بالأرقام.. قصة الأردنيين مع القروض.. 16 مليارا لمليون مقترض
وصلت قروض الأردنيين لصالح البنوك إلى 16 مليار دولار، مع أكثر من مليون مقترض، وخلال العام الماضي، كان على الأردنيين المدينين تحمل زيادات متعددة في أسعار الفائدة، مما جعل احتمال سداد القروض بعيد المنال.
وتظهر البيانات الصادرة عن البنك المركزي الأردني أن عدد المقترضين الأفراد قد ارتفع بشكل مطرد بنسبة 4.3% منذ عام 2017، وتتزامن هذه الزيادة مع ارتفاع حجم القروض.
هذا الارتفاع الكبير في المديونية الفردية في المملكة جعل الكثيرين يتساءلون: ما هو السبب؟
حول هذا الملف، قال الخبير الاقتصادي السياسي، زيان زوانة، إن ارتفاع مديونية الأردنيين يرجع إلى السياسات والممارسات المالية للمملكة.
وأضاف زوانة: "الحكومة نفسها تعاني من ارتفاع الدين العام، وهذا يتسبب في معاناة الآخرين، خاصة على صعيد العاملين في الحكومة، حيث لا تدفع لهم مستحقاتهم في بعض الحالات"، إضافة إلى عدم حل مشكلة المتعثرين من الدفع منذ سنوات.
وأشار زوانة إلى أن الانتظار الدائم دون أي تقدم اقتصادي تسبب في صعوبات لكل من الأردنيين والقطاع الاقتصادي في المملكة، "وهذه السياسات تجعل الناس يعانون وتعرضهم للأذى".
وبحسب إحصاءات حكومية، فقد تضاعف عدد المطلوبين بتهمة التخلف عن سداد ديونهم أو قروضهم عشرة أضعاف في أربع سنوات فقط.
حاليا، يشكل المدينون حوالي 16 بالمائة من النزلاء في السجون الأردنية.
ويتفق الخبير الاقتصادي، محمد البشير، مع زوانة في أن اللوم يقع على السياسات الحكومية، وقال إن الأردنيين عانوا من "إخفاقات اقتصادية متتالية منذ عدة سنوات".
وأضاف البشير أن ضريبة المبيعات أصبحت "المصدر الرئيسي لدخل الخزينة"، فيما أنتجت سياسات الاقتراض التي وضعتها البنوك الأردنية على مدى السنوات الماضية، نحو مليون متعثر.
وبحسب البشير، تعاني الحكومة والشعب من المديونية المتزايدة، وقال إن "زيادة المديونية والزيادة المتزامنة في أرباح البنوك خلقت مفارقة"، مؤكدا وجود أزمة مالية عامة.
وقال إن هذه الأزمة تتمثل في التشريعات المتعلقة بالضرائب وارتفاع معدل البطالة، وأحد أسباب الأزمة هو العبث بقانون الضمان الاجتماعي من حيث التقاعد المبكر وهو ما يربك سوق العمل.
في السنوات الأخيرة، تكبد المقترضون فوائد إضافية لأنهم قاموا بتأجيل الأقساط بسبب جائحة كورونا والارتفاعات المتكررة في أسعار الفائدة.
بدوره، قال الخبير الاقتصادي، مازن ارشيد، إن "تراكم القروض وارتفاعها، على الرغم من ارتفاع أسعار الفائدة العالمية والمحلية، يجعل الوضع الاقتصادي أكثر خطورة وتعقيدا مما كان عليه في السنوات السابقة".
وأضاف ارشيد: "خلال فترة الوباء، كانت أسعار الفائدة منخفضة. الآن تضاعفت خلال العام الماضي، عندما تم رفعها ست مرات"، وهذا يضع الأردن في موقع حساس.
وتشير البيانات إلى أن الأردنيين يقترضون في المقام الأول لشراء المنازل والشقق، تليها القروض الفردية وقروض السيارات، وغالبية المقترضين هم من الرجال، حوالي 81 في المائة، وتشكل النساء 18 في المائة من المقترضين.
وأوضح ارشيد أن ارتفاع أسعار الفائدة في الأردن له تداعيات سلبية، خاصة وأن معظم القروض خاصة بالسكن والعقار، والتي تستمر "عقوداً أطول مقارنة بالقروض الشخصية".
وأضاف ارشيد أنه "عندما تكون الفائدة متغيرة، سيتأثر المقترض أكثر، وستكون تكلفة إعادة القروض للبنوك أعلى".
وعلى الرغم من ذلك، قال ارشيد إن الأردن لن يواجه أزمة اقتصادية في الوقت الحاضر، "وعلى الرغم من ارتفاع أسعار الفائدة، إلا أنها لم تتجاوز 4.5 في المائة، وهي واحدة من أدنى النسب في العالم".
وقال ارشيد إنه بينما من غير المرجح حدوث أزمة اقتصادية، فإنه من المتوقع زيادة أخرى في أسعار الفائدة خلال النصف الأول من العام الحالي.
وأشار إلى أن "هذا يرجع إلى حقيقة أن أي رفع لأسعار الفائدة في الولايات المتحدة سيؤدي إلى ارتفاع مماثل في الأردن".
ولفت ارشيد إلى أن ذلك سيؤثر على أولئك الذين حصلوا على قروض سابقة والمقترضين الجدد، مؤكداً أن معظم القروض في الأردن ذات فائدة متغيرة.
يشار إلى أنه في عام 1995، قرر صندوق النقد الدولي والملك الراحل الحسين بين طلال، ربط الدينار الأردني بالدولار الأمريكي.