السعودية وأميركا على أعتاب صفقة ضخمة قد تقلب موازين الشرق الأوسط
أثارت تصريحات وزير الداخلية الأمريكي دوغ بورغوم حول المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة والسعودية تفاعلا سياسيا واسع النطاق، خصوصا أنها تزامنت مع الاستعدادات الجارية لزيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن منتصف نوفمبر الجاري.
وقال بورغوم، خلال مشاركته في جلسة حوار المنامة 2025 بالبحرين، إن المحادثات مع الرياض لا تزال مستمرة، متوقعا أن تشهد الأيام المقبلة “نشاطا مكثفا” قبل موعد الزيارة المقررة في الثامن عشر من نوفمبر، مؤكدا أنه يتوقع “إعلانات كبيرة” وربما توقيع اتفاقية نووية استراتيجية خلال لقاء ولي العهد بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
صفقة مرتقبة قد تعيد رسم خريطة الشرق الأوسط
وأكد الوزير الأمريكي أن النقاشات بين البلدين تتعلق بإطار شامل للتعاون النووي السلمي، إلا أن المراقبين اعتبروا أن الاتفاق المرتقب يتجاوز البعد التقني، ليتحول إلى صفقة سياسية وأمنية ضخمة قد تعيد رسم موازين القوى في الشرق الأوسط، خاصة في ظل تصاعد المنافسة مع إيران وتنامي التحالفات الدفاعية في المنطقة.
ويأتي هذا الحراك بعد أيام من توقيع السعودية وباكستان اتفاقية دفاع مشترك، أثارت بدورها تكهنات حول احتمال نقل تكنولوجيا نووية من إسلام آباد إلى الرياض، وهو ما ربطه بعض الخبراء بالسعي السعودي لبناء قدرة ردع استراتيجية في مواجهة التهديدات الإقليمية المتصاعدة.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية أن الاتفاقية مع باكستان تهدف إلى تعزيز الردع المشترك ضد أي اعتداء، وتنص على أن أي هجوم على أحد البلدين يُعتبر اعتداء على كليهما، في تأكيد على عمق العلاقات العسكرية الممتدة منذ أكثر من ثمانية عقود، والمبنية على روابط الأخوة الإسلامية والمصالح الاستراتيجية المشتركة.
ويرى محللون أن هذا الاتفاق يشكل جزءا من منظومة الردع الإقليمي الجديدة التي تعمل الرياض على بنائها بالتوازي مع مشروعها النووي السلمي، لتأمين مظلة دفاعية متعددة الأبعاد تشمل الطاقة، والتقنية، والتحالفات العسكرية.
التحديات أمام الاتفاق النووي السعودي – الأمريكي
رغم الطابع السلمي المعلن للاتفاق النووي المرتقب بين السعودية والولايات المتحدة، إلا أنه يواجه تحديات تقنية وسياسية وأمنية معقدة قد تؤثر على سرعة إنجازه.
ويتمثل أبرز هذه التحديات في ملف تخصيب اليورانيوم داخل الأراضي السعودية، وهو موضوع لم يُحسم بعد. إذ ترى واشنطن أن السماح بالتخصيب المحلي قد يفتح الباب أمام استخدامات غير سلمية للتقنية النووية، بينما تصر الرياض على أن هذا النشاط حق سيادي مشروع يتوافق مع أهدافها في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة النووية السلمية.
التحدي الآخر يتمثل في الضمانات الرقابية الدولية، إذ يتطلب التعاون النووي بين الجانبين التزاما صارما بمعايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتوقيع بروتوكولات إضافية تسمح بإجراء عمليات تفتيش شاملة لضمان الشفافية الكاملة في مراحل المشروع كافة.
وتخشى بعض الأطراف الغربية من أن أي تراخٍ في تطبيق هذه الضوابط قد يثير الشكوك حول نوايا البرنامج النووي السعودي في المستقبل، خصوصا في ظل القلق المتزايد من أن يؤدي التعاون النووي السعودي–الأمريكي إلى إطلاق سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط، في وقت تشهد فيه العلاقات الأمريكية–الإيرانية توترا متصاعدا.
ويرى مراقبون أن الرياض تمضي بخطى واثقة نحو دخول العصر النووي من بوابة التعاون الاستراتيجي مع واشنطن، ضمن رؤية شاملة تهدف إلى تنويع مصادر الطاقة وتعزيز الردع الإقليمي.
ويعتقد خبراء أن زيارة ولي العهد السعودي إلى الولايات المتحدة قد تشهد تحولات محورية في مسار العلاقات الثنائية، خاصة في الملفات النووية والدفاعية والاستثمارية، ما يجعلها واحدة من أهم الزيارات السياسية المنتظرة هذا العام.

