خبير اقتصادي يحذّر من تحول مدينة عمرة لمشروع طبقي ويطالب بضمانات صارمة

{title}
أخبار الأردن -

 

 

قال الخبير الاقتصادي، الأمين العام للحزب الشيوعي الأردني فهمي الكتوت إن مشروع مدينة عمرة يأتي في لحظة مفصلية يشهد فيها الاقتصاد الأردني ضغوطًا غير مسبوقة، مشيرًا إلى أنّ الإعلان عن المدينة يعكس محاولة حكومية لمعالجة الاختناق العمراني والسكاني في عمّان والزرقاء، إلا أن "المشروع يحتاج إلى رؤية اقتصادية واضحة أكثر من حاجته إلى الإبهار العمراني".

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن المشروع يندرج ضمن سياق تزايد الاعتماد على الشراكات الاستثمارية والتمويل الخارجي، وهو نهج ارتبط تاريخيًا بتراكم الدين العام وتراجع قدرة الدولة على تمويل البنى التحتية من مواردها الذاتية.

وبيّن الكتوت أن هذا النمط، إذا لم يُضبط تشريعيًا ورقابيًا، قد يحوّل المشروع إلى ساحة صفقات عقارية بدل أن يكون مشروعًا تنمويًا يعالج التشوّهات الهيكلية في الاقتصاد.

وفي ما يتعلق بسوق الإسكان، أشار إلى أن الإعلان عن المدينة أدى مباشرة إلى ارتفاع أسعار الأراضي في محيطها، بما يعكس سيطرة المنطق العقاري على المزاج الاستثماري في الأردن، محذرًا من أن يغيب الهدف الاجتماعي للمشروع.

ونوّه الكتوت إلى أن المدينة لن تُسهم بحل أزمة السكن التي يواجهها الشباب ما لم تُفرض سياسات إسكان ميسّر وملزمة، تمنع تحويلها إلى حيّز استثماري مخصص للطبقات المقتدرة فقط، مستطردًا أن التجارب السابقة مثل مشروع العبدلي والمشروع الشرقي، تقدم دروسًا واضحة حول مخاطر ترك المشاريع الكبرى لآليات السوق وحدها، مؤكدًا ضرورة إمساك الدولة بالمشروع لمنع المضاربات ومنع نقل الأرباح إلى فئات محدودة على حساب الهدف التنموي.

وفي ملف التشغيل، لفت إلى أن قطاع الإنشاءات في الأردن يعتمد بدرجة كبيرة على العمالة الوافدة، ما يحدّ من الأثر المتوقع للمشروع على البطالة، مشددًا على ضرورة وضع خطة تشغيل واضحة تمنح الأولوية للعمالة الأردنية في مراحل البناء والتطوير، بما يحول دون تكرار تجربة مشاريع كبرى لم تستطع دعم سوق العمل المحلي كما كان متوقعًا.
وحول انعكاسات المشروع على المالية العامة، قال الكتوت إن تطوير البنية التحتية لمدينة كاملة من طرق ومياه وكهرباء ونقل يحتاج إلى استثمارات ضخمة قد تتجاوز مليارات الدنانير، وهو ما قد يدفع الحكومة إلى التوسع في الاقتراض الخارجي، ما لم تُعَد صياغة نموذج تمويلي مبتكر يضمن عدم تحميل الخزينة أعباء إضافية.

وأشار إلى أن أفضل صيغة تمويلية قد تكون عبر قروض متناقصة تُسدَّد من عوائد بيع الأراضي أو من مشاريع الإسكان والتنمية داخل المدينة، شريطة تطبيق أعلى درجات النزاهة والشفافية في تقييم الأراضي وتسعيرها وبيعها، لتجنب تكرار التجارب المثيرة للجدل التي رافقت بيع أراضٍ عامة في العقبة وغيرها.

وتابع الكتوت أن المشروع قادر على أن يصبح منصة تنموية حقيقية إذا ارتبط بإصلاح شامل لقطاع النقل العام والبنية التحتية في المدن القائمة، وبتوزيع عادل للخدمات بين المحافظات، محذرًا في المقابل من أن يتحول إلى مدينة نخبوية جديدة تزيد الفجوة بين المراكز والأطراف، ما لم تُضبط مسارات التنفيذ منذ اللحظة الأولى.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية