النشاش تكتب: غرة في شتائها الثالث

{title}
أخبار الأردن -

 

 

أنوار النشاش

يستعدّ الغزّيون هذه الأيام لاستقبال شتاءٍ جديد شتاءٍ بلا دفء، بلا أمان وبلا طعام يخفّف وطأة البرد عن أجسادهم المنهكة.
اعتادوا على هذا الحال منذ شتاء عام 2023 ولم ينحنِ صمودهم رغم أنّ خيامهم كانت تتهاوى وتتساقط فوق رؤوسهم ورؤوس أطفالهم.

لكنّ ما يحدث هذا العام أشدّ قسوة.
فبعض العائلات في غزّة باتت تبحث بين ركام منازلها المدمَّرة عن أيّ حائط متبقٍّ عن زاويةٍ محطّمة قد تصلح مأوى يقيهم رياح الشتاء القادم
شتاءٌ لا يعلم شدّته إلا الله.

ومع ذلك،نرى الأطفال يركضون نحو قطرات المطر بفرحٍ يشبه براءتهم
يلتقطونها كأنّها هدايا من السماء
وكأنّ في كلّ قطرةٍ حياةً جديدة تولد لهم من بين الركام.

غزّةُ بخيامها المتراصّة بعضُها فوق بعض على شاطىء البحر تبدو كمركبٍ شراعيٍّ ضخمٍ يتمايل بين ماءٍ وماء تحت رحمة ربِّ السماء
يلطمُه موجٌ من فوقه موجٌ من فوقه سحاب وريحٌ فيها صِرٌّ تنخر في جسدًا جريحاً وتعلو صرخاتُ أطفالٍ وأمهاتٍ تصرخ قائله :
ربّنا إن نجّيتَنا من هذا لنكوننّ من الشاكرين.

وسيُنجيهم الله بمفازتهم
وسيكونون هم الشاكرين
فهم أهلُ الإيمان
وأهلُ الصبرِ واليقين
والله يحبّ الصابرين.

فبينما نقف نحن خلف زجاج نوافذنا المُبتله وحين نجلس أمام المدفأة نحتسي كوبًا من الشاي نراقب تساقط المطر ونتأمّل ملامح الشتاء بوجهه الشاعريّ، يجابه أهلُ غزّة هناك مع كلّ زخة مطر سيولًا جارفة تقتلع خيمهم وما تبقّى لهم من دفء.

فللشتاء هناك وجهٌ آخر…
وجهٌ لا نعرفه نحن.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية