الضفة الغربية... مرحلة دموية تستهدف شخصيات من العيار الثقيل

{title}
أخبار الأردن -

 

قال الباحث في مركز "تقدم للسياسات" - لندن، أمير مخول إنّ ما يجري في الضفّة الغربية اليوم لا يمكن النظر إليه بوصفه امتدادًا مباشرًا للحرب على غزة، ولا باعتباره نتيجةً طارئة لها، فهو ــ على نحوٍ أدق ــ التجسيد الأوضح للمشروع الصهيوني الجديد الذي يُمسك بمفاصل الحكم في إسرائيل.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذا المشروع، يقوم على أولوية الضمّ وبسط السيادة الإسرائيلية الكاملة على الضفّة الغربية، باعتبارها "الجائزة الكبرى" التي تتقدم على سائر الجبهات.

وأشار مخول إلى ملامح الاتفاق السياسي بين نتنياهو وسموترتش، والذي نصّ صراحة على تغيير البنية الإدارية للضفّة عبر إعادة تشكيل الإدارة المدنية، بما يسمح بنقل ملفّ السيادة لقرار مباشر من رئيس الوزراء، وفقًا للبند رقم (38)، وهو ما يعبّر عن نية إسرائيل تحويل الضفة من إقليم خاضع للاحتلال إلى منطقة "سيادة إسرائيلية" بصورة عملية ولو دون إعلان رسمي.

ونوّه إلى أنّ الضفّة الغربية، في الوعي الأيديولوجي لليمين الديني والتوراتي، تمثّل مركز الثقل الهوياتي والروحي للمشروع الصهيوني، أكثر من غزة، وأكثر من الجبهة الشمالية أو أي امتداد إقليمي آخر، وعلى هذا الأساس، تُعاملها إسرائيل على أنها مساحة سياسية يجب "تنظيفها ديموغرافيًا" وإعادة تشكيلها بما يوافق الرؤية الاستيطانية طويلة المدى.

وتظهر خطورة المشهد، وفق مخول، في أن ما يُرتكب على الأرض ليس أفعالًا معزولة لمجموعات مستوطنين، وإنما كمنظومة تطهير عرقي مُحكمة تحظى بإسناد كامل من الدولة، جيشًا، وشرطةً، وقضاءً، بحيث لا يُحاسَب أحد، ولا يُعتقل معتدٍ، وإن حدث فهو اعتقالٌ شكلي لساعات، ما يكشف الطبيعة المعقدة لهذه السياسة داخل منظومة الاحتلال.

واستطرد قائلًا إن الحرب على غزة أسهمت في تعزيز "ذهنيّة الإبادة" التي اكتسبت شرعية مضاعفة داخل المجتمع الإسرائيلي، كما غذّت حالة الانفلات والعنف، خاصة بعد انهيار الوعود التي كانت تروّج لها تيارات اليمين قبل أشهر قليلة حول استيطان غزة ولبنان وسوريا، وهي مشاريع تلاشت تحت وطأة الواقع العسكري والسياسي.

ورأى مخول أنّ هذا التراجع في قدرة اليمين على تحقيق وعوده جعل الضفّة الغربية "المتنفّس الأخير" لتعويض الفشل في الجبهات الأخرى، وبالتالي ارتفع مستوى العنف فيها، مدفوعًا بحالة إحباط سياسية وأيديولوجية داخل المعسكر اليميني.

وذكر أن الإدارة الأمريكية ــ رغم دعمها الكبير لإسرائيل ــ لا تبدو اليوم مستعدة لمنح حكومة نتنياهو الضوء الأخضر لتنفيذ الضم، الأمر الذي اضطر حتى شخصيات محسوبة على تيار الاستيطان داخل واشنطن إلى الإعلان بوضوح عن رفض الخطوة، وهو ما شكّل ضربة إضافية لليمين الإسرائيلي.
وذهب مخول إلى أن الإعلان المتتالي عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية - عربيًا ودوليًا - أثار قلقًا وجوديًا لدى نتنياهو والتيار الديني القومي، الذين يرون في ذلك تهديدًا مباشرًا لمشروعهم القائم على منع قيام أي كيان فلسطيني مستقل. وهذا، من وجهة نظره، عمّق منسوب العنف وجرّده من أي قيود.

وخلص إلى أن ما يجري هو مشروع شامل يستهدف بنية الوجود الفلسطيني برمّته؛ بدءًا بعمليات التهجير المنظمة في جنين، وطولكرم، ونور شمس، وغيرها، مرورًا بالقوانين الهادفة لتهويد الأراضي وتحويلها إلى "ملكيات إسرائيلية"، وصولًا إلى محاولات صناعة واقع ديموغرافي استيطاني جديد.

وشدد مخول على أنّ هذه السياسات ــ رغم خطورتها وتصاعدها ــ محكومة بالفشل على المدى الاستراتيجي، لأن البيئة الإقليمية والدولية، إضافة إلى صمود الفلسطينيين، أقوى من أن تسمح بتصفية القضية، محذرًا في الوقت ذاته من أنّ المرحلة المقبلة قد تكون الأشد دموية، وربما تتضمن عمليات استهداف لشخصيات فلسطينية محورية، في ظل انعدام الضوابط التي تحكم سلوك اليمين الإسرائيلي اليوم.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية