انحسار البحر الميت... تحذيرات من كارثة بيئية صامتة تستدعي تحركًا عاجلًا

{title}
أخبار الأردن -

 

حذّر رئيس اتحاد الجمعيات البيئية عمر الشوشان من التدهور المتسارع في منسوب مياه البحر الميت، موضحًا أن ما يحدث يعد نتاجًا مباشرًا لتراكمات بشرية ممتدة عبر عقود، وانعكاسًا لغياب الإدارة التشاركية الرشيدة للموارد المائية المشتركة.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن ملامح الانحسار باتت جليّة للعيان، ولا سيما في منطقة الفنادق السياحية، حيث يمكن رصد التراجع الواضح في مستوى المياه بالعين المجردة، مشيرًا إلى أن هذا الانحسار يحمل دلالات بيئية مقلقة، ويعبّر عن أزمة تمسّ الأمن المائي الوطني والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في آنٍ واحد.

وبيّن الشوشان أن الأسباب الجوهرية لهذا التدهور تتجسّد في التحويل المنهجي للمياه المغذية للبحر الميت، وعلى رأسها مياه نهر الأردن وروافده، التي كانت ترفد البحر بما يزيد عن 1.3  مليار متر مكعب سنويًا، بينما لا يصل اليوم إليه سوى ما لا يتجاوز 10% من تلك الكميات، بعد أن خُصص معظمها، كما قال، للاستخدامات الزراعية والبلدية من قبل كيان الاحتلال، الأمر الذي أخلّ بصورة جذرية بالتوازن الهيدرولوجي الطبيعي للبحر.

وأردف قائلًا إن الصناعات الاستخراجية القائمة على جانبي البحر تمثل بدورها عبئًا بيئيًا مضاعفًا، إذ تعتمد على تبخير كميات ضخمة من المياه لاستخلاص الأملاح والمعادن دون وجود أي آليات تعويض مائي أو التزامات بيئية صارمة، وهو ما يفاقم منسوب الفاقد المائي عامًا بعد عام.

وفي سياق متصل، أشار الشوشان إلى أن التغير المناخي أدى إلى ارتفاع معدلات التبخر وانخفاض نسب الهطول المطري، في حين ساهم الضخ المفرط للمياه الجوفية في منطقة الأغوار في تقليص تدفق الينابيع الطبيعية التي كانت تزوّد البحر بمياه عذبة تحفظ له حدًا من الاستقرار.

ونبّه من أن المؤشرات الحالية تنذر بانحسار يتجاوز المتر سنويًا، مترافقٍ مع تشكّل آلاف الحفر الانهدامية الخطرة، ما يهدد المنظومة البيئية الفريدة التي يحتضنها البحر الميت، وكذلك البنى التحتية، والسياحة، والأنشطة الاقتصادية المحيطة، مشيرًا إلى أن الأزمة آخذة في الاتساع ما لم تُتخذ خطوات حاسمة وجماعية على المستويين الوطني والإقليمي.

وشدّد رئيس اتحاد الجمعيات البيئية على أن إنقاذ البحر الميت، ضرورة وجودية وتنموية تفرض نفسها بإلحاح، داعيًا إلى إعادة صياغة منظومة الإدارة المائية الإقليمية بما يضمن توزيعًا عادلًا للموارد المشتركة، وتنظيمًا صارمًا لأنشطة الصناعات الاستخراجية، إلى جانب تبنّي حلول هندسية وبيئية مستدامة تنطلق من فهم شامل للتوازن الطبيعي للنظام البيئي في البحر الميت.

وأردف أن الرهان الحقيقي على مستقبل البحر الميت يكمن في بناء إرادة سياسية جماعية قادرة على تحويل الوعي البيئي إلى التزام استراتيجي، يحفظ آخر ما تبقّى من هذا الإرث الطبيعي والإنساني الفريد.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية