تزايد ظاهرة بيع الرواتب التقاعدية في الأردن (صورة)
تزايدت ظاهرة بيع الرواتب التقاعدية في الأردن في الأشهر الأخيرة، وسط تحذيرات رسمية من خطورة هذا الفعل.
وتمتلئ مواقع التواصل الاجتماعي بإعلانات صريحة لبيع الرواتب التقاعدية، مقابل توقيع تنازل أو وثيقة تحويل الراتب باسم المستفيد الجديد، وعلى الرغم من عدم قانونية هذا الإجراء يحصل بعض المتقاعدين على مبالغ مالية قد تصل إلى 60 ألف دولار، الأمر الذي حوّل منصات التواصل الاجتماعي إلى مزاد علني.
ويؤكد مختصون أنه لا يوجد في قانون المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي ما يمنع أو يسمح بهذه العملية، وليست مجرّمة بالقانون، ولا تستطيع المؤسسة ملاحقة المتقاعدين البائعين لرواتبهم التقاعدية، أو الوسطاء أو المشترين.
وتتم عمليات بيع وشراء الرواتب التقاعدية في سوق سوداء، وفي سرية تامة وبعيدة عن أعين القانون، ويقوم بها سماسرة، يجمعون بين البائع والمشتري ويحصلون على نسبة ربح من الطرفين.
موقف الضمان
ولم تنف مؤسسة الضمان وجود هذه الظاهرة، وتصفها بأنها "إجراء غير قانوني، ولا يوجد في قانون المؤسسة ما يسمح للمتقاعد ببيع راتبه"، وفق الناطق الإعلامي باسم المؤسسة، شامان المجالي.
ويضيف المجالي أن الهدف من الراتب حماية للمتقاعدين وعائلاتهم، ولمواجهة ظاهرة البيع "أوقفت المؤسسة صرف نحو 1200 راتب تقاعدي تقدم أصحابها بوكالات لحصول شخص آخر على تلك الرواتب".
وبتحويل رواتب المتقاعدين على حساباتهم البنكية -يتابع المجالي- ينتهي دور المؤسسة، وفي حال قام متقاعد بوكالة لأحد الأشخاص من خلال البنك، فليس للمؤسسة أية علاقة بذلك.
ويعاني أغلب المتقاعدين الأردنيين من تواضع رواتبهم وتآكلها، وانعدام الزيادات السنوية التي تراعي غلاء المعيشة منذ عقد تقريباً، إذ لا يزيد متوسط رواتب المتقاعدين على 500 دولار شهرياً.
وفي محاولة منها لوقف بيع الرواتب التقاعدية، قررت مؤسسة الضمان الاجتماعي وقف الوكالات الخاصة بالمتقاعدين والتي تتيح لهم منح آخرين حق الحصول على رواتبهم. لكن ذلك لم يمنع كثيرين من التحايل على هذا الإجراء، كما لم يمنع الراغبين بشراء الرواتب التقاعدية من المغامرة، على الرغم من مخاطر هذه الصفقة خصوصاً في حال وفاة المتقاعد، بخاصة مع عدم وجود نص قانوني صريح يمنع هذه الظاهرة أو يحد منها.
ووفقاً للمجالي، فإن المؤسسة أوقفت صرف آلاف الرواتب التي قام أصحابها بتحويلها عبر وكالات إلى مستفيدين آخرين، حماية للمتقاعدين وورثتهم.
وتقول المؤسسة عن هذه الظاهرة، إنها لا تتم بمعرفتها وليست لها أي علاقة بها، موضحة أن هدف الراتب التقاعدي هو حماية الإنسان المتقاعد وذويه من العوز والحاجة في تلبية متطلبات المعيشة اليومية. وبحسب مراقبين فإن أغلب الذين يعرضون رواتبهم التقاعدية للبيع هم من فئة التقاعد المبكر الذين يتقاضون رواتب ضئيلة لا تفي باحتياجاتهم اليومية.
تحذير من المقامرة
بدورها تقول دائرة الإفتاء العام أن بيع الراتب التقاعدي هو بمثابة مقامرة وربا، لا يجوز حتى لو كان مقابل مبلغ محدد لأنه بيع مال آجل بمال عاجل.
وتوضح دائرة الإفتاء، أن من شروط البيع في الشريعة الإسلامية أن يكون المقدار معلوماً، بخلاف ما يحدث حالياً، حيث إن الراتب مجهول المقدار والقيمة الكاملة على مدى السنوات المقبلة.
ومن تداعيات هذه الظاهرة، وجود سماسرة ووسطاء بين البائع والمشتري، يمارسون عملهم عبر إعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي، يتقاضى بعضهم عمولات تصل إلى 500 دولار.
ويصف المستشار الإعلامي السابق للضمان الاجتماعي موسى الصبيحي ما يحدث بأنه "صفقة غير مضمونة"، وأن مشتري الراتب التقاعدي يحصل على "سمك في الماء"، لأنه وبمجرد وفاة المؤمَّن عليه أو المتقاعد، فإنه ووفقاً للقانون يتوقف صرف الراتب استعداداً لنقله إلى الورثة.