صدور كتاب (محطات بألوان الطيف) لنزال العرموطي

{title}
أخبار الأردن -

كتب طاهر العدوان:

أهنئ الصديق الدكتور مازن محمد نزال العرموطي على صدور كتابه (محطات بألوان الطيف -مسيرة التجديد والبناء والتعبير الثقافي) بغلافه الجميل المستوحى من أغلفة كتب التراث العربي الأصيل ، وكأنه بذلك يريد التذكير بأهمية إدخال الثقافة وموروثها الاجتماعي والحضاري في حياة الأجيال الحاضرة والمقبلة ، وهو تذكير مهم ، يأتي في زمن يتغير فيه كل شيء نحو الأسوأ . وباستهداف ممنهج لتحريف وعي الانسان العربي في جميع مواطنه . فالأمة تعيش اليوم ،حالة غزو شامل بمفاهيم انقلابية لخلق حالة إنكار للثقافة العربية والاسلامية . ان التمسك بالثقافة الأصيلة بمختلف اشكالها ،من المعمار والفنون الى عاداتنا وقيمنا ،هو المدخل الصحيح لتجسيد الهوية الوطنية والقومية التي هي شرط التقدم والتميز عند كل أمة تحترم ذاتها امام الآخر.

وانت تتنقل بين فصول الكتاب تشعر بأنك ترافق الكاتب في رحلته عبر العقود السبعة الماضية ، وهو يستعرض انتقال جيل من الاردنيين من عصر الى آخر ، جيل اختصر قرناً بكامله في عدد من السنين … من زمن المحراث والبيدر والخيول الأصيلة ومحماسة القهوة والمهباش وبيوت العَقد القديمة ، الى زمن البيوت العامرة بالسجاد والجدران المزينة بالوان الفنون المعمارية .. وبين الزمانين يأخذك الكاتب معه الى ميادين اختلطت فيها ألوان الطيف بتجاربه في بواكير عمله الصحافي والإعلامي ومبادراته العملية في الثقافة والدبلوماسية والإدارة ، وخفايا مواجهاته مع محاولات التطبيع الصهيونية ، ،فهو السفير الذي أُحرق منزله ،في فيينا عاصمة النمسا ، حيث تؤشر الوقائع الى إصبع إسرائيلي في الحادثة . تلك التي أكدت كغيرها بان معاهدة السلام المشؤومة لم توقف إرهاب هذا العدو ضد سفاراتنا في الخارج ،كما لم تردعه عن جرائمه في الداخل عندما سفك دم الأردنيين داخل وكره في الرابية.

يلخص د. مازن معضلة التنمية في الاردن بعبارات تضع النقاط على الحروف وتؤشر على اسباب ما يراه بانه ” انحدار شديد في البنية السياسية والاقتصادية والإدارية والوظيفية للدولة بمختلف مؤسساتها وانحدار سوية التعليم والقضاء والصحافة والإعلام وما رافق ذلك من تضييق على الحريات وحجر الرأي الاخر وقمعه وتدخل الاصبع الأمني في تبني أشخاص بعينهم في المؤسسات ورعاية مسيرتهم حتى الوصول الى اعلى المراتب والمناصب المفتاحية ” اما اسباب هذا الانحدار فهي كما جاء في الكتاب ” الظواهر السلبية الخطيرة (مع استثناءات بسيطة ) المتمثّلة “بانحسار القيادات والعناصر الفاعلة في المجتمع على المستوى السياسي والتمثيلي وانكفاء الكفاءات المشهود لها على مستوى الادارة العليا والقضاء والنيابة والمجالس وحتى الجامعات ، وتكوين طبقة بديلة من القيادات في الأوساط كافة تعتمد أساسا على طبقة المنتفعين الذين يتم انتقاؤهم ودعمهم للمواقع العليا في الادارة والبرلمان وحتى القطاع الاقتصادي .استنادا الى أساليب الشللية والاستزلام والقاعدة الصادمة :”الولاء والانتماء قبل الكفاءة”وهو تعبير مطاط تسلل من خلاله المخبرين والانتهازيين والوصوليين وعديمي الكفاءة وأشباه المثقفين”.

وفي مسيرة د.مازن ، محطات مفصلية في الصحافة والإعلام و الثقافة والدبلوماسية ،محطات تؤشر على وجود مخزون من التجارب والخبرات والمواقف التي عايشها من مواقعه الوظيفية ، فهو مؤسس ومدير لكلية الاعلام في جامعة اليرموك وأول مدير لمهرجان جرش وكذلك المعهد الدبلوماسي الأردني وسفير الاردن في عدد من الدول الأوروبية . وفِي رحلاته وجولاته في العالم يحمل إلينا شغفه بالتاريخ والفنون خاصة القديم منها في حضارات أوروبية وشرقية .

اهمية مثل هذه من السير الذاتية انها تضع الحقائق والاحداث في مراحل تاريخية سابقة امام الأجيال الحاضرة والمقبلة لقراءة تاريخ السياسة والإدارة في هذا البلد قراءة صحيحة ،وإعادة كتابته بعيداً عن الأطر التي وضعتها مناهج التعليم الحكومية ودعايتها الإعلامية . وفِي رأيي ان ما نسمعه من دعوات للشباب لتجاهل تجارب الأجيال التي سبقتهم ،بدعوى تمكينهم من قيادة المواقع المختلفة هي مجرد شعارات براقة الغرض منها تحويل أنظارهم عن الفشل المتراكم في السياسات الراهنة . من فشل في بناء الديموقراطية والنهضة بالتعليم و الادارة ، الى فشل في السياسات الاقتصادية لم تبق ولم تذر شيئاً للشباب من خيرات البلد ، فسادت البطالة في سوق العمل للتترافق مع عملية تصحير للساحة الوطنية حتى طالت البطالة مجالات السياسة والثقافة والاعلام و اضاعت الفرصة التاريخية للبناء والتطور والتجديد .

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير