المعشر: طرد السفير الإسرائيلي "لا يكفي".. والأردن يحاول تحقيق "توازن مستحيل"
ألقت الأزمة المستمرة الناجمة عن قرار إسرائيل بالسماح للمتطرفين اليهود باقتحام المسجد الأقصى ومنع المصلين المسلمين من الدخول، بظلال قاتمة على العلاقة الأردنية الإسرائيلية البالغة من العمر 28 عاما.
وحاولت إسرائيل منذ سنوات تغيير الوضع التاريخي الراهن في مجمع الأقصى في انتهاك واضح لمعاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية لعام 1994.
ويعتقد محللون سياسيون أن الأردن يجب أن يكون مستعدًا لتبني نهج مختلف والاستعداد للأسوأ، بدلاً من استخدام نفس أدوات الضغط التقليدية ولغة الإدانة.
ويحذر المسؤولون الأردنيون الآن من أن إسرائيل تحاول فرض التقسيم المكاني والزماني للأقصى الخاضع للوصاية الهاشمية.
وقال وزير الخارجية السابق وأول سفير أردني لدى إسرائيل مروان المعشر، إنه يتعين على الأردن مراجعة علاقته بجدية مع إسرائيل وإعادة النظر في جميع خياراته، مضيفا أن الموقف الأردني الحالي غير مجدٍ لأن التمسك بحل الدولتين لا يحقق أي نتائج.
وأضاف المعشر إن الأردن يحاول تحقيق توازن مستحيل بين انتقاد إسرائيل بشدة على جبهة الأمن السياسي مع الحفاظ على علاقات اقتصادية قوية معهم، معتبرا "أنها علاقة متناقضة".
وأكد المعشر أن إجراءات مثل طرد السفير الإسرائيلي من عمان لا تكفي لحل قضية الانتهاكات في المسجد الأقصى "ناهيك عن قضية الاحتلال برمتها".
من جهته، قال المحلل السياسي لبيب قمحاوي، إن العلاقة بين الأردن وإسرائيل تجاوزت نقطة الغليان وهي جاهزة للانفجار، ويعتقد أنه على الأردن تغيير طرقه التقليدية في محاولة حل هذه القضية، و "أن يقرر ما إذا كان موقفه سيكون حملة دعائية لن يكون لها تأثير على الأرض أو يلجأ إلى جميع الخيارات الممكنة ، بما في ذلك إلغاء معاهدة السلام".
وأضاف قمحاوي أن "الهدف منع تقسيم الأقصى ومنع التعدي على سلطتنا عليه وليس الاحتجاج بعد تصعيد الموقف.. إذا كان الموقف الأردني هو التشدق بالكلام، فستزداد الأمور سوءًا، وسيؤجج ذلك مشاعر الناس".
وأكد أنه غير متفائل من أن الأردن سيتحدث بلغة مختلفة، الأمر الذي لن يؤدي إلا إلى تصعيد الموقف "لأن الاقتصاد الأردني هش ولا يتحمل الضغط الأمريكي".
وقال قمحاوي: "أنا أكثر تفاؤلا بشأن ما سيحققه الفلسطينيون داخل الأراضي المحتلة. المرحلة الحالية تقترب من الانفجار لأن الانتهاكات المرتقبة في الأقصى تعني انتهاء الهوية العربية للقدس".
وأضاف أن الوصاية الهاشمية على المقدسات تآكلت ببطء بسبب الانتهاكات الإسرائيلية على مر السنين، وشدد على ضرورة عدم الخلط بين الوصاية الدينية والسيادة السياسية.
بدوره، قال نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأسبق جواد العناني، إن المملكة ليس لديها أدوات جديدة للتعامل مع الانتهاكات الإسرائيلية، إلى جانب الأساليب التقليدية التي تشمل استخدام نفوذها مع الولايات المتحدة وأوروبا للضغط على إسرائيل، لكن الآن هذا لن ينجح مع الغرب المشغول بالصراع الروسي الأوكراني.
وأضاف العناني أن أحد أسباب الاستفزازات في المسجد الأقصى هو ضعف الحكومة الإسرائيلية التي يمكن أن تسقط إذا لم ترضي اليمين الإسرائيلي المتطرف.
وتابع العناني: "إنهم يحاولون ممارسة لعبة لإرضاء المتطرفين لأنهم يعرفون أنه بدونهم ، لا يمكنهم البقاء في السلطة"، مضيفًا أن العلاقة مع إسرائيل الآن لا تختلف عن تلك التي كانت في عهد نتنياهو.
من جهته، قال المحلل وكاتب العمود السياسي عامر السبايلة إن العلاقات السياسية والدبلوماسية بين الأردن وإسرائيل عادت إلى نقطة حرجة، مضيفا: "هذا ليس غريبا، لأن الأردن يستخدم نفس الأدوات واللغة القديمة للتعامل مع الصراع".
وأكد أن إسرائيل تدفع الأردن نحو علاقة سياسية ودبلوماسية غير مستدامة، "لذلك إذا أراد الأردن اليوم التأثير وإحداث تغيير، فعليه أن يفعل أكثر من مجرد الانخراط من خلال الاجتماعات الرسمية والدعوات".
لكن السبايلة لا يوافق على أن العلاقة وصلت إلى نقطة الغليان، ويعتقد أن إسرائيل "تمضي قدمًا بما تريده" ، وأن العلاقة مع الأردن "ليس لها قيمة حقيقية حاليًا لأن لإسرائيل علاقات مستقرة مع دول عربية أخرى، مثل الخليج".