خبير اقتصادي يجد حلًا لأزمة ديون الحكومة
رأى الباحث الاقتصادي جواد مصطفى أن المخرج من مأزق الدين العام لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال إصلاحات هيكلية وتشريعية جذرية تعيد ضبط المنظومة المالية للدولة على أسس من الكفاءة، والمساءلة، والانضباط المالي.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن أحد أبرز الاختلالات في إدارة الدين تكمن في الاقتراض غير المنتج، إذ يُوجَّه جزء كبير من القروض لسد عجز الموازنة الجارية بدل توظيفها في مشروعات استثمارية إنتاجية قادرة على توليد عائد اقتصادي يغطي أصل الدين وفوائده.
وبيّن مصطفى أن هذا النهج، القائم على تدوير الدين لخدمة الإنفاق الجاري، يخلق حلقة مفرغة من العجز والاقتراض المتكرر، ويقود إلى تآكل استقلالية القرار المالي.
ودعا إلى التحرر التدريجي من التعامل مع الديون الربوية، باعتبارها أداة مالية ذات أثر تراكمي خطير يؤدي إلى تضخم الدين العام، ويُضعف قدرة الدولة على إدارة مواردها وفق مبادئ العدالة والاستدامة، مضيفًا أن الاقتراض المشروط بالفائدة المتزايدة هو نوع من الاستنزاف المقنّن الذي يفاقم العبء على الأجيال القادمة ويقوض مفهوم التنمية المستدامة برمّته.
وشدد مصطفى على أن كثيرًا من الحكومات تتحاشى اتخاذ قرارات تقشفية أو إصلاحية غير شعبية، مفضّلةً اللجوء إلى الاقتراض لأسباب سياسية ظرفية، مما يستدعي فرض أطر تشريعية صارمة تضع حدودًا واضحة لنسب الاقتراض، وتربط موافقة المسؤولين على القروض الكبرى بضمانات شخصية وكفالات مالية، بحيث يتحمل صانع القرار جزءًا من تبعات قراراته في حال عجزت الدولة عن السداد.
ونوّه إلى ضرورة إجراء استفتاءات شعبية على القروض السيادية الجديدة، معتبرًا أن إشراك المواطنين في اتخاذ القرارات المالية الكبرى سيُعيد التوازن بين السلطة التنفيذية والرقابة الشعبية، ويُعزز قيم الشفافية والمساءلة في إدارة المال العام.
واستطرد مصطفى قائلًا إن إصلاح ثقافة الاقتراض الحكومي هو المدخل الحقيقي نحو استدامة مالية حقيقية، وأن معالجة أزمة الدين تكمن في إعادة صياغة العلاقة بين الدولة والاقتصاد والمجتمع على أسس من المسؤولية والمصارحة والالتزام بالعائد التنموي لكل دين يُستدان.

