الصبيحي: تعديل بقانون الضمان ينتهك حقوق العمال الشباب

{title}
أخبار الأردن -

كتب خبير التأمينات والحماية الاجتماعية، الإعلامي والقانوني موسى الصبيحي، منشورا عبر صفحته في فيسبوك اليوم الاثنين، كشف فيه عن تعديل مقترح بقانون الضمان الاجتماعي، ينتهك حقوق العمال الشباب ويخرق أرضية الحماية الاجتماعية.

وتاليا نص المنشور:

بدا واضحاً من الخبر الذي نُشر أمس حول موافقة مجلس الوزراء على الأسباب الموجبة لتعديل قانون الضمان الاجتماعي أن التعديلات شملت التعديل اللعين المشؤوم الخاص بالشمول الجزئي للشباب بما يسمى بتأمين الشيخوخة من أجل عيون أصحاب منشآت القطاع الخاص وهو ما يعني تخفيض الاشتراكات الكلية على هذه المنشآت التي تُشغّل عمالاً شباباً تحت سن الثلاثين من (21.75%) إلى (13.5%) من أجورهم، ما يُعدّ من أكثر التعديلات انتهاكاً لحقوق العمال الشباب وإضراراً بهم وبمستوى الحماية الاجتماعية، وهو ما كنت حذّرت منه سابقاً مراراً وتكراراً..!

أما انعكاسات مثل هذا التعديل على المؤمّن عليهم ومختلف الأطراف، فيمكن إجمالها فيما يلي:

أولاً: لن تُحتَسب مدة خدمة المؤمّن عليه في هذه الحالة كاملة كفترة اشتراك لغايات تقاعد الشيخوخة والمبكر، وإنما سُحسَب له (50%) من هذه الخدمة فقط، فإذا كان مشمولاً بتأمين الشيخوخة الجزئي لمدة (10) سنوات مثلاً، فإن ما يدخل منها ضمن اشتراكاته الخاضعة للتقاعد هو (5) سنوات فقط.

ثانياً: ينطوي هذا التعديل على حرمان واضح لحق الشباب دون سن الثلاثين بالشمول الكامل بتأمين الشيخوخة، وهو ما يؤدي إلى عزوفهم عن الضمان بشكل عام وليس تحفييزهم، مما يشجّع على التهرب التأميني بالاتفاق ما بين العاملين  ضمن هذه الفئة وأصحاب عملهم بسبب قناعة العامل بعدم جدوى اشتراكه وشعوره بالغبن والتمييز السلبي تجاهه.

ثالثاً: يُشكّل هذا التعديل تمييزاً سلبياً في الحقوق بين مجتمع المؤمّن عليهم، فبينما تحظى فئات منهم بالحصول على حقها كاملاً بالشمول الكلي بتأمين الشيخوخة، تُحرَم فئات أخرى من هذا الحق، مما يقودنا للقول بأن هذا التمييز يتنافى مع المبدأ الدستوري بأن الأردنيين أمام القانون سواء وأنهم متساوون في الحقوق والواجبات..!

رابعاً: الإسهام بتركُّز البطالة بين الفئات العمرية الأخرى التي تزيد أعمارها على (30) سنة، حيث سيكون من مصلحة أصحاب العمل البحث عن عاملين جُدد دون سن الثلاثين لتوفير كُلف اشتراكهم بالضمان والحصول على تخفيض بنسبة ( 8.25 % ) من أجورهم كاشتراكات.

خامساً: سيسهم هذا التعديل بالضغط على وظائف القطاع العام بشقّيه المدني والعسكري كون العاملين في هذا القطاع ومن كل الفئات العمرية مشمولون بتأمين الشيخوخة بشكل كامل لا جزئي، وبالتالي فإن هذا التعديل يتعارض مع كل سياسات الدولة واستراتيجياتها الاقتصادية المحفّزة للأردنيين على العمل في كافة الفرص المتاحة في القطاع الخاص.

سادساً: يفترض هذا التعديل أن الشاب دون سن الثلاثين سيبقى منخرطاً في سوق العمل بالقطاع الخاص دون انقطاع إلى لحظة اكماله سن 62 للذكور و سن 59 للإناث للحصول على راتب التقاعد، في حين أن الواقع يشير إلى مرور العاملين في القطاع الخاص بفترات تعطل وانتهاء خدمة كثيرة، ولذا فإن حرمان العامل دون سن الثلاثين من نصف مدة خدمته المحسوبة في التقاعد يعني التأثير سلباً على مقدار تقاعده أولاً ثم على استكماله للمدة المطلوبة بسبب تعطله اللاحق عن العمل لفترات متقطعة وربما تكون طويلة.

سابعاً: يشكّل هذا التعديل مخالفة قانونية واضحة متمثلة بعدم قانونية تأمين الشيخوخة، إذ لا يوجد في قانون الضمان تأمين اسمه "تأمين الشيخوخة" وإنما التأمين الذي نصّت عليه المادة ٣/أ من قانون الضمان هو "تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة" ككل لا يتجزّأ، كما أن نسبة الاشتراك الكلية المترتبة على هذا التأمين هي (17.5%) ولم يرد في القانون أي تجزئة لهذه النسبة بين المخاطر الثلاثة؛ الوفاة والعجز والشيخوخة..!

ثامناً: وحيث لن تُحتَسب كامل مدة خدمة العامل المؤمّن عليه بالضمان، فينبغي الانتباه إلى أن ذلك يرتّب له حقّاً في جزء من تعويض نهاية الخدمة الملزَم بها صاحب العمل وفقاً لأحكام قانون العمل، كون الإعفاء منها مشروط بالشمول بالضمان كفترة تقاعد..!

تاسعاً: فوات مبالغ مالية كبيرة من الإيرادات التأمينية من الاشتراكات كنتيجة لهذا التخفيض، مما يؤدي إلى تقليل الفوائض التأمينية السنوية، ويُضعِف تحويلاتها إلى صندوق استثمار أموال الضمان، مما يؤدي بالضرورة إلى تقليل العائد الاستثماري.

عاشراً: خلق مراكز قانونية متفاوتة كثيراً ما بين مشتركين جدد ومشركين قدامى، مما ينتج عنه تمايز واضح في الحقوق التأمينية، وهو ما يتنافى مع العدالة في الحقوق، ومع القاعدة الدستورية التي تقول بأن الأردنيين أمام القانون سواء.

حقاً إنه لأمر مؤسف.. وإني غاضب غاضب غاضب.!!!

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير