مساعي السلام في اليمن.. ولكن

{title}
أخبار الأردن -

تحقيق صحفي - لا يمكن القول إن الجهود الأممية والعمانية قد وصلت إلى صيغة لاتفاق على تمديد الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة وتوسيع بنودها في اليمن، وكل من هناك تسريبات قد تكون صحيحة بالفعل، ولكن النقاش مايزال جارياً للخروج بالصيغة النهائية.

طوال الأسبوع الماضية، كثف المجتمع الدولي جهوده من أجل التوصل إلى اتفاق لتمديد الهدنة وإيجاد فرصة للعبور إلى الأمام في طريق الحل السياسي. عقد سفراء الدول الغربية لقاءات مكثفة مع رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي، وعاد الوفد العماني مجدداً إلى صنعاء للمرة الثانية خلال عشرين يوماً من زيارته الأولى وعقد لقاءات مكثفة مع قيادة الحوثيين، ولاحقاً، وصل المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروند برغ إلى صنعاء وعقد هو الأخر لقاءات ممثلة وللمرة الأولى يقدم إحاطته لمجلس الأمن الدولي من صنعاء.

بلا شك، توحي هذه التحركات بتزايد فرص تجديد الهدنة، لكن لم يحن الوقت للقول إن هناك تسوية وعملية سلام في البلاد الغارق في الحرب منذ ثمان سنوات. ماتزال الطريق بعيدة للغاية، اقتربنا فقط من الوصول إلى اتفاق بشأن الهدنة. حتى هذه اللحظة خرجت فقط بعض البنود إلى العلن، بالموافقة على دفع رواتب الموظفين بما في ذلك العسكريين وفق كشوفات العام 2014 أي قبل الانقلاب الحوثي، وفتح الطرقات الرئيسية المؤدية إلى مدينة تعز المحاصرة من قبل الحوثيين، وفتح المزيد من الوجهات إلى مطار صنعاء الدولي واستمرار تدفق الوقود إلى ميناء الحديدة الذي تسيطر عليه جماعة الحوثي، هي شروط تمسك بها الحوثيون وكانت سبباً في عدم تجديد الهدنة في اكتوبر الماضي وهو موعد انتهاءها.

من الواضح، أن المجتمع الدولي قد سئم الحرب التي طال أمدها في اليمن وخلفت أسوأ أزمة إنسانية في العالم كما تقول الأمم المتحدة، وبالتالي يبحث عن أي حل سياسي. وقد تكن هذه المقاربة خاطئة وترحل الصراع إلى جولة قادمة. 

هناك متغيرات كثيرة في المشهد اليمني حدثت خلال السنوات الماضية، لقد أفرز الواقع معطيات جديدة لا يمكن تجاوزها، على سبيل المثال المجلس الانتقالي الجنوبي الذي بات لاعباً رئيسياً في المشهد السياسي والعسكري في المشهد اليمني، وله حضور ربما يتجاوز كل القوى اليمنية، ولديه قضية أساسية يمتد عمرها إلى قرابة ثلاثة عقود وهي القضية الجنوبية.

لابد وضع هذه القضية والمكونات في عين الاعتبار حال الذهاب إلى أي تسوية سلام في اليمن، هذه القوى شاركت بفاعلية في خوض المعركة ضد الحوثيين وقاد عضو مجلس القيادة الرئاسي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اللواء عيدروس الزبيدي بنفسه معارك تحرير المحافظات الجنوبية بما في ذلك عدن المعلنة عاصمة مؤقتة للبلاد، وربما قد تكن هذه يكن المجلس هو الوحيد من باقي المكونات الأخرى التي تمكنت من تحقيق تغير ناجز في المشهد اليمني لصالح المعسكر المناوئ للحوثيين، والدفاع عن الأمن القومي العربي 

وأي تجاوز لها قد يبقى الحل الشامل للأزمة بعيدًا جداً, مضاف إليها مسألة نزع سلاح جماعة الحوثي، حتى لا يصبح السلاح لغة التفاهم عند أي اختلاف. هذه قضايا جوهرية وأساسية في معادلة الصراع اليمني لابد من الوقوف أمامها. يحتاج ايضا المجتمع الدولي إلى ضمانات حقيقية لالتزام الحوثيين بالهدنة والحلول السياسية، ذلك، أن هذه الجماعة تملك أرث كبير من تنصل الاتفاقات بدأ من الحروب الست مروراً باتفاق السلم والشراكة وصولاً الى اتفاق ستوكهولم واتفاق الهدنة الموقعة في إبريل الماضي.

 ومع تفاعل الأنباء المبشرة عن قرب التوصل إلى تسوية أولية تمهد طريقا ظل مستعصيا إلى عملية سلام شاملة، برزت تحذيرات ومخاوف عبر عنها محللون ومراقبون على صلة بالشأن اليمني، أبرزها التخوف من إنتاج نسخة جديدة من المشهد السياسي العراقي أو حتى اللبناني، أي تمكين ذراع إيرانية جديدة من الهيمة على دولة عربية مهمة جدا في كل الحسابات الجغرافية والسياسية والتجارية والمستقبلية، وما يجب أن يضعه كل الساعين لإحلال السلام في اليمن هو ضرورة تجنب هذا الاستنساخ، ولايتأتى ذلك وفق الصحفي والمحلل السياسي اليمني صلاح بن لغبر، إلا بالأخذ بعبن الاعتبار الحجم الحقيقي للقوى الفاعلة على الأرض، يقول بن لغبر: "فبينما يميل البعض الى لتسليم بهمينة شيعية من خلال الحوثيين على صنعاء ومناطق شمال الشمال وبالتالي هيمة إيرانية، لإن هناك واقع مغاير في المناطق اليمنية الأهم من النواحي السياسية والاقتصادية وهي مناطق الجنوب والغرب والتي تسيطر عليها قوى سياسية وعسكرية حليفة للتحالف الذي تقوده السعودية، وهو ما يجدعل هذا القوى صمام أمان حقيقي يضمن الانتصار العربي على المشروع الإيراني في اليمن خصوصا أن هذه القوى استطاعت إلحاق الهزائم العسكرية بالحوثيين ودحرتها من مناطقها"

يضيف بن لغبر: "لايمكن بأي حال تصور تحقيق سلام شامل وعادل في اليمن من دون الخذ بعين الاعتبار لكل المعطيات والواقع على الأرض كما لايمكن تجاهل المعطيات التاريخية والقضايا التي أثرت بشكل كبير في صناعة المشهد الحالي وعلى رأسها القضية الجنوبية اليت ظلت تتفاعل منذ 1994 من دون أن يتم التعاطي معها بجدية من الأنظمة المتلاحقة التي حاولت حسمها بالقوة العسكرية وهو مافعله نظام علي عبدالله صالح ثم نظام ما بعد صالح والذي افرزته اضطرابات 2011 وهيمن عليه الإخون المسلمون الذي يعملون في اليمن تحت تسمية حزب التجمع اليمني للإصلاح، وصولا إلى الحوثيين الذي شنوا هجوما عسكريا واسعا على الجنوب بعد ستى أشهر من سيطرتهم على صنعاء في سبتمبر 2014، وفي كل ذلك قاوم الجنوبيون المطالبون بحل الدولتين أي عودة الأمور إلى ماقبل الوحدة اليمنية التي تم الاتفاق عليها 1990 والتي كانت ولاتزال واحدا من أبرز اسباب الصراعات التي تعصف باليمن"

 

تابعوا أخبار الأردن على
تصميم و تطوير