، فمثلا يجب تمثيل المحافظات الكبيرة بوزيرين، ولكل محافظة وزير على الأقل، وشخصية شركسية ومسيحية، بحيث لا يحس أي طرف في البلد أنه مغبون وفي ظل غياب التنظيمات السياسية، تعتبر هذه التوازنات ضرورة، ولكنها تذوب في حال وجود تلك التنظيمات".

وعندما تشكلت حكومتي، ذهبت إلى دائرة المخابرات وكان الملك عبدالله الثاني يداوم هناك واستقبلني وجلسنا وحدنا، ولم يعترض على القائمة التي عرضتها لتشكيل الحكومة.

هل تدخل أحد في قائمة وزراء حكومتك؟

وقال "لست بحاجة لكي أقنع أي أحد، ولكن لم يناقشني أي شخص بالوزراء الذين اقترحتهم للحكومة، وأتحدى أي شخص يقول بأنه فرض علي أي اسم، وتفضل علي الملك عبد الله الثاني بتوقيع قائمة الوزراء كاملة، ولم يناقشني في أي اسم"، مع العلم بأنه في أي دولة بالعالم يتم تدقيق أي قائمة وزراء أمنيا من قبل مخابراتها، ولكن هذا لم يحدث في الأردن، للظروف التي كنا نعيشها في ذلك الوقت".

استدعاء الروابدة لدائرة المخابرات العامة

أمّا بخصوص استدعائي وأنا لدائرة المخابرات لتشكيل الحكومة، فأحب أن أوضح بأنه ذلك صحيح حيث تم استدعائي لدائرة المخابرات العامة في ذلك اليوم، ولكن ذلك كان كي أقابل الملك عبد الله الثاني، وقد قابلته وكان الملك لديه مكتب في الدائرة في ذلك الوقت حيث كان يقوم بعمله من هناك لمدة 3 أشهر.

كيف تعلق على حديث بعض الناس حول تعيين بعض أولادك بمناصب عامة؟

"ابن الوزير حقّه أن يصبح وزيرا إذا كان كفؤا، ولا يجوز حرمان أبنائي الـ11 من أن يتولوا أي منصب لأن والدهم كان رئيسا للوزراء، نحن نتحدث عن الكفاءة، ولا نتحدث عن إزاحة شخص مكان آخر"، وأقول يجب أن يتولى مناصب الدولة الأكفياء.

ويتابع: "ابنتي خدمت 26 سنة في مؤسسة الضمان الاجتماعي ثمّ أصبحت مديرة له، وابني خدم 21 عاما، أما إذا استشاروني بأن يكون ابني رئيسا للوزراء لن أوافق، ولكنهم لا يستشيروني".

ما هي رؤيتك لإدارة الدولة؟

التجارب الدولية تعتمد على التقسيمات الفيدرالية، ويكتفون بعدد قليل من الوزراء تكون مهمتهم صنع السياسات مع مجالس اختصاص صغيرة خاصة بهم، وتقوم الوحدات الفيدرالية بالإدارة.

الحل اليوم وفق ما يقول الروابدة بإعادة النظر في هيكلة الدولة، وأنا أستطيع أن أضمن لك أن تكون الحكومة بعشرة وزراء فقط، فالحكومة يمكنها أن تقدم تصورات لمشكلة الفقر والبطالة ويمكن أن تجد لها حلا دون أن تنهيها، ويمكن أن تضع حلولا لمشكلة المحروقات وتخفف من الإنفاقات، لأن الحكومة هي التي تملك الأدوات.

ويؤكد أن البلد بحاجة للجميع وعلينا أن لا نتحول إلى أغلبية صامته وعلينا أن نقف إلى جانبه ونحاول تصحيح الأخطاء وأن نضع البدائل الصحيحة.

وقال الروابدة البلد متهم في العشائرية مع أننا في الأردن ليس لدينا حجم العشائر الكبير والمرعب، ولكن العشائر لها حصة في الدولة وحق لمواطنيها، وفي غياب التنظيم السياسي يلجأ الحكم الى المنطقة إلى أقرب ناس إليه لماذا لا تختار الأفضل نحن نسئ الممارسة وليس للعشائر.

ويتحدث عنا عن الهوية الوطنية التي لها تواجدها كما الهوية الفرعية، والكارثة كما يقول أن نرفع الهوية الفرعية على حساب الهوية الوطنية، منوها بأن لديه خطة لنظام الحكم مكتوبة وهي تجربة حياة إن طلبتها السلطة.

ويتطرق إلى المديونية خلال توليه رئاسة الوزراء، فيقول في عهدي نزلت المديونية ولم أقترض شيئا خلال ولايتي، وأتمنى أن يكون لي مترا واحدا على شارع الأردن، وأنا لا أملك في عمان سوى بيتي في أبو نصير، وأديت وظيفتي واعتز بما عملته في عمان.

تابعوا أخبار الأردن على
تصميم و تطوير