المرحلة القادمة في الشرق الأوسط عنوانها هذه الدول

{title}
أخبار الأردن -

 

قال الكاتب والباحث في الصحافة العبرية الدكتور حيدر البستنجي إنّ ما تشهده المنطقة من تسارع في تشكيل الأحلاف الإقليمية لا يمكن قراءته خارج إطار "الأحلاف الغموسة"، أي تلك التي ترفع عناوين براقة وأهدافًا معلنة، فيما تُدار في العمق بمنطق المصالح الخفية والوظائف المرحلية، وتتكشّف هشاشتها سريعًا عند أول اختبار جدي أو لحظة صدام حقيقي.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنّ القياس بين اليمين الغموس في الفقه والتحالف الغموس في السياسة ليس توصيفًا بلاغيًا، وإنما توصيف تحليلي دقيق، إذ إنّ كليهما يقوم على الكذب المتعمّد وتضليل الشركاء، ويُستخدم كأداة لاقتطاع مكاسب أو فرض وقائع مؤقتة، لا كالتزام استراتيجي طويل الأمد قائم على تبادل الأدوار وتحمل الكلف عند الخطر، مشيرًا إلى أنّ التاريخ القريب في الشرق الأوسط زاخر بأمثلة تحالفات انهارت فور انتقالها من مرحلة الخطاب إلى مرحلة الفعل.

وبيّن البستنجي أنّ أخطر هذه التحالفات الصاعدة يتمثل في الحلف المتنامي بين إسرائيل وكلٍّ من اليونان وقبرص، والذي لا يقتصر على بعده الأمني في شرق المتوسط، ذلك أنه يتجاوز ذلك إلى صياغة معادلة إقليمية جديدة يُتوقع أن تنخرط فيها بعض الدول العربية، سواء بشكل معلن أو عبر قنوات خلفية، ضمن توزيع محسوب للمصالح والمسؤوليات، وبما يخدم بالدرجة الأولى الرؤية الأمنية الإسرائيلية.

ونوّه إلى أنّ التحركات المقابلة، بقيادة تركيا ومصر، تهدف إلى تشكيل نواة حلف مضاد لا يزال في طور التبلور، لافتًا إلى أنّ المناورات العسكرية المشتركة بين القاهرة وأنقرة لا يمكن فصلها عن رسائل الردع السياسي، وجسّ النبض الاستراتيجي، ومحاولة كبح تمدد الحلف الآخر، خاصة في ظل تداخل هذه الاصطفافات مع ملف غزة ومستقبلها الأمني والسياسي.

وأوضح البستنجي أنّ موقف بنيامين نتنياهو من مسألة القوات الدولية في غزة يعكس جوهر هذه المعادلة، إذ لا يقبل إلا بقوات منضوية ضمن دائرة تحالفاته، ويرفض أي وجود مصري أو تركي ما لم يُفرض ذلك بضغط أمريكي كبير، وبأثمان سياسية أو عسكرية مرتفعة، قد تشمل إطلاق يده في لبنان والضفة الغربية، أو توفير غطاء لاستكمال المواجهة مع إيران وأذرعها في المنطقة.

ولفت إلى أنّ تصريحات نتنياهو العلنية، ولا سيما خلال اجتماعه مع قادة اليونان وقبرص، حين خاطب أنقرة بلهجة حادة محذرًا من "أحلام إعادة الإمبراطوريات"، مثلت تعبيرًا مباشرًا عن رفض إسرائيلي قاطع لأي تموضع تركي قريب من حدودها، بالتوازي مع تحركات محسوبة في الساحة السورية عبر ملف "قسد" بهدف إرباك تركيا واستنزاف قدرتها على التأثير الإقليمي.

واستطرد البستنجي قائلًا إنّ زيارة نتنياهو المرتقبة إلى واشنطن مرشحة لحمل مؤشرات تتجاوز الملف الغزّي، في ظل منطقة تقف على حافة تغيير استراتيجي واسع، تتحرك فيه الأحلاف الحقيقية والأحلاف الغموسة معًا، فيما يبقى دونالد ترامب ممسكًا بخيوط اللعبة الكبرى، غير متحفظ على إدارة حلفين متنافسين طالما أنهما يصبان في خدمة المصالح الأمريكية، وهو الأقدر على التمييز بين الحليف الصادق والتحالف الذي لا يصمد عند لحظة الامتحان.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية