ما يُطبخ في تل أبيب لن يقتصر على فلسطين!
قال الأستاذ المشارك والباحث المتخصص في الشؤون السياسية والاجتماعية الدكتور علي النظامي، إنّ المشهد الإقليمي الراهن يشهد تحولات معقدة تمسّ عمق النظام الإقليمي العربي وتعيد تشكيل موازين القوة في المنطقة، ضمن إعادة بناء شاملة لمنظومات الأمن والاقتصاد والهوية، في ظل تصاعد التنافس الدولي على النفوذ ومصادر الطاقة والموارد الحيوية.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنّ ما نشهده اليوم من إعادة اصطفاف استراتيجي يعكس انتقال المنطقة من مرحلة إدارة الأزمات إلى مرحلة إعادة إنتاجها وفق مقاربات جديدة تتقاطع فيها المصالح الإقليمية والدولية، وتتداخل فيها الحسابات الأمنية مع الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية.
وأشار النظامي إلى أنّ هذا الواقع المعقد يفرض على الدول العربية أن تتجاوز حالة الترقب وردّ الفعل إلى بناء استجابات استباقية تستند إلى رؤية استراتيجية واضحة المعالم، قادرة على قراءة الاتجاهات الكبرى للتغيير والتعامل معها بمرونة وحكمة.
ونوّه إلى أنّ التحديات الراهنة لم تعد تقف عند حدود الجغرافيا السياسية، إذ امتدت إلى البنية الاجتماعية والثقافية للدول، حيث تتقاطع التحولات التكنولوجية مع الأزمات الاقتصادية والضغوط الديموغرافية لتشكّل مشهدًا مركّبًا يحتاج إلى إدارة واعية تستند إلى مفهوم "الأمن الشامل" الذي يدمج بين أبعاد الأمن السياسي والاقتصادي والاجتماعي والمعرفي.
وأردف قائلًا إنّ النخب السياسية والفكرية أمام مسؤولية تاريخية تقتضي الانتقال من القراءات الانفعالية والاصطفافات الظرفية إلى بناء خطاب استراتيجي يستوعب طبيعة التحولات الدولية الراهنة، ويعيد تعريف الأولويات بما يتسق مع متطلبات السيادة الوطنية واستحقاقات التنمية المستدامة.
وشدّد النظامي على أنّ غياب هذا الخطاب الواعي يفتح المجال أمام قوى غير وطنية لملء الفراغ السياسي والفكري، بما يهدد استقرار الدول ووحدة مجتمعاتها.
وأشار النظامي إلى أنّ المرحلة المقبلة تتطلب مشروعًا عربيًا متجددًا يعيد بناء الثقة بين الدولة والمجتمع، ويؤسس لنهضة قائمة على العدالة المعرفية والاقتصادية، مشيرًا إلى أنّ الرهان الحقيقي يكمن في استعادة دور العقل العربي كفاعلٍ مُنتج للمعرفة لا كمستهلكٍ لها، وإعادة توجيه بوصلة الفعل العربي نحو تحقيق التوازن بين مقتضيات الأمن ومتطلبات التنمية، ضمن إطار من التعاون الإقليمي والتفاهم الاستراتيجي العابر للحدود.

