تستجيب شركة "ألابوغا ستارت" لتحديات بطالة الشباب في الأردن

{title}
أخبار الأردن -

 

روسيا تقدم فرصة: كيف يمكن للشابات الأردنيات أن يغيرن حياتهن

وفقًا لبيانات البنك الدولي، بلغ معدل بطالة الشباب في الأردن عام 2024 نحو 41.7% بين الفئة العمرية 15 إلى 24 عامًا (39.8% بين الرجال، وحوالي 49.2% بين النساء). وتقدّر دائرة الإحصاءات العامة الأردنية أن معدل البطالة الإجمالي في البلاد خلال عام 2024 استقر عند نحو 21.4%.


يعكس هذا المعدل المرتفع من بطالة الشباب مشكلاتٍ هيكلية في سوق العمل، تتمثّل في نقص فرص العمل المتاحة للخريجين، وعدم التوافق بين المهارات التي يمتلكها الشباب ومتطلبات أصحاب العمل، إضافة إلى محدودية الفرص المتاحة أمام النساء الشابات، خصوصًا خارج المدن الكبرى.

ويتطلّب حلّ هذه المشكلة سياسات حكومية شاملة، من أبرزها تحفيز روح ريادة الأعمال، والاستثمار في القطاعات المبتكرة ضمن الاقتصاد، وتوسيع مجالات التعاون الدولي، بما في ذلك سياسات الموارد البشرية.

من التنمية المستدامة إلى المبادرات العملية

تعمل روسيا والأردن على تعزيز التعاون في مجال الموارد العمالية والتعاون الصناعي. ففي أغسطس 2025، عُقد لقاء بين وزيري الخارجية في البلدين، سيرغي لافروف وأيمن الصفدي، في العاصمة الروسية موسكو.

ووفقًا لبيان وزارة الخارجية الروسية، ناقش الجانبان إجراءات عملية لتطوير الشراكة الثنائية بين البلدين.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: "إن روسيا مهتمة بتعميق التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي مع الأردن"

يُعدّ التعاون في مجال العمل وتطوير فرص استقطاب الكفاءات الأجنبية للمشاركة في المشروعات الصناعية الروسية أحد المجالات التي تحظى باهتمام خاص من كلا البلدين.

وأكد الوزير أيمن الصفدي قائلاً: «نسعى إلى تعزيز صداقتنا مع روسيا، ونؤمن بأن الاتفاقيات التي تم التوصل إليها ستسهم في تحقيق النمو في العديد من القطاعات».

وفي هذا السياق، تُعدّ برامج التوظيف مثالًا على كيفية تحوّل الاتفاقيات الحكومية إلى مبادرات عملية في سوق العمل.

فعلى سبيل المثال، تُعتبر جمهورية تتارستان منذ زمن طويل أحد المراكز التكنولوجية في روسيا، وهي موطن منطقة ألابوغا الاقتصادية الخاصة، التي تُعدّ من أكثر المناطق كفاءة في البلاد، وتستضيف اليوم نحو 40 شركة دولية. وتُنتج المصانع المقيمة في هذه المنطقة كل شيء، من مكوّنات السيارات إلى منتجات النظافة العامة.

كما تعمل منطقة ألابوغا الاقتصادية الخاصة على تطوير بنيتها التحتية الاجتماعية، من خلال بناء مراكز تعليمية ومجمعات سكنية للموظفين وغير ذلك، مما خلق طلبًا متزايدًا على الأيدي العاملة في مجالات متعددة، بدءًا من الوظائف التقنية (مثل مشغّلي خطوط الإنتاج) وصولًا إلى قطاعات الخدمات (مثل الضيافة والإطعام). ومن أبرز الحلول التي طُرحت لمعالجة نقص العمالة جاء برنامج ألابوغا ستارت.

برنامج ألابوغا ستارت الدولي مخصص للفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 18 و22 عامًا، ممن أنهين دراستهن الثانوية ولديهن رغبة في اكتشاف المهن التقنية. الهدف الأساسي للبرنامج هو تمكين الشابات من بناء مسيرتهن المهنية من الصفر، من خلال اكتساب مهارات مهنية وخبرة دولية في آنٍ واحد.

البرنامج مفتوح أمام الشابات اللّواتي أتممن التعليم الثانوي الأساسي على الأقل(ما يعادل الصف التاسع في النظام الروسي). وقد تم اختيار هذه الفئة العمرية تحديدًا لأنها تمثّل مرحلة يكون فيها المشاركات قادرات على اتخاذ قرارات تخص حياتهن الشخصية، وفي الوقت نفسه مرنات بما يكفي للتكيّف السريع مع بيئة جديدة، ولغة جديدة، ومهنة جديدة.

