هل يتدارك المواطن الأمور؟
أخبار الأردن -
د. هايل ودعان الدعجة
كلنا لاحظ في السنوات الاخيرة قلة المشاركة الشعبية في انتخابات المجالس النيابية، وعدم اهتمام المواطن بمتابعة جلساتها، بصورة تعكس تراجع ثقته بها وبادائها. الا ان ذلك لا يمنع من القول بوجود حالات نادرة جعلته يهتم بهذا الاداء ويتابعه، عندما ارتبط بقضايا وملفات وقوانين وتشريعات رأى انها مهمة بالنسبة له وتحظى باهتمامه. عند ذلك شعر بقيمة واهمية دور النائب وضرورة ان يمثله تمثيلا حقيقيا تحت القبة. وحاول استخدام كل ما يستطيع او يملك من ادوات ووسائل ضغط، خاصة وسائل التواصل الاجتماعي لايصال صوته ورسالته له للتأثير في توجهاته ومواقفه، بحيث تأتي ملبية ومراعية لمتطلباته ورغباته. ولما باتت الساحة الاردنية بالفترة الاخيرة مليئة باحداث وملفات وقوانين على درجة من الاهمية، وتنطوي على ابعاد وطنية واخلاقية وقيمية ودينية واجتماعية ، مرتبطة بهوية الدولة وثقافتها وثوابتها ومكوناتها، وبالاسرة والطفل والمرأة وغيرها، فقد برزت الحاجة الشعبية الملحة الى ضرورة ان يكون مجلس النواب، ممثل الشعب، بمستوى المسؤولية وقادرا على التعامل والتفاعل مع هذه الموضوعات والملفات الحساسة، التي يشتم من خلالها بوجود محاولات او سياسات او توجهات تستهدفها وتسعى الى المساس بها تحت عناوين ومبررات مختلفة، جعلت المواطن يشعر انها تأتي استجابة لمطالب وضغوطات ربما، املتها الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها الدولة، ودفعت بها الى الاعتماد على القروض والمساعدات المالية الخارجية، التي يتم توظيفها احيانا من قبل اطراف دولية وبحجة الحضارة والتمدن، كادوات ضغط لتمرير اجنداتها الثقافية والاخلاقية والقيمية الدخيلة وزرعها في مجتمعاتنا بواسطة مؤسسات التمويل الاجنبي تحديدا، التي لا تمانع من ان تتحول الى ادوات وجسور داخلية مغرضة وهدامة للنيل من منظومتنا المجتمعية بمكوناتها الدينية والاخلاقية والثقافية والاخلاقية المختلفة لحساب هذه الاجندات الخارجية المشبوهة مقابل تنفيعات مالية.
وربما من هنا يمكننا ان نقرأ المحاولات المتكررة لاضعاف المجالس النيابية، لتكون اداة طيعة في ظل هكذا احتمالات تكون فيها الحكومات المتعاقبة مضطرة لتمرير هذه الاجندات، لحاجتها لهذه القروض والمساعدات او كثمن لفشلها وعجزها عن مواجهة الظروف والتحديات والصعوبات والازمات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية التي تعاني منها الدولة. الامر الذي يتطلب من المواطن تحمل المسؤولية وتدارك الامور في ظل الاخطاء التي كان يرتكبها، عندما تخلى عن ممارسة حقه الانتخابي، واعطى المجال لاصحاب المال الاسود والمصالح الخاصة، لان يستغلوا هذه الفرصة ويتصدروا المشهد النيابي بشراء الاصوات، مقابل تحقيق منافع شخصية كفيلة بجعلهم يقرون ويمررون كل ما يطلب منهم. وان يبدأ يدرك ايضا اهمية المشاركة الشعبية في ادارة الشأن العام، وان يعيد حساباته في اي مناسبة انتخابية قادمة، بحيث يتوجه الى صناديق الاقتراع، ويدلي بصوته لانتخاب من يرى بانه الاصلح والافضل تمثيلا وتعبيرا عن مصالحه وتطلعاته وتوجهاته، وان لا يترك الساحة لتجار الاصوات، لأن يستغلوا ظروف بعض الناخبين واحوالهم المعيشية الصعبة وحاجتهم الى المال للوصول الى قبة البرلمان والمساومة على الملفات والتشريعات التي تهمه.
ان معالجة السلبيات لا تكون بالاكتفاء بتوجيه الانتقادات، والعزوف عن المشاركة بالانتخابات، وانما بتعزيزها وزيادة نسبة الاقبال عليها، وان عدم المشاركة لن يوقف الحياة النيابية ولن يعطلها.. وستفرض على من لا يشارك.. مجالس نيابية من خيارات غيره، قد تناقش قضايا وتقر قوانين وتشريعات لا تعجبه ومغايرة لاهتماماته وتوقعاته وتطلعاته.
تابعونا على جوجل نيوز