قصة أردني يعمل بوظيفتين.. 260 دينارا لا تكفي لشخص واحد
لا يزال العمل في وظيفتين لمدة 80 ساعة تقريبًا في الأسبوع لعمار، وهو خريج جامعي يبلغ من العمر 25 عامًا، غير كافٍ لتغطية نفقات أسرته في ظل الظروف الاقتصادية القاسية في الأردن.
وقال عمار: "أنا الآن المعيل الوحيد لأسرتي، تقاعد والدي منذ عامين بعد تخرجي من الجامعة وشقيقتيّ لا تزالان في المدرسة، مع واحدة في الكلية".
وأضاف عمار، وهو خريج محاسبة، إنه يعمل في وظيفتين لأن "راتب وظيفة واحدة بالكاد يكفي لدفع الإيجار"، مشيرًا إلى أن الحد الأدنى للأجور لا يغطي التكاليف الأساسية للمعيشة في الأردن.
وتابع: "الحد الأدنى للأجور في الأردن لا يكفي لرجل أو امرأة واحدة لإعالة أنفسهم، ناهيك عن إعالة الأسرة. ومعظم الشركات في الأردن لا تدفع أكثر من الحد الأدنى للأجور خاصة للخريجين الجدد من دون خبرة".
وقال عمار إن أصحاب العمل "يستغلون" الشباب لأنهم يعرفون أنهم بحاجة إلى الخبرة والمال. مضيفا: "من الصعب حقًا العثور على وظيفة لائقة تتعلق بالتخصص الرئيسي مع أجر لائق فعلي، ولا حتى أجر مرتفع، خاصة بعد الوباء".
وأكد عمار أن التوفيق بين الوظيفتين مرهق عقليًا وجسديًا، مشيرًا إلى أنه ليس لديه وقت لنفسه أو لأسرته أو لأصدقائه.
وقال: "عندما تأتي عطلة نهاية الأسبوع، لا أستطيع أن أفعل أي شيء سوى النوم، حتى لو كنت بحاجة إلى أداء بعض المهمات، الأمر صعب حقًا لأنني متعب للغاية".
من جهته، دعا الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن، إلى رفع الحد الأدنى للأجور وربطه بمعدلات التضخم، مشددا على ضرورة قانون العمل لضمان الأمن والاستقرار الوظيفي.
الحد الأدنى للأجور حالياً هو 260 دينارا للعاملين الأردنيين. في يناير من هذا العام، قررت لجنة العمل الثلاثية تأجيل زيادة الحد الأدنى للأجور المقررة لعام 2022 حتى العام المقبل بسبب تأثير أزمة جائحة كورونا، وفقًا لوزارة العمل.
أما بالنسبة للعمال غير الأردنيين، فيبلغ الحد الأدنى للأجور 230 ديناراً.
كما دعت وزارة العمل والمنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني خلال مؤتمر النقابات العمالية، الذي حضره ممثلون عن 17 نقابة عمالية، إلى توفير تغطية التأمين الصحي للمتقاعدين والمشتركين المسجلين في مؤسسة الضمان الاجتماعي، خاصة للموظفين غير المؤمن عليهم، وفق بيان للاتحاد.
وقال مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، أحمد عوض، إن "زيادة الحد الأدنى للأجور ضرورة مطلقة لتعزيز الحماية الاجتماعية للعاملين في القطاع الخاص، حيث أن الغالبية العظمى من رواتب الموظفين في القطاع الخاص تحت خط الفقر والحد الأدنى للأجور يصل فقط إلى نصف خط الفقر.
وأضاف عوض أن زيادة الدخل ستزيد أيضًا من القوة الشرائية للأفراد، وبالتالي زيادة الطلب الكلي، وهو عنصر أساسي لتحفيز الاقتصاد ومعدلات النمو الاقتصادي.
وقال إن أحد الأسباب الرئيسية للبطالة هو "صدمة" العديد من الخريجين عندما يدخلون سوق العمل لأول مرة ليجدوا "مثل هذه الأجور المنخفضة مع ساعات العمل الطويلة، وخاصة بالنسبة للنساء".
وتابع عوض أن "رفع الحد الأدنى للأجور سيشجع الشباب، رجالاً ونساءً، على الانخراط بشكل أكبر في سوق العمل، مما سيساعد على خفض معدلات البطالة".
من جهته، قال الخبير الاقتصادي وجدي مخامرة إن رفع الحد الأدنى للأجور "أمر حاسم" في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة ومعدلات التضخم التي يواجهها الأردن، حيث أن الحد الأدنى للأجور "غير منطقي ولم يعد مناسبًا".
وأوضح مخامرة أنه "يجب مضاعفة الحد الأدنى للأجور على الأقل ليكون مناسباً للعمال ومناسب للظروف الاقتصادية في الأردن وسط الإيجارات الباهظة وارتفاع أسعار المواد الغذائية وتكاليف الطاقة وغير ذلك، حيث لا يكفي لتغطية هذه التكاليف الآن".
وأوصى مخامرة برفع الحد الأدنى للأجور في بعض القطاعات التي لا تجتذب العمالة الأردنية، مثل البناء والتشييد، والتي يشغلها بشكل أساسي عمال أجانب.
وقال مخامرة إن رفع الأجور سيشجع العمال الأردنيين على العمل في هذه القطاعات. كما من الضروري إلزام القطاع الخاص بالالتزام بالحد الأدنى للأجور حتى لا يكون هناك استغلال للعمالة الأجنبية.