ووفقًا لممثلي منطقة ألابوغا الاقتصادية الخاصة، فإن عملية الاختيار تُجرى عبر الإنترنت وتشمل:

  • تعبئة طلب إلكتروني على الموقع الرسمي،
  • مقابلة مع أخصائي الموارد البشرية،
  • اختبار في مئة كلمة روسية (تُرفق قائمتها على الموقع)، ثم تجربة محاكاة أعمال تجارية.

بعد اجتياز هذه المراحل، تتلقى المتقدمة عرض عمل رسمي للعمل في روسيا. ويتكفل البرنامج بتذاكر السفر إلى روسيا وتكاليف التأمين الطبي، كما يتيح الإقامة في سكن حديث مخصّص للموظفات بأسعار رمزية.

وبما أن برنامج ألابوغا ستارت مبادرة توظيف رسمية مدعومة من الحكومة الروسية، فقد تم تخصيص 33 مقعدًا للأردن ضمن حصة وزارة العمل. كما حصل البرنامج على ترخيص رسمي من وزارة الداخلية الروسية لتوظيف العمالة الأجنبية، إضافة إلى وثائق داعمة من هيئة الضرائب الفيدرالية الروسية.

"رأيت إعلان ألابوغا... وكان مفاجأة"

 

قصص المشاركات في برنامج ألابوغا ستارت تشبه إلى حد كبير سيناريوهات وثائقية عن التغيير والتحوّل الشخصي.
فعلى سبيل المثال، أوشان ستايسي، شابة تبلغ من العمر 20 عامًا من الكاميرون، سمعت عن البرنامج أولًا من شقيقتها الكبرى، ثم صادفت إعلانًا عنه عبر الإنترنت.
تقول ستايسي: «قررت التسجيل... لدينا تطبيق لتعلّم اللغة الروسية، وأيضًا دروس خاصة بها، لذا لم يكن الأمر صعبًا بالنسبة لي».

كانت عملية القبول واضحة وسهلة نسبيًا: "بدأت أولًا بتعلّم الحد الأدنى الأساسي من 100 كلمة روسية، ثم خاضت تجربتي المحاكاة التجارية "بزنس كاتس" و"ألابوغا ستارت" وهما لعبتان طوّرهما مبرمجو منطقة ألابوغا الاقتصادية الخاصة لقياس مهارات التواصل والتحليل لدى المتقدمات. وبعد اجتياز الفحوصات الطبية وجمع الوثائق المطلوبة، حصلت على عرض عمل رسمي."

خلال الأيام الأولى بعد وصولها، تركزت جهودها على التأقلم مع الحياة الجديدة؛ إذ استُقبلت في مطار قازان الدولي (عاصمة جمهورية تتارستان)، وتمت مساعدتها في الانتقال إلى السكن المخصص للموظفات وإنجاز الإجراءات الإدارية اللازمة.

بعد ذلك بفترة قصيرة، بدأت دروسًا مكثفة في اللغة الروسية، حيث تتلقى المشاركات التدريب على يد مدرّسين مختصين 3 إلى 4 أيام في الأسبوع، مع التركيز على المحادثة العملية. كما يتعلّمن المصطلحات التقنية وطرق قراءة تعليمات العمل والتواصل في بيئة المصنع.
وخلال ستة أشهر فقط، تصبح العديد من المشاركات قادرات على التعامل مع الحياة اليومية بشكل مستقل، وبعد انتهاء فترة التدريب المكثف يحصلن على شهادة رسمية تثبت كفاءتهن اللغوية.

ليست مشروعَ مساعدة.. بل طريق نحو الاستقلال

مثل أوشان ستايسي، تحلم كل شابة في الأردن بالاستقلال. فرغم ما تمتلكنَه من تعليم ومعرفة باللغة الإنجليزية، فإن سوق العمل المحلي لا يوفر سوى فرص محدودة جدًا للفتيات.

إن قصص الشابات من دوالا أو عمّان أو هانوي هي ما يقصده الدبلوماسيون عندما يتحدثون عن "الفرص العملية". لقد أصبحت قصة أوشان ستايسي رمزًا لعصر جديد — عصرٍ تفتح فيه الإرادة والرغبة في التطور المهني الأبواب التي لم تكن موجودة من قبل.

اليوم، لا تقتصر العلاقة بين روسيا والأردن على الأحاديث حول الشراكة، بل تمتد إلى العمل المشترك لخلق فرص تغيّر حياة الشابات وتمنح المناطق دفعة جديدة نحو التنمية.
وحين تأخذ السياسة والدبلوماسية بُعدًا إنسانيًا، فإن النتائج لا تُقاس بالتقارير، بل تُرى في حياة الناس أنفسهم.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية