تدريبات باليستية إيرانية تنذر بحرب وشيكة

{title}
أخبار الأردن -

 

قال مدير برنامج الدراسات الإيرانية في مركز الدراسات الإقليمية، الأستاذ الدكتور نبيل العتوم، إن المناورات التي أجراها الحرس الثوري الإيراني تحت مسمى "التدريبات الباليستية" في هذا التوقيت تحمل دلالات استراتيجية عميقة.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنها تأتي بعد خمسة أشهر فقط من الحرب التي استمرت 12 يومًا بين إيران وإسرائيل بمشاركة مباشرة من الولايات المتحدة، ما يعكس محاولة إيرانية واضحة لإعادة تثبيت معادلة الردع التي تضررت بفعل الخسائر الكبيرة التي لحقت بإيران، ولا سيما في برنامجيها النووي والصاروخي.

وبيّن العتوم أن توقيت المناورات بحد ذاته يبعث برسالة سياسية وأمنية مفادها أن إيران، رغم الضربات التي تعرضت لها، لم تُستنزف بالكامل وما تزال تمتلك القدرة على التصعيد، مبينًا أن هذه التدريبات تهدف إلى إظهار الجهوزية العملياتية وإعادة ترميم صورة القوة أمام الخصوم، خصوصًا في ظل التراجع النسبي في بعض عناصر التفوق العسكري الإيراني خلال المرحلة الماضية.

وذكر أن المناورات تحمل حزمة رسائل متزامنة للولايات المتحدة، في مقدمتها التحذيرات المباشرة التي وجهها الحرس الثوري للسفن الأميركية، والتي وصفها بأنها محاولة مدروسة لرفع مستوى التوتر وضبطه في آن واحد، بهدف فرض قواعد اشتباك جديدة في الخليج، إلى جانب الرد الرمزي على الضربات الأميركية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية، من خلال التأكيد على قدرة طهران على تأمين محيطها البحري رغم تلك الضربات.

وأشار العتوم إلى أن الرسائل لم تقتصر على واشنطن، فقد شملت الجانب الإسرائيلي أيضًا، من خلال الإعلان عن نشر منظومات دفاع جوي واستخدام أدوات الحرب الإلكترونية، والإشارة إلى توظيف الذكاء الاصطناعي في الرصد والتتبع، في محاولة لإظهار أن إيران طورت قدراتها الدفاعية والردعية، ولم تفقد قدرتها على التحديث والتكيف، حتى بعد الاستهدافات الأخيرة.

ونوّه إلى أن التركيز على الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة يحمل في طياته رسالة غير مباشرة مفادها أن إيران تمتلك شبكة علاقات وتحالفات استراتيجية، لا سيما مع الصين وروسيا، وأنها قادرة على الحصول على تقنيات متطورة وتطوير منظوماتها الصاروخية والإلكترونية محليًا، بما يعزز قدرتها على الرد بالصواريخ والطائرات المسيّرة كما حدث في المواجهة الأخيرة.

وتابع العتوم أن هذه المناورات تخاطب الداخل الإيراني بقدر ما تخاطب الخارج، إذ يجري تسويقها بوصفها تعبيرًا عن "التضحية وروح المقاومة"، في مسعى لرفع المعنويات الداخلية بعد مقتل عدد كبير من قيادات الحرس الثوري، ولإعادة ترسيخ صورة المؤسسة العسكرية بوصفها خط الدفاع الأول في مواجهة "التهديد الخارجي"، ولا سيما الوجود البحري الأميركي في المنطقة.

وأشار العتوم إلى أن ثمة رسالة موجهة أيضًا إلى حلفاء إيران، وخاصة موسكو وبكين، مفادها أن طهران ما تزال شريكًا يمكن الاعتماد عليه أمنيًا وعسكريًا، وأن تعزيز قدراتها يخدم في نهاية المطاف استراتيجية استنزاف الولايات المتحدة وإسرائيل، واستخدام إيران كورقة ضغط إضافية في ملفات دولية متشابكة.

وحول ارتباط هذه المناورات بملفات إقليمية كلبنان وغزة أو بالمسار التفاوضي حول الملف النووي، قال العتوم إن إيران تعتمد تقليديًا ما أسماه "دمج المسارات"، وتسعى إلى توظيف الأوراق الإقليمية المتبقية لديها في سياق تفاوضي ضاغط، بما في ذلك ملف حزب الله بعد انتقال مركز الثقل القيادي إلى طهران، والورقة اليمنية، بهدف ابتزاز الغرب وتحسين شروط التفاوض، رغم إقراره بأن إيران فقدت جزءًا كبيرًا من أوراقها التفاوضية خلال الفترة الأخيرة.

واستطرد أن إيران تعيش اليوم حالة ضعف غير مسبوقة داخليًا، تتجلى في تصاعد الانقسامات وحدّة الخلافات داخل بنية النظام ذاته، بما في ذلك الاتهامات المتبادلة داخل الحرس الثوري، رغم بقاء هذا الجهاز متجذرًا في بنية السلطة.

وفيما يتعلق بمخاطر تصعيد التوتر في الخليج، حذر العتوم من أن هذا السيناريو يظل واردًا بقوة، فطهران تدرك أن المواجهة مع الولايات المتحدة وإسرائيل مسألة وقت في ظل غياب مسار تفاوضي واضح، وتسعى حاليًا إلى خلق نقاط توازن استراتيجية جديدة بعد الضربات التي استهدفت برنامجها النووي، من خلال إعادة توجيه ثقلها العسكري نحو الصواريخ والقدرات الردعية التقليدية.

وقال إن استمرار إيران في برنامجها النووي، إلى جانب مؤشرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول سياسة الغموض النووي واتجاهات عسكرته، إلى جانب تنامي الاعتماد على الصواريخ الباليستية، يفتح الباب أمام احتمالات تصعيد مقبلة، ويُبقي المنطقة على حافة توتر دائم قابل للانفجار في أي لحظة.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية