3 أسئلة بشأن غزة تحتاج إلى إجابات جريئة

{title}
أخبار الأردن -

 

قال الكاتب والباحث في الصحافة العبرية، الدكتور حيدر البستنجي، إن تقرير The Wall Street Journal  الذي أفاد بأن إسرائيل اختبرت تقنيات عسكرية حديثة في غزة ونجحَت هذه التجارب فأصبح الطلب عليها عالميًا، يمثل كشفًا ذا بعد أخلاقي وسياسي وقانوني جلل لا يجوز احتواؤه بمجرد قراءة عابرة.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن ما يقصده هذا الكشف يشير إلى تحولٍ منهجي جعل من غزة "حقل تجارب مُمَوَّلًَا" لصناعات السلاح الغربية والصهيونية، ومن العمليات العسكرية منصة لاختبار فعالية تقنيات قتالية جديدة في ظروف حقيقية.

ورأى البستنجي أن هذا الانزلاق يعني أن الخسائر المادية الإسرائيلية المؤقتة خلال عمليات القتال تُقَدَّر أيضاً كاستثمار في تسويق تقنيات قتال تستطيع لاحقاً أن تُدرَّ على الشركات وأطرافًا دولية أرباحًا طائلة، وهي معادلةٌ تضع ثمنَ الابتكار العسكري على كاهل المدنيين الفلسطينيين ودمائهم.

وأشار إلى أن هذه المعادلة تطرح أسئلة متعددة المستويات، أولها أخلاقي وهو حول مشروعية تحويل مناطق مأهولة مدنيًا إلى مختبراتٍ حية للأسلحة؛ وثانيها قانوني يتمثل في إمكانية اعتباره شكلًا من أشكال التجريب العسكري الذي قد يرقى إلى جرائم حرب عند تعمّد استهداف مدنيين أو التجرد من إجراءات الحماية الواجبة؛ وثالثها استراتيجي يتعلق بتصدُّع المعايير الدولية التي كانت تتمحور حول الحد من معاناة المدنيين في النزاعات.

ونوّه البستنجي إلى أنّ النتائج المزعومة لاختبارات الأسلحة لها أثرٌ توسُّعي على سوق السلاح الدولي وعلى ديناميكيات التسلح في الإقليم والعالم، فالنجاح الميداني لتقنيةٍ ما يحوّلها بسرعة إلى سلعةٍ مطلوبَة، فتتحول أداة الحرب إلى بندٍ في ميزانيات الدول وورقة ربحٍ لشركات، بينما يظل الضحايا في المنطقة هم من يدفعون ثمن الابتكار والاختبار.

واستعرض الأرقام والوقائع الإنسانية بالقول إن الحرب خلّفت ثغرات وجودية من بينها أعداد كبيرة من المفقودين، وأن ثمة آلافًا من الغزيين الذين فقدوا وأُحصيَت حالات اختفاء مجهولة حتى الآن، معتبرًا أن بقاء مصير هؤلاء المفقودين طيّ الغموض يضاعف من عنف الفعل نفسه، لأنّ الغياب بلا أثر يُحوّل المصيبة من حدث إلى حالة من الانعدام القانوني والوجودي للإنسان في زمن الحرب.

وحذّر البستنجي من أن هذا المسار لا يمكن تقبّله في عالم يسعى للحفاظ على الحدَّ الأدنى من الضوابط الأخلاقية والقانونية في النزاعات المسلحة، داعيًا إلى تحرك دولي شامل يتجاوز التنديد الرمزي ويشمل آليات رسمية للتحقيق والرقابة والمنع.

وأكد ضرورة فتح تحقيقات دولية محايدة وشفافة، وتيسير وصول خبراء الطب الشرعي والموثقين الدوليين إلى ساحات الأحداث، وفرض رقابة على تجارة الأسلحة التي تستفيد من تجارب ميدانية على المدنيين، ورفع سقف مساءلة شركات السلاح والدول التي تموّل أو تُسوِّق نتائج التجارب غير الأخلاقية.

ونوّه البستنجي إلى أنه لم يعد مقبولًا أن تُقاس قيمة الاختراع الحربي بفاعليته وحدها، من دون احتساب ثمنه من دماء بشرٍ وآلامٍ لا تُحصى، وإذا كان هناك درس مؤلم مما نقرأه اليوم، فهو أن الحروب تخلّف سجلًا أخلاقيًا وقانونيًا وذاكرةً إنسانية يجب أن تُحاسب.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية