من ينقذ الأردنيين العالقين في جبهة الحرب الروسية؟

{title}
أخبار الأردن -

 

قال المحامي والقانوني الدكتور صخر الخصاونة إن التطورات المتعلقة بمقتل أردنيين وجدا نفسيهما يقاتلان إلى جانب القوات الروسية على الجبهة الأوكرانية، بعد استدراجهما عبر وعود وظيفية مغرية، تفرض إعادة قراءة دقيقة للإطار القانوني الناظم لمسألة التحاق الأردنيين بقوات أجنبية.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن التحليل القانوني يجب أن ينطلق من مضمون النصوص، إذ إن التشريعات الأردنية لا تنص على تجريم "الالتحاق بالقوات الأجنبية" بحد ذاته، فهي تضع معيارًا واضحًا يتعلق بحمل السلاح ضد الدولة أو الانخراط في صفوف قوة تُناهض الدولة، ما يجعل القاعدة الجنائية ترتبط بالعداء لا بأصل الالتحاق.

وبحسب قانون العقوبات الأردني، لا يُجرَّم مجرد الانتساب لقوات أجنبية ما لم يكن الهدف أو السياق عدائيًا ضدّ الأردن، أما المادة المتعلقة بجرائم الخيانة فترتّب عقوبات شديدة على من يقاتل ضد وطنه أو يُحارب معه في صفوف عدو، لكنها، من حيث النص، لا تشمل كل من اختار العمل ضمن قوات أجنبية، إن لم تكن هذه القوات معادية.

ومع ذلك، تنقل التشريعات الأردنية أيضًا مادة في قانون الجنسية تُبيِّن أن الانخراط في خدمة عسكرية لدى دولة أجنبية دون إذن من مجلس الوزراء، ورفض تركها عند الطلب من الدولة الأردنية، يُعد سببًا مشروعًا لفقدان الجنسية الأردنية، وهذا ما يجعل خيار الانتساب لقوة أجنبية محفوفًا بمخاطر قانونية جسيمة.

من جهة أخرى، أشار الخصاونة إلى احتمال أن تُقارب هذه الحالات من زاوية الاتجار بالبشر، خصوصًا إذا ثبت أن العاملين تم استقطابهم عبر وعود كاذبة أو مغرية، أو عبر استغلال حاجاتهم المادية، أو بما يخالف مبادئ الاختيار الحر والموافقة الطوعية، فالقانون الأردني لجرائم الاتجار بالبشر يُعرّف مثل هذا الفعل بأنه استقطاب أو نقل أشخاص بغرض استغلالهم عبر القسر، أو التهديد، أو الخداع، أو الإغراء وهو ما قد يتطابق مع ما أُشيع من أساليب استدراج وتجنيد في هذه القضية.

وهنا تكمن الخطورة القانونية، ليست فقط في السلوك الفردي للمجندين، وإنما في شبكة استدراج وتغرير محتملة، قد تكون منظّمة أو تابعة لأطراف غير رسمية تسعى لتحقيق مكاسب تجارية أو سياسية عبر تحويل إنسان إلى سلاح ضمن صراعات دولية.

ونوّه الخصاونة إلى أن الطريق الوحيد لمعالجة هذه القضية هو فتح تحقيق قضائي مستقل ونزيه يكشف أبعاد التجنيد، ويحدد ما إذا كان الالتحاق تم عبر اختيار حر ومعلومات واضحة أم عبر استغلال وظروف اقتصادية ومعنوية، داعيًا إلى تفعيل مواد قانون مكافحة الاتجار بالبشر لإحالة الجهات المستدعية أو المغرّبة إلى العدالة، وليس الاقتصار على محاسبة الأفراد المنتسبين فقط.

أما على صعيد التشريعات، فقد شدد على ضرورة مراجعة التشريعات الوطنية لتوضيح موقفها من ظاهرة الالتحاق بالخارج، خاصة في أجواء نزاعات مسلّحة، بحيث تُميّز بوضوح بين العمل العسكري القانوني في بلد ثالث، وبين التحريض أو المشاركة في نزاع يُعدّ عدائيًا ضد وطن الأم.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية