أطباء الإقامة يطالبون بإلغاء نظام "العبودية"
ما تزال قضية الأطباء المقيمين في المستشفيات الخاصة والجامعية والخدمات الطبية الملكية تطفو على السطح بين فترة وأخرى.
هؤلاء الأطباء أصبحوا ضحايا لظروف عملهم الصعبة وساعات عملهم الطويلة التي تتجاوز الـ100 ساعة في الأسبوع في كثير من الأحيان، ومعرّضون للخطر، بسبب نظام الإقامة غير مدفوع الأجر، الذي يُسمّى الـ"Unpaid"، وعدم شمولهم بالحمايات الاجتماعية.
إذ ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي، الأربعاء الماضي بخبر وفاة طبيب مقيم إثر حادث سير تعرض له أثناء قيادته مركبته على طريق محافظة جرش بعد انتهاء مناوبته التي استمرت 36 ساعة متواصلة في مستشفى الأميرة هيا العسكري الواقع بعجلون، وفق حديث زملائه إلى "المرصد العمالي الأردني".
وطالب العديد من الأطباء الذين تناقلوا خبر وفاته بإلغاء نظام "غير مدفوع الأجر" الذي وصفوه بالـ"العبودية والسخرة" في القطاعين العام والخاص، وعدم تهميش حقوق الأطباء المقيمين واستغلال حاجتهم إلى الاختصاص.
ورأوا أن الأطباء المقيمين أصبحوا ضحية لهذا النظام، نظرا لطبيعة العمل فيه التي وصفوها بـ"غير الإنسانية".
يقول أحد زملاء الطبيب المتوفي عبدالرحمن أبو عواد، إن عبدالرحمن كان يعمل في الخدمات الطبية الملكية، وكان يعاني من ظروف عمل شاقة وصعبة جدا، إذ لا يتقاضى أي أجر مقابل عمله بسبب نظام "غير مدفوع الأجر"، فضلا عن أن ساعات مناوبته في الأسبوع تجاوز الـ100 ساعة متواصلة دون أي راحة في معظم الأحيان.
ويبين زميله، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن علامات الإرهاق كانت واضحة بشكل كبير على وجهه قبل وفاته، بسبب طول ساعات مناوبته وضغط العمل الشديد.
ويشير إلى أن عبدالرحمن غير مشمول بالحمايات الاجتماعية مثل الضمان الاجتماعي أو التأمين الصحي، ما يعني عدم تمتع ذويه بأي من الحقوق التأمينية التي توفرها مؤسسة الضمان، ومنها راتب الوفاة.
من جانبه، يقول عضو في نقابة الأطباء الدكتور حازم القرالة إن مجلس النقابة على علم بما يعانيه الأطباء المقيمين، ويرفض نظام "غير مدفوع الأجر" جملة وتفصيلا، لأنه يستغل حاجة الأطباء إلى الاختصاص.
ويبين القرالة، في تصريح إلى "المرصد العمالي"، أن مجلس النقابة سيبدأ تحركاته خلال الفترة المقبلة، للضغط على الجهات المعنية لإنصاف الأطباء المقيمين، وعدم تهميش حقوقهم.
ويشير إلى أن التحرك سيشتمل على محورين، وهما: إلغاء نظام "غير مدفوع الأجر" في القطاعين العام والخاص، وتحديد ساعات عمل الأطباء المقيمين باتجاه تخفيضها.
ويؤكد القرالة أن هذا النظام مخالف تماماً لأنظمة نقابة الأطباء، وأن "من حق كل طبيب أكان مقيما أو عاما أو اختصاصيا مسجلا لدى النقابة وحاصلا على مزاولة مهنة، أن يعمل مقابل أجر"، وفق قانون النقابة.
أما غيث العريان أحد منسقي الحملة الوطنية للدفاع عن حقوق الأطباء المقيمين "هجّرتونا"، فيقول إن هذا النظام أصبح يُهدد حياة الأطباء المقيمين، فساعات عملهم الطويلة لا يتحملها أي عامل.
إذ وفق آخر إحصاءات الحملة عام 2019، فإن 15 طبيبا مقيما على هذا النظام تعرضوا لإصابات أثناء عملهم، منهم 6 توفّوا وهم على رأس عملهم، والبقية تعرضوا لإصابات إثر حوادث سير بعد مناوباتهم.
وينبه العريان إلى خطورة هذا النظام، وضرورة إلغائه بجميع المستشفيات، ولفت إلى أن هناك تنسيقا بين أعضاء الحملة ومجلس نقابة الأطباء من أجل إنصاف الأطباء المقيمين.
وكان المرصد العمالي الأردني نفذ حملة بالتعاون مع "هجّرتونا" العام الماضي، عرضت ظروف العمل السيئة التي يعمل فيها الأطباء المقيمون وتدني الأجور التي وصلت حد "السخرة"، حتى أن بعض الأطباء كانوا يدفعون لبعض المستشفيات للسماح لهم بممارسة برنامج الإقامة فيها.
وطالب المرصد حينها بضرورة إنصاف الأطباء المقيمين، وإعطائهم حقوقهم العمالية كافة.