لبنان أول النار وسوريا تنتظر الشرارة... القادم مرعب

{title}
أخبار الأردن -

 

قال الخبير العسكري محمد المغاربة إنّ التوقيت الميداني والسياسي لعملية الاغتيال التي استهدفت الرجل الثاني في حزب الله، "أبو علي الطبطبائي"، داخل الضاحية الجنوبية لبيروت، يمثّل حلقة مركزية في سباق زمني يخوضه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وأكد في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية إدراك نتنياهو بأن نافذة التصعيد المتاح أمامه في الساحة السورية باتت لا تتجاوز أسابيع معدودة، إذ يسعى إلى صناعة فتنة داخلية أو تدحرج صراعات أهلية بين الأقليات، من خلال سلسلة عمليات أمنية أو اغتيالات قد تكون أكثر اتساعًا وخطورة.

ويأتي ذلك قبل أن يفقد "ورقة قيصر" التي ظلّت لأعوام إحدى أدوات الضغط الحاسمة في تكبيل الدولة السورية الجديدة، إذ إن هذه الورقة، كما بيّن المغاربة، تخوض تل أبيب ولوبياتها صراعًا محمومًا داخل الكونغرس للحؤول دون إسقاطها بشكل نهائي.

وأشار أنّ إسرائيل مقتنعة تمامًا بأنّ قانون قيصر يمثل آخر القيود الثقيلة التي تمنع دمشق من إعادة بناء سيادتها الكاملة، والتحرك بحرية نحو تحالفات استراتيجية أوسع – خصوصًا مع الصين وروسيا – أو إبرام اتفاقيات عسكرية طويلة المدى.

ورأى المغاربة أنّ المؤشرات القيادية المرتبطة بالرئيس السوري، وما أظهره من كاريزما وصلابة في إدارة مرحلة ما بعد الحرب، كلها تعزز الفرضية التي تخشاها تل أبيب، وهي أنه ما إن يُرفع القانون، ستشهد سوريا طفرة نوعية اقتصادية وسياسية، وعودة تدريجية للبنية التحتية، وتراجع مستوى الانقسامات الداخلية التي طالما استثمرتها إسرائيل.
هذا التحول، في تقدير المغاربة، يجعل إسرائيل أكثر توجسًا من اقتراب دمشق من إعادة التموضع الإقليمي، ومن إمكانية إنتاج تفاهمات سورية، إيرانية، تركية، روسية، صينية تُحصّن الجبهة الشمالية بصورة غير مسبوقة، وذلك في لحظة يصبح فيها الرأي العام السوري أكثر استقرارًا نتيجة رفع الضغوط الاقتصادية.

أما على خط لبنان - إيران، فالمغاربة نوّه إلى أنّ القرار الأخير لوكالة الطاقة النووية تجاه إيران، وما يتسرّب عن تسارع إعادة تأهيل قدراتها الصاروخية وربما النووية، يكشف أنّ السقف الزمني المتاح لنتنياهو ينهار بسرعة، فالتهديد الإيراني، بنظر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، لم يعد افتراضيًا، فقد نمى وتحوّل إلى خطر مباشر تتسارع عناصره.

ولفت إلى أنّ إيران استطاعت خلال الأشهر الماضية اختراق معظم الشبكات الأمنية المرتبطة بإسرائيل أو المتعاونة معها في الإقليم، وهي شبكات شكّلت حجر الأساس لنجاح تل أبيب في بدايات الحرب التي شُنّت ضد طهران، إلا أن انقلاب المعادلة اليوم جعل إيران قادرة على تحييد دول إقليمية كانت جزءًا من الجهد الاستخباري الإسرائيلي، بل وربما ابتزاز بعضها أو دفعها إلى تعاون مضاد، ولو بصورة سرية.

واستطرد المغاربة قائلًا إنّ طهران انخرطت في مسار تسليحي متسارع، منفتح على الصين، وروسيا، وباكستان، وتركيا، لسدّ الثغرات في سلاحها الجوي والدفاع الجوي، بعد سنوات من التعويل على الصناعة الوطنية فقط، وهذا التطور، من وجهة نظر نتنياهو، يعني أنّ "نافذة الضربة الاستباقية" قد تغلق نهائيًا.

ومن هنا تأتي نوعية الهدف في الضاحية الجنوبية، اختيار شخصية بمستوى الرجل الثاني في حزب الله، في محاولة لجرّ الحزب إلى ردّ محسوب، يدفع لبنان إلى دائرة التصعيد التي يحتاجها نتنياهو ليخلق ضغطًا مزدوجًا على إيران، كضغط شعبي لبناني وإيراني في آن، وضغط عسكري يهدد بفقدان طهران أهم حليف لها إن امتنعت عن التدخل.
وحذّر المغاربة من أنّ نتنياهو لن يتردد – في حسابات اللحظة الأخيرة – في استهداف المكوّن المدني الشيعي داخل لبنان لرفع منسوب الاحتكاك، وهي استراتيجية تستند إلى فرضية أنّ انفجار الساحة اللبنانية سيجبر إيران على التدخل، ما يفتح الباب أمام حرب شاملة قد يعتبرها نتنياهو "الفرصة الأخيرة" قبل استعادة إيران لقوتها القصوى.

ونبّه كذلك إلى أنّ الجولة العملياتية الواسعة التي قام بها نتنياهو في الجولان وداخل الأراضي السورية بصحبة وزير الحرب ورئيس الأركان، تُعدّ إشارة واضحة إلى أنّ سيناريو التصعيد داخل سوريا قد بدأ بالفعل، وأنّ عمليات الضاحية ليست سوى المرحلة الأولى من سلسلة خطوات قد تتلاحق سواء ردّ حزب الله أم لم يرد، لأن إسرائيل قادرة – عبر عملائها ووحداتها الخاصة – على فبركة ردّ ما وتحميله للحزب.

وتابع المغاربة أنّ المشهد الراهن يعكس تقاطعًا خطيرًا بين ثلاثة مسارات فاشلة بالنسبة لإسرائيل: فشل تفريغ إيران من قوتها، فشل نزع سلاح حزب الله أو تفكيك نفوذه، وفشل مشروع "تنظيف غزة" الذي كان نتنياهو يراهن عليه عبر إدارة ترامب.

وفي ضوء هذا الفشل المتراكم، يصبح اغتيال الطبطبائي رسالة يائسة وحلقة في سلسلة تصعيدية قد تكون الأخطر على الإطلاق منذ سنوات، وفقًا لما صرّح به لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية